جرش: كورونا تحرم آلاف الأسر الريفية من تسويق منتجاتها

توقفت مشاريع الأسر الريفية المنتجة ذات الدخل المحدود، والتي كانت تعتمد عليها آلاف الأسر في جرش، في توفير مصادر رزق ثابتة، لا سيما بعد إلغاء مهرجانات جرش المتعددة وتوقف الحركة السياحية الخارجية ومنع إقامة المناسبات والتجمعات بمختلف أشكالها، في اطار مكافحة فيروس كورونا.
وكانت هذه الأسر، تعتمد سنويا على المهرجانات والحركة السياحية في المواقع الأثرية والمسارات السياحية، في تسويق منتجاتها الغذائية ومختلف أشكال الضيافة للمناسبات الاجتماعية، التي ألغيت وما تزال ممنوعة لغاية الآن.

وتنتج هذه الأسر المربيات والمخللات والأعشاب الطبية ومشتقات الألبان، وولائم المناسبات، بالإضافة الى المشغولات اليدوية والصابون بمختلف انواعه.
بدورها قالت المنتجة جومانا الكردي وهي تعمل في صناعة الصابون ومنتوجات العناية بالبشرة، أنها تمتهن هذه الصناعة منذ أكثر من 6 سنوات، مشيرة الى انها تعتبر مصدر دخل مهما وحيويا لأسرتها التي يبلغ تعدادها 7 أفراد معظمهم على مقاعد الدراسة الجامعية.
وتقول انها كانت تسوق منتجها في المهرجانات التي كانت تقام سنويا في محافظة جرش والفعاليات والنشطات الثقافية المتنوعة، فضلا عن تسويقها داخل السوق الحرفي في الموقع الأثري.
وقالت أن عملها شبه متوقف حاليا، باستثناء بيع كميات محدودة جدا لا تتجاوز بضعة دنانير شهريا لسكان العمارة التي تقطنها وسط مدينة جرش، بينما لم يكن دخلها الشهري يقل عن 300 دينار قبل جائحة كورونا، مشيرة الى انها كانت تشغل أيدي عاملة لمساعدتها على إنتاج الكميات الكبيرة، التي كانت تطلب منها بشكل يومي وخاصة في المناسبات والمهرجانات.
من جانبها اوضحت رئيسة جمعية سيدات ساكب الريفية وعضو مجلس محافظة جرش دلال قردن، أن الجمعية كانت تشغل عشرات السيدات في المشاريع الإنتاجية وتسويقها، من خلال الفعاليات المتعددة في محافظة جرش فضلا عن المطابخ الإنتاجية، التي كانت توفر عملا لعشرات السيدات من عضوات الجمعية، مشيرة إلى أن معظم عمل الجمعية كان في المناسبات الاجتماعية والمهرجانات ولزوار المواقع الأثرية، غير ان جميع هذه الأعمال توقفت خلال أزمة كورونا.
وبينت ان العديد من الأسر كانت تعمل ايضا في مجال إنتاج الأعشاب الطبية، غير انه توقف إنتاجها ايضا لعدم توفر أسواق لها، سيما وان المجتمع المحلي غالبا ما يوفر هذه المنتوجات من خلال أراضيهم الزراعية، التي تنمو فيها الأعشاب الطبية بمختلف انواعها، ولا حاجة لهم بشرائها من السيدات المنتجات لها.
وأكدت قردن، أن عمل هذه الأسر سيبقى متوقفا حتى تتحسن السياحة وتعود المهرجانات التسويقية والمناسبات والسياحة الخارجية، خاصة وأن هذه الفعاليات التي ألغيت كانت مصادر رزق مناسبة للأسر ذات الدخل المحدود والتي يعتمد عملها على السيدات المنتجات بشكل خاص.

إلى ذلك قالت المنتجة مريم الحوامدة، أن عملها في صناعة الملابس التراثية متوقف منذ توقف الحركة السياحية قبل 3 اشهر، مشيرة إلى أن تسويق منتوجاتها كانت في السوق الحرفي، وخاصة لزوار الموقع من الدول الأوروبية والعربية وخلال المهرجانات التي كانت تشكل فرصة تسويقية كبيرة لسيدات جرش، بالاضافة الى المناسبات الوطنية والفعاليات الثقافية التي كانت دائما تحتوي على زوايا لعرض المنتجات والتي كانت تلقى رواجا كبيرا بين مختلف الفئات.
وتعتقد أن توقف هذه المشاريع خلق أزمة مالية لدى المئات من الأسر، التي كانت تعتمد عليها، خاصة وانها مهنة تحمل تراث وثقافة وحضارة مدينة من أكبر المدن الأثرية على مستوى العالم، ومنها مهن متوارثة عن الأجداد ولا يتقن أصحابها أي مهنة أخرى.

يشار إلى أن الحركة السياحية في مدينة جرش ما زالت شبه معدمومة، على الرغم من السماح بالسياحة الداخلية والتنقل بين المحافظات، نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة التي يعانيها المواطنون في ظل ازمة كورونا، فضلا عن توقف العمل بالمسارات السياحية التي كانت تشغل المئات من الأيدي العاملة من ابناء المجتمع المحلي، من خلال تقديم خدمات الطعام والشراب والمبيت وتسويق المنتوجات الحرفية والريفيفة والغذائية.
بدوره، قال رئيس اتحاد الجمعيات الخيرية في جرش محمود الحراحشة، أن معظم الجمعيات الخيرية في محافظة جرش يعتمد تشغيلها على الأسر المنتجة، والتي تعمل فيها السيدات في الصناعات الغذائية والحرفية والمهنية بمختلف أشكالها، والاهم من هذه المهن هو تسويقها.
وقال الحراحشة ان فرص التسويق سابقا تعد مناسبة في جرش، وتتمثل في المهرجانات المتعددة مثل المهرجانات الزراعية
والثقافية والتراثية، فضلا عن الفعاليات التي كانت تقام سنويا داخل الموقع الأثري.
ويرى أن عمل السيدات المنتجات سيبقى متوقفا لحين السماح للسياحة الخارجية بالدخول الى المملكة، أو السماح بالتجمعات والمهرجانات، مشيرا إلى أن هذه القرارات ما زالت بحاجة إلى العديد من الأشهر لضمان صحة وسلامة المواطنين، لا سيما وان هذه المشاريع البسيطة في مضمونها كانت مصادر دخل ثابتة للأسر ذات الدخل المحدود وكانت تشجع عمل السيدات وتوفر فرص عمل لأبناء المجتمع المحلي.