أكّد جلالة الملك عبدالله الثاني أن “الإنسان أغلى ما نملك” هي أولوية استراتيجية القيادة الأردنية، معرباً، في الوقت ذاته، عن اعتزازه بالشعب الأردني على التزامه خلال جائحة كورونا.
وقال جلالة الملك، خلال لقائه وجهاء وشخصيات من محافظات عدّة في قصر الحسينية اليوم الأحد، ضمن سلسلة لقاءات يعقدها جلالته، “كل الشكر والتقدير لشعبنا، لقد كانت استراتيجيتنا خلال الأزمة مبنية على ما تحدّث به جلالة سيدنا الله يرحمه أن الإنسان أغلى ما نملك، فهذه أولوية استراتيجية القيادة الأردنية”.
وأضاف جلالته أننا نجحنا في التعامل مع فيروس كورونا، والذي هو اليوم تحت السيطرة في الأردن، ولكن مثل كل دول العالم دفعنا ثمناً اقتصادياً، وعليه آن الأوان للتركيز بأقصى سرعة على الوضع الاقتصادي.
ولفت جلالة الملك إلى أن أكبر تحد أمامنا يتمثل في الوضع الاقتصادي والفقر والبطالة، مشيراً إلى أن الأردنيين سيخرجون أقوى عند المقارنة مع دول الإقليم فيما يتعلق بآثار أزمة كورونا.
وعبّر جلالته عن اعتقاده بأن الإنتاج الأردني في قطاع الأدوية والمستلزمات الطبية والزراعة المتطورة بما فيها الصناعات الغذائية سيتميز عن باقي الدول، مشيراً إلى أهمية التركيز على القطاع الزراعي للتخفيف من البطالة، وقال “هنالك تعاون وتنسيق بين الحكومة وبين القوات المسلحة في هذا المجال”.
وشدد جلالة الملك على أهمية التنسيق بين الجهات الرسمية المختلفة وبين القطاع الخاص، للوصول إلى نتائج حقيقية فيما يتعلق بالإنتاج الزراعي والصناعي، حيث نسير بقوة في هذا المجال.
وفيما يتعلق بالترويج للأردن سياحياً، أكد جلالة الملك أهميّة السياحة وتأثيرها على الاقتصاد الوطني، لكن أي قرار يتعلق بالانفتاح يتطلب التروي ودراسته بشكل جيد.
وقال جلالته إن الأردن سيفحص تجربته في التعامل مع سياحة الأفلام والسياحة العلاجية قبل التوسع في استقبال سياح أكثر، لكي يتأكد أنه لا توجد هنالك مشاكل مرتبطة بانتشار الفيروس.
وأشار جلالة الملك إلى أهميّة السياحة الدينية، وضرورة تعزيز السياحة في المحافظات.
وفيما يتعلق بالإقليم، أكّد جلالته أن المملكة تمتلك علاقة قوية مع الجميع، لافتاً إلى دور الأردن في أثناء جائحة كورونا، حيث أسهم بتعزيز الكوادر الطبية لدى بعض الدول الشقيقة.
وشدد جلالة الملك على موقف الأردن الواضح والثابت تجاه القضية الفلسطينية، لافتاً إلى التواصل الذي أجراه مع قيادات أوروبية وأمريكية لبحث آخر التطورات، منها اجتماعات مع أعضاء بالكونغرس الأمريكي.
بدوره، أكد رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز أن الحكومة وبتوجيهات من جلالة الملك تعمل على دعم بعض القطاعات الواعدة التي أصبحت فرص نموها كبيرة نتيجة أزمة كورونا، منها التصنيع الغذائي المرتبط بالقطاع الزراعي والتصنيع الدوائي والمستلزمات الطبية.
وأوضح الرزاز أن العديد من شركات الألبسة تمكنت خلال أسابيع فقط من تغيير خطوط الإنتاج لديها لإنتاج الكمامات الطبية والبدء بالتصدير، وهناك مجال لإضافة مكملات غذائية ومنتجات تجميلية.
