تأكيد أممي وصمت يمني.. زعيم “القاعدة” بجزيرة العرب خلف القضبان

الاردن  اليوم :  تزامنا مع حلول الذكرى الأولى لإعلانه زعيما لتنظيم “القاعدة” الإرهابي في شبه جزيرة العرب، كشف تقرير أممي حديث، عن اعتقال خالد باطرفي، ومقتل نائبه سعد العولقي في عملية بمحافظة المهرة شرقي اليمن.

جاء إعلان الاعتقال، بعد أربعة أشهر من الكتمان بشأن العملية الأمنية، التي نفذتها قوات من الحكومة اليمنية في أكتوبر/ تشرين أول 2020، بمدينة الغيضة مركز محافظة المهرة.

وأمس الخميس، كشف تقرير أممي صادر عن خبراء معنيين بمراقبة الجماعات المتطرفة، عن اعتقال باطرفي، ومقتل نائبه سعد العولقي.

وحتى اللحظة لا يوجد تأكيد رسمي من الحكومة اليمنية أو التحالف العربي بقيادة السعودية، لاعتقال باطرفي، فيما لم يصدر عن تنظيم “القاعدة” أي تعليق حول الموضوع.

** ماذا حدث في المهرة؟

في مطلع أكتوبر الماضي، أفاق سكان الغيضة، على وقع مواجهات مسلحة عقب انتشار قوات يمنية بحي الجامعة غربي المدينة، وفق معلومات من مصادر رسمية ومحلية حينها للأناضول.

بعد قرابة 20 ساعة متواصلة من المواجهات، بين القوات اليمنية ومسلحين، عاد الهدوء إلى الحي، فيما كان السكان المحليين ينتظرون الرواية الرسمية لما جرى بالمحافظة، التي تعد من أكثر المناطق اليمنية أمنا واستقرارا.

في اليوم الموالي، قالت السلطات المحلية، في بيان ، إن مواجهات اندلعت بين القوات اليمنية وخلايا إرهابية (لم يحددها) بالمدينة (تخضع لسيطرة الحكومة اليمنية).

وأوضح البيان، أن المواجهات وقعت عقب محاصرة الخلايا وبتعاون المواطنين وبدعم استخباراتي من التحالف العربي بقيادة السعودية.

وأضاف أن العملية أسفرت عن مقتل ثلاثة عناصر إرهابية والقبض على آخرين (لم يحدد عددهم)، موضحا أنها أتت بعد تتبع ثلاثة مواقع تتحصن بها عناصر إرهابية قادمة من خارج المهرة.

آنذاك، صرح مسؤول حكومي يمني، للأناضول، أن الخلايا التي تم ضبطها في الغيضة تنتمي إلى تنظيم “القاعدة”، دون تفاصيل.

ومنذ ذلك الحين، ظل الكتمان سيد الموقف بشأن هوية عناصر التنظيم المقبوض عليها في العملية، وجرى نقلها فيما بعد إلى السعودية، وفق مصادر أمنية للأناضول.

وتعد تلك الحادثة الأولى من نوعها في المهرة، التي ظلت بعيدة عن حضور تنظيم “القاعدة” وتنفيذ أي عمليات له بالمحافظة (تعد ثاني أكبر محافظة باليمن بعد حضرموت).

ومنذ نهاية 2017، دفعت السعودية بقوات تابعة لها وآليات عسكرية وأمنية، إلى المحافظة المحاذية لسلطنة عمان، في إطار تعزيز الأمن وضبط ومكافحة عمليات التهريب، بحسب التحالف.

** رفع درجة التأهب الأمني بالمحافظة

بعد خمسة أيام من مواجهات الغيضة، أقرت السلطات المحلية بمحافظة المهرة، رفع درجة الاستعداد الأمني بمدينة شحن المحاذية لسلطنة عمان.

وبينت السلطات حينها أن القرار جاء بعد التطورات في مدينة الغيضة وتحسبا لأي طارئ.

وفي ذات اليوم، توعد محافظ المهرة، محمد علي ياسر، في اجتماع مع الشخصيات الاجتماعية وشيوخ القبائل، بمواجهة التحديات وعدم التهاون في تعزيز أمن واستقرار المحافظة.

ومطلع نوفمبر/ تشرين ثاني 2020، شنت الأجهزة الأمنية في الغيضة، حملت مفاجأة لمنع قيادة الدراجات النارية بالمدينة، على خلفية دواعي أمنية لم تفصح عنها.

ومنذ حينها تحتفظ السلطات بالدراجات النارية المحتجزة (عددها غير محدد)، فيما كشفت مصادر أمنية أن الحملة جاءت كخطوة استباقية لإفشال أي عمليات انتقام قد يشنها تنظيم “القاعدة”.

