كيف يأمل بايدن في تغيير السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط

 الاردن  اليوم –  تصريحات مستشاري الرئيس الأمريكي جو بايدن في الأسابيع الأخيرة أن أهم أولويات الإدارة الأمريكية الجديدة في منطقة الشرق الأوسط، تتمثل في برامج إيران التى تزعزع الاستقرار في المنطقة، ومن بينها البرنامج النووي، و كذلك تأمين إسرائيل وتعزيز السلام بين العرب وإسرائيل، وإنهاء الحروب في اليمن وليبيا، وتعزيز وضع حقوق الإنسان.

وتقول الخبيرة السياسية كريستين فونتينروز، مديرة مبادرة “سكوكروفت” الأمنية للشرق الأوسط في المجلس الأطلسي في تقرير نشرته مجلة ناشيونال انتريست الأمريكية إن الأمور الثلاثة الأولى من هذه الأولويات تعكس أهداف إدارة ترامب أيضا، وفي ضوء هذه المقارنة يتبادر إلى الذهن التساؤل عن ما هي أوجه السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط التي سوف تبقى على حالها، وما هي المظاهر التي سوف تختلف بشكل واضح.

ومن المؤكد أنه سوف يكون هناك تأكيد على المشاركة في تحمل الأعباء. وقال أحد الأصدقاء المقربين لبايدن مؤخرا إن الرئيس لا يفكر في سحب القوات الأمريكية، ولكنه يفكر في إنهاء الحروب، وسوف يعني هذا الضغط بقوة على دول المنطقة لتكون وسطاء لتحقيق السلام، وتقديم تنازلات، وتوفير حوافز للخصوم لإنهاء الصراعات.

كما سوف يكون هناك تأكيد مستمر على التسامح الديني، وكان مايك بينس النائب السابق لدونالد ترامب متحمسا لذلك على أساس التزام ديني شخصي. وسوف تتبنى إدارة بايدن ذلك على أساس حماية الحريات الفردية.

وتضيف فونتينروز أنه سوف يكون هناك ضغط مستمر على الشركاء العرب وإسرائيل للحد من علاقاتهم مع روسيا والصين، وسوف يكون هذا واضحا بوجه خاص في مجالات الدفاع والأمن، والفضاء الإليكتروني، والذكاء الاصطناعي، والطاقة النووية .

كما سوف يكون هناك تأكيد مستمر على محاربة الإرهاب، وإذا كانت التفجيرات الانتحارية في بغداد مؤخرا والهجمات ضد مواطني ومصالح فرنسا في الشهور الماضية تمثل أي دليل على المستقبل القريب للتطرف العنيف، فإنه يتعين توقع تجدد الهجمات ضد المدنيين، وسوف تسعى الولايات المتحدة في عهد بايدن إلى المزيد من الارتباط بالشركاء عبر الأطلسي، بما في ذلك بالنسبة لمحاربة الإرهاب.

وهناك سياستان نهائيتان سوف تستمران في ظل رئاسة بايدن، إحداهما دعم اتفاقات أبراهام، وسوف يحيل فريق بايدن هذا الملف إلى وزارة الخارجية ويواصل التشجيع على التطبيع والإصرار على عدم القيام بأي ضم للأراضي، وسوف يسعى الفريق للتواصل مع الفلسطينيين لإنهاء رفضهم لصفقة القرن، ولأن يكونوا على استعداد للمشاركة مرة أخرى.

وكل ما تدركه واشنطن هو أن جانبا كبيرا من فشل مباحثات السلام يرجع إلى الخلافات الفلسطينية الداخلية، ولكن لم يعد لدى أي أحد صبر على مثل هذا الأمر، ويعتبر دخول العالم العربي في اتفاقات أبراهام دليلا ملموسا على ذلك.

وقد أصدر مجلس التعاون الخليجي الذي بدأ بمعانقة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لتميم أمير قطر، بيان العلا، حيث تم حسم الخلاف، وفتح المعابر الحدودية والمجال الجوي واستئناف العلاقات الدبلوماسية.

ووافقت أطراف الخلاف على تشكيل مجموعات عمل للتوصل لحلول فنية لنقاط محددة للخلاف مثل الحصار الجوي، والسفر عبر الحدود.وهذا التشكيل لمجموعات العمل وسيلة لجانبي الخلاف للتوصل تدريجيا لحسم كامل له..