وبين أن الزراعة تعدّ من أهم القطاعات التي أثبتت حضورها وقدرتها على الإنتاج، سيما خلال فترة جائحة كورونا، لافتاً الى أن الحاجة برزت إلى إيجاد شركة تساعد في مدخلات الإنتاج وتسويق مخرجاته داخلياً وخارجياً، خصوصاً لصغار المزارعين.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الحكومة تعمل على تعديل تشريعات الضمان الاجتماعي والعمل ليتم إشراك العمالة في القطاع الزراعي في مظلة الضمان الاجتماعي، وهذا سيساعد في إحلال العمالة المحلية بدلاً من الوافدة.
ولفت الرزاز إلى أنه سيتم تفعيل التعاونيات في القطاع الزراعي وبنك التعاونيات، ليسهم في تمويل المشاريع الزراعية ومساعدة المزارعين.
وتعهد الرزاز بأن تكون جميع الإجراءات المتعلقة بالتسجيل للاستثمارات والمشاريع إلكترونية قبل نهاية العام، حيث تصل اليوم إلى نحو 70 بالمائة، مثلما سيكون هناك لجنة للتظلمات لاستقبال شكاوى وملاحظات المستثمرين المحليين والأجانب والعمل على إيجاد حلول لها.
من جهتهم، ثمن الحضور الجهود التي يبذلها جلالة الملك خلال أزمة كورونا، والتي قادت الوطن ليكون من البلدان الآمنة، لافتين إلى أهمية الاستفادة من التجربة بهدف التنمية في شتى الميادين.
ودعا عدد من المتحدثين إلى الاهتمام بالأردن كوجهة سياحية خلال الفترة المقبلة، موضحين أن المملكة تزخر بالمعالم والمواقع السياحية والأثرية والأماكن الدينية التي تجعلها نقطة جذب للعالم.
كما أشاروا إلى ضرورة أن يسوّق السفراء في الخارج الأردن سياحياً، على أن يتم تخفيض الكلف على المشاريع الاستثمارية وتعزيز الخدمات المقدمة للضيوف.
وتقدم الحضور بمقترحات تتعلق بتطوير الإنتاج الزراعي في المملكة والاستفادة من التجربة الأردنية في الأشهر الماضية للنهوض بالقطاع، كما أشاروا إلى أهمية الحصاد المائي في مناطق البادية.
ودعوا إلى توسيع نطاق حفر الآبار والاستغلال الأمثل للمياه، وزيادة مساحات الرُقع الزراعية من خلال زيادة الدونمات المسموح للشركات بتملكها خاصة في وادي الأردن.
وشددوا على أهمية تمكين الشباب وتأهيلهم للدخول إلى سوق العمل، ودعوا إلى تسويق المنتجات الزراعية الأردنية خارجياً بطريقة متطورة، وإنشاء مراكز للإناث للتدريب المهني في المحافظات تؤهلهن لسوق العمل.
ولفتوا إلى أهميّة تصدي الحكومة للإشاعات التي يتم تداولها عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي والتي تحاول النيل من الوطن، كما أكد عدد من الحضور أهمية دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة للتخفيف من الفقر والبطالة.
وأشار عدد من الحضور إلى ضرورة الاستفادة من تجربة التعلم عن بعد خلال الفترة الماضية والعمل على تجويدها، من خلال تجهيز المحتوى التعليمي وتدريب الأستاذة في المدارس والجامعات حوله، وتوفير شبكة الإنترنت والمعدات اللازمة وبسرعة جيدة في المحافظات كافة.
وسجل الحضور لجلالة الملك مواقفه البارزة والثابتة إزاء القضية الفلسطينية ورفضه البات لأي توجه إسرائيلي يتعلق بضم الأراضي في الضفة الغربية.
وحضر اللقاء رئيس الديوان الملكي الهاشمي، ومستشار جلالة الملك للاتصال والتنسيق، ومستشار جلالة الملك لشؤون العشائر، ومستشار جلالة الملك للسياسات والإعلام، ورئيس هيئة الأركان المشتركة.