كيف تهاجر الطيور في الظلام؟

274

الأردن اليوم – بنهاية الشتاء وبدء ذوبان الثلوج من كل عام، تبدأ الطيور مسار هجرتها إلى الشمال. إلا أنها دوما ما تفضل الهجرة ليلا لتتجنب أشعة الشمس الحارة والمفترسات. لكن هل سألت نفسك يوما كيف تستدل تلك الطيور على مسارها في الظلام؟

عوامل خارجية وداخلية
من المعروف أن الطيور المهاجرة تعتمد على المجال المغناطيسي للأرض كبوصلة خارجية تساعدها في التنقل. ويعتقد أن أحد البروتينات الحساسة للضوء والمسماة كريبتوكروم “cryptochrome” هو ما يساعدها على إنجاز تلك المهمة.

وفي دراسة حديثة أجراها باحثون من مركز ساوث ويسترن الطبي بجامعة تكساس بالتعاون مع جامعة ساوثرن ميثوديست نشرت في دورية “بِناس” مطلع الشهر الجاري، تمكن الباحثون من الإجابة عن هذا التساؤل.

يقول بريان زولتوفسكي -أحد الباحثين الرئيسين في الدراسة- الأستاذ في جامعة ساوثرن ميثوديست “لقد وضحنا أن الكريبتومات هي بروتينات فعالة للغاية. إذ يمكنها الإحساس بمستويات الضوء الخافتة. وبالتالي يمكننا فهم كيف تستجيب تلك البروتينات في حالات الإضاءة الخافتة ليلا أثناء هجرتها”.

فتش عن الكريبتومات
توجد تلك الكريبتومات في النباتات والحيوانات، وهي مسؤولة عن إيقاع الساعة البيولوجية في مختلف الكائنات. ففي الطيور ركز العلماء على فهم بروتين كري4 (CRY4)، الذي يعد أحد أنواع الكريبتومات. إذ ركز مختبر جوزيف تاكاهاشي -المتخصص في إيقاعات الساعة البيولوجية في مركز ساوث ويسترن الطبي- على فصل هذا البروتين وفهم تركيبه البلوري. على الجانب الآخر، ركز مختبر زولتوفسكي -المتخصص في دراسة مستقبلات الضوء الأزرق- على إيجاد أية آليات فريدة قد يستخدمها هذا البروتين لأداء وظيفته في ظروف الإضاءة الخافتة.


شكل توضيحي لخطوط المجال المغناطيسي للأرض الذي يعد بوصلة الطيور أثناء هجرتها (بيكسابي)
شكل توضيحي لخطوط المجال المغناطيسي للأرض الذي يعد بوصلة الطيور أثناء هجرتها (بيكسابي)

يقول تاكاهاشي -رئيس علم الأعصاب في مركز ساوث ويسترن والباحث المنتسب لمعهد هوارد هيوز الطبي- في تصريحاته التي نقلها موقع فيز المتخصص بنشر أخبار العلوم “رغم أن النباتات والحشرات لديها كريبتومات حساسة للضوء وبالتالي تستجيب لأشعة الشمس، فإن معظم الفقاريات التي تمت دراستها تمتلك كريبتومات غير فعالة تجاه الضوء. وبالتالي فإن قدرة وإمكانية استجابة بروتين كري4 للضوء وتأثره بالمجال المغناطيسي للأرض يجعله أحد الكريبتومات المثيرة للاهتمام”.

فصل الباحثون بروتين كري4 من طيور الحمام. ثم شكلت بلورات من البروتين، ثم عرضت للأشعة السينية بشكل يمكن العلماء من رسم التركيب الذري المكون لهذا البروتين. وبذلك حصل العلماء على أول تركيب ذري لجزيء كريبتوكروم مستجيب للضوء.

ورغم أن الحمام يعد من الطيور غير المهاجرة، فإن العلماء لاحظوا التشابه الكبير في البنية الذرية لبروتينات كري4.

آلية الهجرة في الظلام
اكتشف الباحثون تغيرات استثنائية في المناطق الرئيسة لبنية البروتين التي تعزز من قدرة هذه الطيور على جمع الضوء من البيئة المحيطة بها.

يشرح زولتوفسكي هذه الآلية قائلا “تعمل هذه الكريبتومات على امتصاص فوتون الضوء، الذي يتسبب بدوره في انتقال إلكترون خلال سلسلة من الأحماض الأمينية. بحيث تحوي هذه الأحماض الأمينية على ثلاثة أو أربعة مواقع تعمل كسلك ناقل لتلك الإلكترونات. وقد تمكنا من التعرف على خمسة مواقع في الحمام”.

تلك الطفرة الموجودة في الحمام تجعل الكريبتومات تحوي من الضوء ما يزيد على حاجتها لتصبح منشطة، فيقل اعتمادها على بيئتها المحيطة في تحصيل الضوء. ومن ثم فقد أضافت هذه الميزة التطورية قدرا من الكفاءة للطيور. إذ جعلتها أقل اعتمادا على الضوء المتاح في البيئة المحيطة بها، إن كانت بالفعل تملك من الإشارات الداخلية ما يكفي لهجرتها”.

وتعقيبا على تلك النتائج يقول زولتوفسكي “البنى التركيبية التي حصلنا عليها تمكننا من فهم الوظيفة التي تقوم بها تلك التراكيب الذرية، وكيف يمكنها استخدام الضوء الأزرق في تحسس خطوط المجال المغناطيسي”.

ويضيف “يوفر التركيب الذري مزيدا من التفاصيل الذرية المهمة لفهم كيفية عمل هذه البروتينات، وبالتالي تفتح الباب لدراسات أكثر تفصيلا عن الكريبتومات في الكائنات المهاجرة”.

المصدر : مواقع إلكترونية

اترك رد