فايز الفايز
ذهبت أشهر «ربيع كورونا» بما حملت من
قيود وإغلاقات شلّت دوام المدارس
والجامعات بشكل عام إلى سبيلها، وتقترب
من العائلات أشهر حاسمة فيما يتعلق
بتسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة على
جميع مستوياتهم ومستويات المدارس من
الأقل ترتيبا وحتى مدارس السبع نجوم،
فيما غالبية العائلات لم تستطع تدبير
شؤونها المالية المنزلية فضلا عن مبلغ
سداد ما ترتب عليها من أٌقساط المدارس
التي دخلت في عطلة طويلة، ومع هذا
فكثير من الشكاوى تصلنا تتعلق بعدم
استجابة كثير من المدارس لمطالب الأهالي
بخصم فترة التعطل، ورغم إثارة هذه القضية عبر البث التلفزيوني لم تكن الإجابات
سوى تطاول من قبل المعني بهذا الملف. السؤال البديهي الذي تعلمه الكثير من
الذين أنعمت عليهم سياسة الحكومات بتوفير مدارس حكومية ممتازة، هو: من يريد
الدراسة الخاصة فليتحمل رسومها، هذا سؤال تفسيري غير جيد، فعندما توفر
الحكومة المدارس النموذجية للأطراف والقرى وحتى الأحياء الرفيعة في العاصمة عمان،
سيستغني الأهل عن تسجيل أبنائهم في مدارس خاصة لأن النقص الحاد في
المدارس والغرف الصفية والنوعية الأكاديمية في القطاع العام خلال السنوات الماضية
م يعد مرضيا في ظل طوفان التعليم المتقدم والذي لم يواكبه كثير من المعلمين
في القطاع العام.
عندما كان الدكتور محمد الذنيبات وزيرا للتربية والتعليم أجرى العديد من التغييرات
في مضمون العملية التعليمية إلى الأفضل، وهو من أعاد الهيبة للدولة بفضل إعادة
الهيبة إلى امتحان «التوجيهي»، وطرد كل الطحالب الضارة المتعلقة بجدران المدارس
الفوضوية، وبنى سدا منيعا لمنع الجهلة من أخذ حصة المثابرين والمجتهدين الذين
فازوا بعلامات «إسحب واربح» نافسوا فيها عمالقة الطلبة المتفوقين وحرموا الطالب
المبرّز والمجتهد من مقعد جامعي، وكانت للوزير الذنيبات فكرة رائعة لمساعدة طلبة
الطبقة الوسطى معيشيا آنذاك وما دونها، ولكن المخطط لم ينجح بعد أن قرر رئيس
الوزراء هاني الملقي يوما ما أن يخرج عملاقي الحكومة محمد الذنيبات وسلامة حماد.
الفكرة ممتازة وسهلة ممتنعة وتعيد بناء المدارس الحكومية على نظام حيوي جديد
ينافس أمهات المدارس الخاصة التي تستنزف آلاف الدنانير سنويا من جيوب الآباء
والأمهات، حيث دفع لإنشاء مدارس حكومية هجينة، عامة بنظام خاص، يدخلها الطلبة
برسوم أقل من رسوم المدارس الخاصة العادية، بما لا يتجاوز القسط سبعمائة دينار
سنويا، وتكون طواقم التدريس من معلمي الوزارة براتب أعلى من المدارس التقليدية،
ما يحقق العدالة للمعلم والفائدة للطالب، فهل هذا صعب لإعادة طرح الفكرة؟
عدد قليل من المدارس العريقة هي التي تفاعلت وقدمت خصومات عن الفصل
الدراسي الثاني، ومنها من ينتظر قرار الإدارات، وغالبية تلك المدارس ترتبط بتراث
تدريسي ممتد فإداراتها في عمان ومدارسها في المحافظات ولم تقطع العلاقة مع
طلبتهم فترة الحظر، ولكن الأغلبية لا يزالون يصرون على تدفيع الناس كامل أقساط
الفصلين، مشترطين دفعها قبل التسجيل للعام الدراسي القادم، ومن المؤكد أن
الكثير من المواطنين سيحولون أبناءهم إلى مدارس حكومية، ولكن هل تستوعب
مدارسنا إن وجدت ذلك العدد الذي سيهرب من نار الخاص إلى بيروقراطية العام، على
الحكومة أن تصدر قرارها فيما يتعلق بدفع أقساط المدارس في ظل أوامر الدفاع التي
جمدّت رواتب الكثير من موظفي القطاع الخاص، وأن تتوقف عن دفع الناس لكراهية
التعليمات والكفر بها، فالعدالة يجب أن تراعي أوضاع الناس كلهم، لا من تراهم بعين
الداعم والمدعوم عالي الشأن، وإن تصدر أمرها بتنظيم خصومات الفصل الذي رحل
دون أدنى تكلفة تشغيلية لمدارس النخبة السعيدة.