يقول “أبو خالد” في رسالة بعثها على بريدي الاليكتروني ، انه توجه قبل أيام لزيارة أحد أقاربه في المستشفى، وعندما سأل الاستعلامات عن قسم جراحة الرجال ، تم إرشاده إلى رقم الطابق ومكان المصعد..تاه أبو خالد قليلاً بين الممرات ..ثم استدلّ على القسم مدققاً برقم الغرف وأسماء المرضى المكتوبة على لوحات الأبواب..طرق الباب بخفّة ، دخل الغرفة ذات السريرين ..سلم على مريضه المتعافى وبدأ يسأله عن حاله وأحواله ومدى تحسّنه..وما إن بدأ معتذراً عن تأخره بالزيارة ، حتى انطلق صراخ وصياح وولولة من السرير القريب..كانت الستارة مفتوحة من الجهة المقابلة ، نظر أبو خالد إلى المريض المجاور علّه يحتاج إلى مساعدة أو على الأقل لكلمات تخفف عنه كلمات التصبر والمواساة…ليجده في حالة سجود على السرير ..رأسه مغموس تماماً في المخدة ومؤخرته مرتفعه إلى أعلى يضع يديه على أذنيه ويصيح بكل ما أوتي من قوة ..آآآآآخ يا أذاني..يا الله يا أذاني…مشان الله أذاني…ولم يستمر صراخه الذي ملأ القسم سوى ثوانٍ معدودة ، حتى دخل أحد الممرضين الغرفة يرتدي قفازات مطاطية شفافة ويخرج من جيبة إبرة ، أغلق الستارة على المريض المتوجّع ..وبدأ حواراً لطيفاً بين المريض والممرض ..”لف شوي..ع جنبك..ها….بس..أيوه…خليك هيك”…على ما يبدو قد أعطاه حقنة مسكنة..
خفت صوت المريض شيئاً فشيئاً وتحوّل الصراخ إلى أنين ناعم..وعندما شعرت أن وجعه سكن قليلاً سحبت خيط الستارة واقتربت منه سائلاً:
– سلامتك خالي..خير شو مالك!
– المريض: تفاقيد الله رحمة..
– ابو خالد: عامل عملية لأذانك؟
– المريض: لا والله..
– ابو خالد: طيب أذانك بوجعوك اشي..
– المريض: لا والله أذاني ما فيهم بلا..
– ابو خالد: سمعتك بتصيح منهم ؟؟
– المريض: سويت عملية باسور حيشاك!!
– ابو خالد: لعاد لويش بتصيّح..آآآخ يا أذاني!..
– فنظر اليه بنصف عين وقال له: لعاد ولك شو أقول؟؟؟
**
وضعنا تماماً مثل هذا الرجل “المبوصر”…بنصيح من وجع الحكومة لأنه مش قادرين نصيح من وجع غيرها…
الكاتب احمد حسن الزعبي