بمناسبة اليوم العالمي للأرامل، الذي يصادف في الثالث والعشرين من حزيران لكل عام، اختير له عنوان: “نساء خفيات ومشاكل خفية”، أن حاجة الأرملة للدعم النفسي والاجتماعي بدأت تتزايد لا سيما في ظل أزمة كورونا، نتيجة للإغلاق الاقتصادي، وصعوبة التواصل وفقا لتبعات الحظر بالفترة السابقة.
وبلغ عدد الأرامل نحو 252 ألف أرملة، فيما ارتفعت نسبة الأسر التي ترأسها النساء إلى نحو 14.1 بالمئة حيث يرأسن أكثر من 308 آلاف أسرة، من أصل 2.190 مليون أسرة في الأردن، وفقاً للأرقام الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة للعام 2019.
ورجحت الجمعية العامة للأمم المتحدة، ارتفاع عدد الأرامل في ظل الجائحة، مشيرة إلى أن إحصائياتها الحالية تشير إلى وجود زهاء 258 مليون أرملة في مختلف العالم، ويعيش عشرهن في فقر مدقع.
ووفقاً لصندوق المعونة الوطنية، فإن مجموع الأرامل اللاتي يتلقين المعونة لغاية الآن، بلغ نحو 18706، بمعونة شهرية إجمالية تقارب مليوني دينار.
وأشار الأمين العام للجمعية العامة للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في رسالته اليوم على الموقع الإلكتروني، إلى أن الأزمة تزيد من الصعوبات الاقتصادية على الأرملة في إعالتها لنفسها وأسرتها، داعيا الى ضمان توافر الحماية الاجتماعية، وإيجاد قاعدة بيانات لهن مصنفة حسب السن ونوع الجنس، لضمان حصرهن ودعمهن.
وأوضحت الرئيس التنفيذي لجمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” المحامية أسمى خضر، أن الاوضاع الاقتصادية للارملة تأثرت خلال الجائحة، في ظل انخفاض تحويلات المغتربين، إذا ما علمنا أن ما يقارب 50 بالمئة من دخل الأسر التي ترأسها نساء يعتمدن في معيشتهن على هذه التحويلات إضافة إلى المساعدات المالية من الأقارب، مما يدفع بالعديد منهن إلى دائرة الفقر خاصة الذين يعيشون في المناطق الريفية.
وأشارت بيانات البنك المركزي الأخيرة، إلى انخفاض تحويلات المغتربين، إلى ما يقارب 6 بالمئة، وبنحو 50 مليون دينار لنهاية الثلث الأول لتسجل 800 مليون دينار مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.
وقالت خضر إنه بالرغم من تعلم البعض منهن، إلا أن فرصة انخراطهن بالعمل قد تكون ضئيلة، نتيجة للعمر المتقدم لدى الكثير منهن، إضافة إلى التطورات التكنولوجية المستمرة في العمل التي قد لا تستطيع مواكبتها، فيما أن النظرة الاجتماعية قد تحدها من الحركة والعمل بتسخير نفسها للبيت وتربية الأولاد.
وعادت خضر للتأكيد على أهمية شمول النساء في برامج التأمينات الإجتماعية و الضمان الاجتماعي، مما يخفف عليهن الكثير من الأعباء، داعية إلى رفع الوعي لدى الأرامل بحقوقهن القانونية، بما فيها الحصول على معونتها الوطنية وعلى استحقاقاتها من الضمان الاجتماعي، وبكيفية التسجيل في المنصات الإلكترونية للحصول على المعونات والخدمات المتاحة لهن.
من جهتها، بينت رئيس جمعية الأمل للتنمية الاجتماعية أمل أبو حطب، أنه في ظل الجائحة ازداد عدد النساء الأرامل اللاتي يحتجن لمعونة للضعف، مشيرة إلى أن الجمعيات قد توفر لهن معونة أقلها 25 ديناراً وأكثرها 100 دينار، فيما أن ذلك لا يكفيها لتأمين مصاريفها السكنية والمعيشية والتعليمية لأولادها، فيضطرها الأمر إلى طلب المعونة من أكثر من جمعية خيرية.
وقالت الأستاذ المشارك في الإرشاد النفسي والتربوي في الجامعة الهاشمية الدكتورة سعاد غيث، إن فئة الأرامل، تعتبر من أكثر الفئات المهمشة، وهي بحاجة إلى دعم أكبر اجتماعيا ونفسيا واقتصاديا، وبخاصة في ظل الأزمات.
وأشارت إلى نتائج دراسة أعدتها مع عدد من المشاركين بعنوان “الدعم الاجتماعي المدرك بين الأرامل في الأردن”، والتي بينت أن الأرامل يحصلن على الدعم الاجتماعي بشكل متوسط مما يعني ان ذلك ليس مرضيا لهن، إضافة إلى فروق في درجة الدعم الاجتماعي تبعا لمتغيرات عدد سنوات الترمل وعدد الأبناء ومراحلهم العمرية، ونوع التعليم.
وأضافت أن نتائج الدراسة نوهت الى أن الدعم الاجتماعي للأرامل المقدم من الأصدقاء في المدن والأرياف والقرى أعلى من البادية، وجاء هذا الدعم من قبل “الآخرين المهمين” المؤثرين على حياتهم كالجيران وزملاء العمل في المرتبة الأولى، وفي المرتبة الثانية جاء الدعم الاجتماعي المقدم من العائلة، سواء عائلة الزوج الراحل أو أسرة الزوجة، وجاء الدعم الاجتماعي من الأصدقاء في المرتبة الأخيرة كمصدر من مصادر دعم الأرامل.
من جهته، قال أستاذ علم النفس في الجامعة الأردنية الدكتور فراس حبيس، إن من أهم ما تحتاجه المرأة هو الحصول على الدعم النفسي، وبخاصة أثناء أزمة كورونا، إضافة إلى حاجتها للدعم الاجتماعي والاقتصادي.
وبين أن ذلك الدعم يعزز من مكانتها وقيمتها الذاتية، فالسؤال عنها وعن احتياجاتها في ظل التباعد الاجتماعي يشعرها بالأمان، ويخفف عنها ضغوطاتها النفسية والاجتماعية، ويعينها على تحمل مسؤولياتها المختلفة.