الدولة الواحدة .. طرح بائس بتوقيت خاطئ

ياسر شطناوي

لا یمكن باي شكل تكوین أي مقاربة سیاسیة حقیقیة ” لا أردنیاً ولا
فلسطیناً ولا حتى اسرائیلیاً ” تقبل اوترضى “بفكرة حل الدولة الواحدة الدیمقراطیة” التي قالھا رئیس
الوزراء الدكتور عمر الرزاز، وتحدیھ المباشر لكل السیاسیین الإسرائیلیین بقبولھا، ولو حتى كان ذلك من
باب “تجربة فتح الخیارات امام حوار جدید او جلوس على طاولة واحدة بین طرفي المعادلة الأساسیین”.
وبغض النظر عن طریقة “الفھم المسقط” التي جاءت بعد ” تحدي الرزاز ” خلال حوار لھ مع صحیفة
الغاردیان البریطانیة، والحدیث الذي شاع عن “تغییر في موقف الأردن تجاه القضیة” .. فانھ لیس من
المنطقي اصلاً أن یقرر أو یقترح الأردن أي حل في ملف الصراع الفلسطیني الإسرائیلي بمعزل عن وجود
قبول فلسطیني على ذلك سلفاً.
ھنا ثمة عدة اسباب یمكن الحدیث عنھا – كلھا تدلل على ” استحالة “مناقشة او قبول فكرة الدولة الواحدة
– اولاً أن الأردن الرسمي والشعبي ولأكثر من 32 عاماً – منذ ایام فك الأرتباط – وھو ینادي ویسعى
لوجود دولة فلسطینیة كاملة حرة على أراض فلسطین ” دولة ذات سیادة كاملة”… ناھیك عن التشدید
الدائم من الملك عبد الله الثاني وفي كل المحافل الدولیة على أنھ “لا سبیل لإنھاء الصراع الفلسطیني
الإسرائیلي إلا بحل الدولیتن” وفقاً لقرارات الشرعیة الدولیة.. لذا فان أي طرح غیر ذلك یعتبر “خروج
عبثي عن سیاق الموقف الرسمي والملكي العلني”.
ثانیاً أن غالبیة “الإسرائیلیین” ینادون بعدم تنفیذ مخططات الضم لأجزاء من الضفة الغربیة وشمال البحر
المیت، لأنھم یعارضون فكرة الدولة الواحدة، وبالتالي یؤیدون فكرة حل الدولتین التي ینادي بھا الأردن.
ثالثاً أن فكرة قیام دولة واحدة لن تجد أي قبول من اغلب الأسرائیلیین، وبالتالي فان حكومة الإحتلال لن
تفكر بھذا الخیار مطلقاً، خاصة مع تصاعد ملفات فضائح الفساد والازمات التي تلاحق رئیس الوزراء
الإسرائیلي بنیامین نتنیاھو في الآونة الأخیرة.
رابعاً أن الیمین الإسرائیلي لن یقبل ابداً بان “یتقاسم مع المواطن الفلسطیني” الحقوق المدنیة والسیاسیة
والإقتصادیة في الدولة الواحدة الدیمقراطیة، ولن یرغب أي متطرف منھم بان یكون نصف اعضاء
الكنیست من الفلسطینیین، أو أن یتم بالمستقبل ” انتخاب رئیس وزراء في “إسرائیل ” اسمھ عبد الله
مثلاً”.
كل ما سبق وأكثر یبعد خیار الدولة الواحدة لأنھ “لا یؤثر فقط على الفلسطینیین” بل یعید تجربة عنصریة
مقیتھ شھدھا العالم في جنوب افریقیا بتطبیق نظام ” الأبرتھاید” وھي السیاسة العنصریة التي اتبعتھا
حكومة الأقلیة البیضاء عام 1948 حتى عام 1990 ،والتي استندت على مباديء الفصل العنصري بین
المستوطنین البیض الحاكمین وبین السكان السود أصحاب الأرض الأصلیین، وتفضیل الإنسان الأبیض
على الإنسان الأسود في جمیع المجالات.
بالنھایة.. “الأردن سیبقى ثابتاً على موقفھ من القضیة الفلسطینیة بدعم خیار حل الدولتین” الذي یلبي
الحقوق المشروعة للشعب الفلسطیني ” وخصوصاً حقھ في الحریة والدولة” على خطوط الرابع من
حزیران 1967 وعاصمتھا القدس الشرقیة، لتعیش بأمن وسلام، وفق المرجعیات المعتمدة وقرارات
الشرعیة الدولیة، لأن ذلك السبیل الوحید لتحقیق السلام الشامل والدائم .. وأي كلام خارج ھذا الاطار لا
یعدو الا كونھ ضرب من العبث لا أكثر.