** السفير الأمريكي في زيارة مفاجئة للمهرة

في 30 نوفمبر الماضي، وصل السفير الأمريكي لدى اليمن، كريستوفر هنزل، مدينة الغيضة عاصمة محافظة المهرة، في زيارة مفاجئة.

وخلال الزيارة التي استمرت عدة ساعات، عقد السفير سلسلة اجتماعات مع السلطات المحلية وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، في مطار الغيضة الدولي (تتواجد داخله قوات سعودية منذ 2017).

وقبيل مغادرته المدينة، قال هنزل، بمؤتمر صحفي، إنه ناقش خلال زيارته للمهرة المواضيع ذات الاهتمام المشترك بما في ذلك النجاحات التي تم تحقيقها مؤخرا في الحرب على “القاعدة”.

وأفاد بأن “القوات اليمنية وبمساعدة القوات السعودية أتمت بنجاح مؤخرا عملية واحدة في مكافحة الإرهاب من خلال استهداف أنشطة تخريبية للقاعدة بالمهرة”.

** من هو خالد باطرفي؟

تولى باطرفي، المولود بالعاصمة الرياض عام 1979، زعامة تنظيم القاعدة بشبه جزيرة العرب (يتخذ من اليمن مقرا له)، في فبراير/شباط 2020، عقب مقتل زعيمه السابق، قاسم الريمي في قصف جوي أمريكي باليمن.

انتقل باطرفي، السعودي المنحدر من أصول يمنية، إلى أفغانستان عام 1999، والتحق للقتال في صفوف طالبان، لمدة 8 أشهر قبل أن يعود إلى السعودية.

وعاد من جديد إلى أفغانستان، قبيل أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، وخلال تواجده هناك كان يلتقي بمؤسس وزعيم “القاعدة” أسامة بن لادن، حيث شارك بالمعارك التي جرت بعد الغزو الأمريكي للبلاد.

لاحقا، توجه رفقة آخرين إلى باكستان، ومنها إلى إيران، حيث اعتقل هناك مع عدد من قيادات القاعدة، وبقي شهر ونصف بالسجون الإيرانية، ورُحل برفقة زعيم التنظيم الأسبق ناصر الوحيشي، إلى اليمن وأودع السجن ليغادره بعد سنتين عام 2004.

عمل باطرفي الملقب بـ”أبو مقداد الكندي”، عقب خروجه من السجن في عمليات تنسيق نقل المقاتلين إلى العراق للقتال ضد الولايات المتحدة.

في عام 2008، ظهر في إصدارات للتنظيم يلقي خطبا ومحاضرات، وفي 2010 تولى قيادة ما سمي إمارة أبين (جنوبي اليمن)، عقب مقتل القيادي بالتنظيم جميل العنبري، أثناء سيطرة التنظيم حينها على المحافظة.

اعتقل مجددا عام 2011 بمدينة تعز، وأمضى أربع سنوات في المعتقل أغلبها بصنعاء في سجن الأمن السياسي، قبل أن يتم نقله إلى السجن المركزي بمدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت.

تمكن باطرفي من الفرار من السجن، عقب مهاجمة عناصر القاعدة للمدينة والسجن، مطلع أبريل/ نيسان 2015، حيث بسط حينها مسلحو التنظيم سيطرتهم على المكلا ومعها مدن ساحل حضرموت.

وعقب هروبه من السجن، ظهر حينها في صورة تداولها نشطاء، جوار “خور المكلا” (أهم شوارع المدينة) رافعا السبابة، ومنذ ذلك الحين برز الرجل، بمثابة الحاكم الفعلي لمناطق سيطرة التنظيم في حضرموت.

كما ظهر مرة أخرى، أثناء سيطرة “القاعدة” على ساحل حضرموت، وسط إحدى قاعات القصر الجمهوري بالمدينة، وهو يدوس العلم اليمني.

وظل مسلحو القاعدة يسيطرون على المدينة ومدن ساحل حضرموت، لعام كامل، قبل انسحابهم نهاية أبريل 2016.

وفي مايو / أيار 2016، بث التنظيم كلمة للقيادي باطرفي، علق خلالها على انسحاب التنظيم من المكلا، قائلا “آثرنا أن نقاتل العدو كما نريد، لا كما يريد هو”.

وفي يناير/كانون ثاني 2017، وضعت الخارجية الأمريكية خالد باطرفي على قائمتها لـ”الإرهابيين العالميين”، وحظرت أصوله وممتلكاته في الولايات المتحدة، ومنعت الأمريكيين من التعامل معه.

وأعلنت الإدارة الأمريكية، مطلع فبراير 2020، رصد مكافأة تصل إلى 11 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تساعد في القبض على سعد بن عاطف العولقي وخالد باطرفي.

 

الاناضول