لو تتكلم الأشياء التي حولنا !

كامل النصيرات

تخيّلْ لو أنك حين تجلس على كرسي يقول لك: ما أثقل دمّك! أو حين تمسك سيجارة تضحك ضحكة هستيرية وهي تقول لك: ولّعني يا كذّاب ! أو تمسك مقبض الباب لتخرج فيقول لك: اطلع يا مفضوح ! وحين تقف على الشارع يحرِّك نفسه تحتك وهو يقول لك: درب تودّي وما تجيب…!
تخيّلْ كل ذاك وأكثر. تخيلْ أن تصارحك كل الأشياء التي تحيط بك بحقيقتك. تخيل أنها تحدّثك عنك. تكشف نواياك أمامك. تناقشك في قراراتك الباطنية؛ في حبّك المزعوم لفتاة تبكي لأنك تتقن تمثيلك عليها؛ تواجهك في نفاقك الذي تصرفه لفلان وعلنتان عسى أن يحنّان عليك بحظوة زائلة.! تخيّلْ أن تجد في بيتك صخباً لا تستطيع السيطرة عليه من المعالق والصحون والخزائن والحرامات والوسائد والاسلاك والكنادر و الشامبو والحنفيات.. تخيّل أنها كلّها تتصارع لتقول جملة واحدة عنك؛ تقولها في وجهك لأنها تعرفك وتعرف مكنوناتك.
لو تتكلم الأشياء التي حولنا سنغدو بلا عقلٍ باطن. سنغدو سواسية عن حقّ وحقيق. سنتساوى في النوايا وسنكون بلا رتوش ومكياجات؛ سنتعرّى حتى أمام موتنا المؤجل وسنكتشف أننا ممثلون حتى ونحن بقمّة تلقائيتنا وسجيتنا التي اتقنت التمثيل الاوسكاري.!.
آه لو تتكلم الأشياء: لما رفع أحدٌ عينه في عين الآخر.
استأذنكم الآن : هناك علبة ببسي فاضية ومطعوجة في الشارع تنادي عليّ؛ تريد أن تخبرني بسرّ.