كتب د. ماجد الخواجا
إذا لم ينقرض الجهل من بلداننا فسوف يأتي السياح ليتفرجوا علينا بدلا من الآثار/ نجيب محفوظ
يتحدث ” لي ماكنتاير ” في كتابه احترام الحقيقة 2015 بعنوان الجهل المتعمد في عصر الانترنت : “العدو الأول للحقيقة ليس الجهل أو الشك أو حتى عدم التصديق. العدو الحقيقي هو المعرفة المزيفة”.
الإعلام الأسود أو صناعة الكذب هو من أخطر الوسائل أو الحروب التي تستهدف عقول البشر؛ حيث تبدأ بالتشويش، ثم تصيبها في قناعتها؛ لصرف الأنظار عن حدث ما، أو تسعى لتغيير وجهات النظر باتجاه واقع غير موجود أصلاً وليس إلا وهماً، ثم تجسيده والدفاع عنه حتى يصبح حقيقة، وبالمقابل التشويش على واقع حقيقي، وتشويه القناعات بشأنه، حتى يصبح في وعي الشعوب غير حقيقي.
يعرِّف البعض التضليل الإعلامي بأنه «عملية تقديم معلومات خاطئة (كاذبة) أو غير دقيقة، وبشكل مقصود ومتعمد، لغرض توجيه الرأي العام إلى وجهة محددة». وقد تطور التضليل الإعلامي ( أو بالأحرى الكذب والدجل الإعلامي ) إلى ما يعرف بـ« الدعاية السوداء » وهي التي يتم من خلالها إعطاء معلومات مضللة وخاطئة ومحرفة ومنحازة، بغرض زعزعة قناعات الرأي العام، وتغييرها بأخرى محرفة ومضللة. وتتراوح وسائل الإعلام الأسود بين الكذب الصريح وبين تحريف المعلومة والتضخيم والتهويل والإثارة والبلبلة، والمقصود به توصيل المعلومة محرفة أو خارج سياقها الصحيح لكي تشوه وعي المواطن.
من أنواع التضليل الإعلامي لتحقيق أهداف محددة، أو إيصال فكرة، أو إنجاح مشروع:
التضليل بالتلاعب بالمعلومات وترتيب الحقائق، بحيث تعطي معاني وانطباعات معينة، ويتم تفسيرها بشكل معين يخالف الواقع. التضليل بإهمال خلفية الأحداث مما يجعلها ناقصة ومشوهة.
التضليل بالمعلومات التي ليس لها علاقة بالحدث على حساب الحقائق المهمة.
التضليل بالعناوين ومقدمات الأخبار المعتمدة على المبالغة والتهويل والغموض والمعلومات الناقصة، مما لا يتفق أحياناً مع مضمون الخبر أو المادة الصحفية.
التضليل بالاتهام والتدليس في المصادر والمعلومات، وعرض معلومات مضللة بكلمات غير واضحة المصادر، وهي معلومات وأخبار غير صحيحة.
التضليل بقلب الصورة حتى يصل الأمر أحياناً إلى تصوير المجرم بأنه ضحية، والضحية هو المجرم المعتدي.
التضليل بالمصطلحات المصنوعة التي ترسخ مفهوماً معنياً يتوافق مع مصالح صانع المصطلح الذي قام باستحداثه والترويج له لتغييب الحقائق وتزييف الوعي.
التضليل باختيار صورة حقيقية لشخص أو حدث، إلا أنها التقطت من زاوية معينة أو في لحظة معينة؛ لإعطاء رسالة مضللة حول الشخص أو الموقف أو الحدث.
ترى لو أردنا إحصاء ما يتم من تضليل في الأخبار والإعلانات والدعايات والقصص والحكايات التي يتم ترويجها لتصل إلى مستوى ( تريند ) فيما تكون الحقيقة هي الغائبة والضحية لكل ما ينشر.
ثمة لزوجة في الإعلام وصل إلى عدم المقدرة على تبني أي موقف أو الإطمئنان لأي رأي نتيجة الفيضان الهائل للأخبار المتتالية طيلة الوقت، حتى أن المعلومات تتداخل فلا يمكن تبين أي لون منها.