جميل النمري: سيناريو بديل كليًا

انقلبت الأمور رأسا على عقب هذه الأسبوع. وبعد تناقل معلومات عن قرار وشيك جدا نهاية الأسبوع الفائت بحلّ مجلس النواب وتكليف شخصية بعينها تشكيل الحكومة عاد تداول معلومات قاطعة أن الحكومة باقية ومعها مجلس النواب حتى نهاية ولايته الدستورية في أيلول.

على هذا يعود النقاش المرتبك حول السيناريوهات المحتملة حيث تختلط وتتداخل الاعتبارات السياسية والدستورية والعملية. فوفقا للمدد الاجرائية الضرورية يفترض ان تصدر الارادة الملكية بإجراء الانتخابات خلال هذا الشهر تموز اذا اريد للانتخابات أن تجري بين شهري تشرين الأول وتشرين الثاني القادم ودون حل مجلس النواب. لكن ثمّة وجهة نظر وازنة – يرفعها البعض الى مستوى العرف الدستوري – بعدم جواز الذهاب لحملة انتخابية بوجود المجلس الحالي ونوابه المرشحين للانتخابات. ومراعاة هذا الاعتبار يوجب ان يتم حلّ المجلس في اي وقت قبل بدء الحملة الانتخابية لكن ذلك يوجب ايضا رحيل الحكومة وهنا نعود الى المربع الأول.

الأسبوع الفائت كنّا نناقش على قناة المملكة مختلف السيناريوهات وذهبنا الى ترجيح سيناريو حلّ المجلس ورحيل الحكومة بناء على المعلومات المتوفرة. ولعل دوائر القرار تتوزع على مختلف وجهات النظر والمحصلة تقترب حينا من هذا السيناريو أو ذاك دون حسم ولا بدّ أن التجاذب في وجهات النظر يتأثر ايضا بالآراء المتباينة حول المسار المحتمل للوباء.

تضارب المعطيات حول رحيل وتشكيل الحكومات ليس جديدا بل هو من سمات الحياة السياسية الأردنية، وتحضرني القصّة الطريفة لرحيل أول حكومة في عهد جلالة الملك عبدلله الثاني حين خرجت صحيفة العرب اليوم ذات صباح بمانشيت على عرض الصفحة الأولى ينفي وجود تغيير حكومي ويؤكد بقاء حكومة الروابدة بينما خرجت الرأي بمانشيت مماثل على الصفحة الأولى يعلن تكليف م. علي أبو الراغب بحكومة جديدة. وثبت في نفس اليوم خطأ العرب اليوم ولم يكن ذنبها فقد كنت شاهدا على اتصال مع مرجعية عليا أكدت عدم صحة الأخبار عن تغيير حكومي.

ليس كثيرا – الى الأمام قليلا – أن يظهر توجه جديد كليا بتأجيل البت بالقرار وفتح حوار وطني لإنشاء مشاركة عامّة يتحمل عبرها جميع المواطنين المسؤولية كما تحدث عن ذلك دولة رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز. فالتحدي الاقتصادي والمعيشي قد يكون أخطر من كل التوقعات، والتقديرات ان يفوق العجز اي سنة سابقة. ولن تتمكن أذكى وأفضل القرارات الاقتصادية من تلافي الانكماش وانقاذ مستوى المعيشة في المدى المنظور وفي هذه الحالة لا بدّ من تعبئة سياسية ومشاركة اجتماعية مختلفة بما يعنيه ذلك من تجديد الأدوات والآليات بما في النيابة والانتخابات. وقد يكون الحل بتشكيل هيئة عليا أو كما سمّاها دولة الرئيس الأسبق عبد الكريم الكباريتي «لجنة الشريط الأزرق» تبحث بتواصل حميم مع كل القوى والفعاليات في البلد استراتيجية شاملة للمرحلة المقبلة.