كتب د. ماجد الخواجا
المشكلة ليست في التدريب.. المشكلة في فرص العمل الحقيقية ))
منذ عام 2000 وأنا أحاول تصديق ما لا تقوله الحكومات الأردنية المتعاقبة حول الرؤى والتخطيط ووضع الاستراتيجيات والتي ينبثق عنها المبادرات والمشاريع.
لقد تعودت الحكومات الأردنية على ترحيل الأزمات وعلى الشغف بالأرقام الوهمية وعلى العروض التقديمية الزاهية وعلى عدم المساءلة والمحاسبة على أعمالها.
هناك تسلسل واضح للفشل المتراكم الذي بدأ في نحت المشاريع الداعية للحد من البطالة مع أول مشروع للتدريب الريادي يليه مشروع التدريب الوطني، ثم جاءت الشركة الوطنية للتشغيل والتدريب، وجاءت مشاريع ثنائية عبر تمويل أجنبي متمثل في وكالات الإنماء الدولية المختلفة ومنظمات العمل والتدريب المختصة، وجاءت فكرة إحالة مسار الثانوي التطبيقي لدى وزارة التربية والتعليم لتنفيذه في مشاغل ومعاهد المؤسسة، واستمرت الارتجالات لنصل إلى ما سمي بمشروع خدمة وطن، انتهاء بمشروع خدمة العلم الذي أقرته الحكومة قبل أيام.
في كل تلك المشاريع فقد أقحمت وزارة العمل نفسها بأن يتم من خلالها الإشراف والمتابعة تمويلا وإدارة وتعيينات، فيما يكون التنفيذ والحاضنة التدريبية هي مؤسسة التدريب المهني والتي أصبحت حقل تجارب وأرضا مشاعا يتم قضم وهضم كل ما يحلو تقديمه للآخرين بذريعة إنجاح المشروع هذا والمبادرة تلك.
لا توجد دولة في العالم تعمل على إفشال وإنهاك مؤسسة لصالح مشروع كما يحدث في الأردن، نعم لقد استمرأت الحكومات الأردنية على انتهاك مؤسسة التدريب المهني والانتقاص من دورها ومهامها وصلاحياتها لصالح مشروع وخطة واستراتيجية ومبادرة.
إلى أن وصلنا لوزير العمل الحالي الذي واصل درب زملائه السابقين في النظرة السلبية تجاه المؤسسة والزعم أنها بمثابة الرجل المريض الذي لا علاج له وينبغي الإعلان عن وفاته وتسليم مرافقها ومشاغلها وبرامجها إلى كل متنفع من القطاع الخاص تحت مسميات الشراكة بين القطاعات. والتدريب حسب المتطلبات، وربط التدريب بالتشغيل، وهذه مصطلحات منطقية ومنهجية وموضوعية، لكنها تصلح في الدول الصناعية المتقدمة بالغة الوضوح في النضج الاقتصادي والاجتماعي، وليس في دولة لديه سوق عمل متواضع يهيمن على 90% منه المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر التي لا يوجد فيها عامل غير صاحب العمل ذاته.
لقد دأبت الحكومات على ترحيل الأزمات، وما فات قد فات. لم يتم تقييم أي مشروع أو مبادرة أو مجرد المتابعة منذ عام 2000 ولغاية تاريخه.
لقد سال اللعاب كثيرا لدى الوزارة عندما بدأت المنح والتمويل الأجنبي عبر الاتفاقيات الثنائية والمشتركة لغايات التعليم والتدريب المهني، فتم سحب البساط من تحت أقدام مؤسسة التدريب المهني، وربط تلك الجهات التمويلية والمانحة بالوزارة مباشرة، ولا أدري ما علاقة وزارة العمل بالتعليم والتدريب وحتى التشغيل الذي ناقض الوزير نفسه عدة مرات بأن الوزارة ليست مسؤولة عن خلق فرص العمل والتشغيل، لكنها المسؤولة عن تبني كافة المشاريع الممولة والتي أصبحت بمثابة بئر لا ينضب يتم توزيع مدخراته بالكيفية والطرائق التي تروق لمزاج الوزارة.
ما علاقة وزارة العمل في أن تخالف تعليمات صندوق دعم التعليم والتدريب والتشغيل الممول من العائد المقتطع بنسبة 1% من أرباح الشركات السنوي، لتقوم بتغطية رواتب ومكافآت لتعيينات ممرضين وصيادلة وأطباء وكادر وظيفي لوزارة الصحةز
ما علاقة وزارة العمل لتقوم بالإشراف على تنفيذ برنامج خدمة وطن بحيث تم استحداث مديرية خاصة به ضمن الهيكل التنظيمي الإداري للوزارة، وتعيين العشرات على كادر هذه المديرية.
أين الحوكمة الرشيدة في مواصلة ازدواجية التحكم برئاسة مجالس الإدارة في مؤسسة التدريب المهني وصندوق التنمية والتشغيل وهيئة تنمية المهارات من قبل وزير العمل بحكم وظيفته. ألا يعد مخالفة صريحة للحوكمة والشفافية وتضارب المصالح حين تكون الصلاحيات المتضاربة والمتعارضة في يد وزير العمل فقط وتحت سلطته.
لماذا لا يتم الإعلان عن فشل مشروع خدمة وطن الذي لم يتم تشغيل الملتحقين في المرحلتين الأولى والثانية منه إلا بنسب ضئيلة وبمجهود شخصي للملتحق أو للمؤسسات التدريبية ولا دور للوزارة مطلقا في ذلك.
لماذا لا يتم معرفة أوجه الإنفاق وتوزيع التمويل على ما سميت بالاتفاقيات التدريبية التشغيلية مع عديد من الجهات في القطاع الخاص وفي المقدمة منها كلية لومينوس وماكدونالدز وأكاديمية التدريب السياحي وجمعية الفنادق الأردنية وبعض الأكاديميات التي منحت مئات الآلاف للتدريب والتشغيل.
دولة الرزاز : أتمنى عليك أن تقرأ لغة الجسد حين يخرج أحد الوزراء على شاشة التلفاز لتدرك تماما أننا نعيش الخديعة تلو الأخرى، إلا إذا كنت أنت جزءا من تلك الخديعة.
ولنا عودة