مكرم أحمد الطراونة
يمنح الأردنيون مساحة كبيرة من نقاشاتهم لبحث مصير حكومة الدكتور عمر الرزاز بين التعديل أو التغيير، أو إن كان مجلس النواب باقيا بعد التمديد له أم أنه راحل في القريب العاجل. المواطنون اعتادوا الغوص في التوقعات والتمنيات عندما يتعلق الأمر بمستقبل السلطتين، التنفيذية والتشريعية، وكلهم أمل بأن القادم أفضل.
لم يعتد الأردنيون على تقبل أي رئيس حكومة، كما لم يقتنعوا بصدق مجالس النواب واستقلاليتها، وغالبيتهم تتمنى اليوم زوال هاتين السلطتين في أسرع وقت ممكن، لاعتبارات كثيرة، لعل أبرزها الشعور بالخذلان الكبير بسبب فشل الحكومات والنواب في تحقيق ما يطمح إليه المواطن، إضافة إلى أن هاتين المؤسستين لم تتمكنا من إحداث خرق يذكر في ملف الإصلاح الاقتصادي والسياسي والتشريعي المأمول.
ووسط انشغال مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي بتحديد هوية الرئيس القادم (إن كانت هناك نية لإجراء تغيير حكومي)، أو بحثهم عن إجابة بشأن إجراء انتخابات نيابية هذا العام أم لا، تبقى الأمور مبهمة على الصعيد الرسمي. الصمت سيد المشهد السياسي في المملكة.
لماذا تتأخر الدولة في حسم مصير حكومة الرزاز، ومجلس النواب؟.
هناك من يعتقد أن وجود ملفات عالقة لم تجد الدولة حلا لها حتى اليوم أحد أسباب هذا التأخير، فأزمة جائحة كورونا ما تزال تحوم بالأجواء، وهاجس الموجة الثانية لا يمكن إخفاؤه، والخوف من الانفتاح على العالم الخارجي مع أهميته البالغة يسيطر على القرارات المتخذة أو المزمع اتخاذها. كما أن الوضع الاقتصادي لم يكن في يوم من الايام أصعب مما هو عليه اليوم في ظل ارتفاع الدين العام، وعجز الموازنة، وضعف المساعدات والمنح الخارجية، ناهيك عن أن جني ثمار التوجه بقوة نحو الصناعة والسياحة والزراعة يحتاج إلى وقت طويل، إذا ما بدأنا به سريعا، وبطريقة صحيحة وإرادة حقيقية.
هذا على الصعيد الداخلي، أما خارجيا فإن إصرار دولة الاحتلال على المضي قدما بضم أجزاء من أراضي الضفة الغربية لم يمنح الأردن فرصة للعمل على إعادة ترتيب أوراقه بشأن مصير كل من الحكومة والنواب.
ضبابية المشهد لا تمنحنا رؤية كافية للمضي بالطريق، فالدولة أمام نقيضين؛ ففيما يتعلق بالحكومة هناك من يطالب برئيس وزراء يمزج بين السياسة والرؤية الاقتصادية، ليكون قادرا على التعامل مع قضية الضم والتحديات الاقتصادية في آن واحد، مع الإبقاء على عدد كبير من الفريق الحكومي في شقيه؛ الصحي والاقتصادي لاستكمال معركة وباء كورونا والأزمة المالية. هؤلاء لا يؤيدون فكرة أن تكون مهمة رئيس الوزراء المقبل محصورة في إجراء الانتخابات فقط، ويعتقدون ان تعدد العواصف التي تقترب منا تحتاج إلى أكثر من ذلك.
فريق آخر يرى أن بقاء الدكتور الرزاز ضرورة لاستكمال ما بدأ به، حتى لا تتشابك التوجهات والسياسات العامة مع قدوم وافد جديد للدوار الرابع، لكن هذا الرأي يصطدم بسؤال: هل نحن دولة مؤسسات أم دولة أفراد؟.
أما بخصوص البرلمان، فصحيح أن النواب مقارنة بنظرائهم في الغرب على سبيل المثال غابوا كليا عن مشهد كورونا، وفشلوا أيما فشل، حيث لم نسمع عنهم أو منهم شيئا إلا عندما تمت مخالفة بعضهم لخرقهم الحظر، إلا أن هناك من يعتقد أن الدولة بحاجة إليهم على الصعيد السياسي، وتحديدا فيما يتعلق بملف الضم، فلربما يشكلون صوتا داخليا مؤثرا بالتماشي مع الأصوات الشعبية والنقابية والحزبية.
لا إجابة على سؤال: ما هو الأنسب الآن؛ إبقاء الوضع كما هو، أم إحداث تغييرات في السلطتين التنفيذية والتشريعية؟. أما المواطن ورغم فضوله الذي يعبر عنه بالبحث المتواصل عن هوية المرحلة المقبلة، إلا أن تغيير هوية الرئيس وفريقه الحكومي، وتبدل أسماء الجالسين على المقاعد النيابية لن يشكل فارقا كبيرا بالنسبة له، فكل الوجوه التي تغيرت سابقا لم يثبت أنها أحدثت نقلة نوعية في منظومة العمل الأردنية.