وتأمل اللجنة الرباعية الدولية لعملية السلام في الشرق الأوسط أن تستقبل إدارة بايدن هذا التقارب بإيجابية وتتجنب ما تلوح به من تهديدات بإنهاء الولايات المتحدة لمبيعات الأسلحة للسعودية، والإمارات العربية المتحدة، ومصر.

وإذا لم تتم الاستجابة لمطالب اللجنة الرباعية، ولم تتعاون الولايات المتحدة بشكل كبير وتعمل كضامن للاتفاقات، فإنه من المحتمل أن يسفر الحسم الأخير للخلاف عن سلام بارد. ومع ذلك فإن إنهاء الحصار الجوي يفيد الجانبين اقتصاديا لذلك من المحتمل أن يستمر.

وفيما يتعلق بالكيفية التي ستختلف بها السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط في عهد ترامب، فإنه سوف يكون هناك تأكيد أكبر على حقوق الإنسان وحرية عمل المجتمع المدني، وسوف تكون هناك مشاورات من حين لآخر مع الشركاء الأوروبيين قبل اتخاذ القرارات السياسية الكبرى بشأن الشرق الأوسط.

و تضيف فونتينروز أنه سوف تقل التصرفات الأحادية، وسوف تكون هناك نهاية للتدخل الأمريكي في اليمن، مع العلم بأن إنهاء الدعم الأمريكي المحدود للغاية للسعودية لن ينهي الحرب في اليمن، التي لن يضع حد لها سوى حل سياسي، وسوف يسعى فريق بايدن جاهدا للتوصل لمثل هذا الحل.

وسوف يتم خفض مبيعات الأسلحة في عهد بايدن، وبالنسبة لهذا الأمر سوف يكون بايدن في صراع بين أمرين. فالجناح اليساري في الحزب الديمقراطي يسعى لإنهاء كل مبيعات الأسلحة، وهو الأمر الذي لن يؤثر على الشرق الأوسط فقط، بل أيضا شركاء مثل اليابان وتايوان. ولكن من ناحية أخرى، يدرك بايدن أنه ليس من المعقول أن يتم في أثناء تراجع اقتصادي إصابة قطاع أمريكي مهم بالشلل. ومن ثم سوف تستمر مبيعات الأسلحة.

ومن المؤكد أن السياسة الأمريكية تجاه إيران سوف تختلف إلى حد كبير، حيث يدرك بايدن التهديد من جانب إيران والخطر الذي يمثله برنامجها النووي وانتاج صواريخها الباليستية ورعايتها للمليشيات العنيفة، وهدفه هو أن يكون هناك مرة أخرى إتفاق يتيح للمجتمع الدولي بحث قضية منشآتها النووية وتفتيشها، والوصول إلى مخزونها، مع القيام في الوقت نفسه بالتعامل مع سياساتها التي تهدف إلى زعزعة استقرار الدول المجاورة.

لقد أوضح فريق بايدن أن المئة يوم الأولى في برنامجه الخاص بالشرق الأوسط سوف تركز على تقييم احتمال التوصل لإتفاق نووي جديد أو أكثر قوة مع إيران. وخلال الشهر الحالي، وهو الشهر الذي خصصه بايدن لاستعادة مكانة أمريكا في العالم، لا شك أنه سوف يلقي بيانا عن تواجد الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وسوف يكون هدف هذا البيان هو تهدئة الأعصاب وإسكات نظريات المؤامرة بشأن الارتباط الأمريكي.

ومن ناحية أخرى، سوف يعقد بايدن جلسات مغلقة تتعلق بالاستراتيجية مع القيادة العسكرية بشأن تحديد الأماكن التي تحتاج الولايات المتحدة مواصلة التواجد فيها. يعقب ذلك إجراء محادثات مغلقة مع شركاء الناتو بشأن التواجد الأمريكي في العراق وأفغانستان بوجه خاص.

وتؤكد فونتينروز أنه مما لا شك فيه أن فريق بايدن سيضطر لإعطاء الأولوية لتنسيق أهدافه في الشرق الأوسط، لأنه في بعض الحالات من الممكن أن يؤدي تحقيق هدف إلى تخريب هدف آخر.

واشنطن-( د ب ا)