الأردن اليوم – “لم تعد الأسواق كما كانت” في كل يوم نرى إغلاقات جديدة لمحلات تجارية كبيرة كانت أو صغيرة، فأصحابها أفلسوا بشكل فعلي ولم يعودوا قادرين على دفع أجرة محالهم، أحدهم استغنى عن 5 عاملين ذكور وإناث قبل يومين وسلم محله لصاحبه لأنه لم يستقبل زبائن منذ أكثر من شهر، “تعال على السوق وشوف كم محل مسكر زي محلي”.
بهذه الجمل والعبارات عاجلني عامر سيد صاحب محل لبيع الألبسة الجاهزة في العاصمة عمان، بعد سؤالي له عن أوضاع السوق وحركة البيع والشراء، فعامر كغيره من عدد كبير من أصحاب المحلات الذيت أغلقوا محالهم مؤخرا بسبب الإجراءات الحكومية المستمرة في ما يتعلق بإجراءات الوقاية من فيروس كورونا.
في الأردن أطلق نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي وسم يحمل عنوان “#معيش_ادفع”، بعد أن عرضت عشرات المطاعم والمقاهي والمحلات التجارية في العاصمة عمان ومحافظات أخرى محالها للبيع، مبررين ذلك بالقرارات الحكومية الخاصة بتقييد حركة المواطنين والحظر الكلي أو الجزئي.
التجار: القطاع شبه منهار وأصحاب المحلات مفلسين أو مطلوبين على ذمم مالية
القطاع التجاري لم يتعاقى حتى اللحظة من اجراءات الاغلاقات والحظر الشامل في بداية الجائحة وما زال يعاني وما زال يصارع للبقاء على الحياة والاستمرار، هكذا تحدث رئيس غرفة تجارة عمان ونقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق، لا بل وأكد على خسائر القطاع لن تستطيع الحكومة تقديم تعويض التجار وأصحاب الأعمال عن تلك الخسائر.
وبين توفيق أن غالبية التجار يعاملون بالشيكات والكمبيالات للشراء من الأسواق المحلية والدولية، ويعتمدون على البيع لتسديد تلك الشيكات، لكن اليوم يوجد عدد كبير من التجار غير قادرين على الوفاء بالتزاماتهم، وهذا ما يظهره حجم الشيكات الراجعة الهائل الذي يعلن عنه البنك المركزي شهريا، وأيضا عدد القضايا الكبير الذي سجل في المحاكم خلال الأشهر الثلاث الأخيرة.
وأضاف توفيق في أن من أهم المشكلات التي تواجه التجار اليوم هي ثبات المصروفات والكلف التشغيلية، رغم نقص السيولة نتيجة الإغلاقات وضعف المبيعات، إضافة إلى أن هناك قطاعات ما زالت متوقفة مثل قطاع الأفراح والمناسبات، والسياحة أيضا، عدى عن قطاعات تراجعت مبيعاتها بشكل كبير ومقلق كقطاع الألبسة.
مسؤولون سابقون وخبراء يحذرون: الأسوء اقتصاديا لم يأت بعد
أكد وزير الصناعة والتجارة الأسبق جواد العناني لـ الأردن اليوم أنه حذر الحكومة في أكثر من مناسبة من تدهور الأوضاع الاقتصادية للدولة والأفراد على حد سواء، مشددا على أن الاستمرار في تلك الإجراءات بين الحين والأخر، والتي كان أخرها العودة لإغلاق بعض القطاعات كالمدارس وصالات المطاعم والأسواق الشعبية من شأنه تأزيم الأوضاع أكثر وأكثر.
وأكد أن التجار الذين يعتمدون على مبيعاتهم لسداد التزاماتهم ومصاريف تشغيل محالهم، باتوا هم وأسرهم في مهب الريح، فعدى عن تراجع القدرة الشرائية للمواطن بشكل عام، إلا أن حالة التوتر والقلق لدى المواطن دفعته إلى عدم شراء ما يعتبر كماليات بالنسبة له، وادخار الأموال تحسبا لأي قرار حكومي فاجئ.
في المقابل وجد خبراء اقتصاد أن القرارات الحكومية التي يتم اتخاذها بشكل شبه يومي ودون دراسة مسبقة في الأغلب، والتي أدت إلى إنهيار القطاع التجاري، سيحتاج إلى أشهر طويلة ليتمكن من العودة إلى سابق عهدة، أوحتى التعافي من تبعات تلك القارات.
وأضاف الخبراء أن التأثر الاقتصادي بالجائحة هو عالمي ولا يقتصر على الأردن وحسب، ولكن الاقتصاد الأردني الذي كان يعاني من العجز، ليس بالقوة المطلوبة للصبر على أي إغلاقات من شأنها زيادة الطيب بلة حسب وصفهم.
الحكومة: صحة المواطن أهم و”الباقي تفاصيل”
لا تنكر الحكومة مطلقا الاثار الاقتصادية المترتبة على إغلاق البلاد مع بدء تفشي جائحة كورونا، وكانت تضع صحة المواطن في المقدمة، كما قالها وزير المالي الحالي، بأن ما عدى صحة المواطن هي تفاصيل، لكن الأيام كشفت أن التفاصيل جاءت على شكل تخفيض رواتب الموظفين، وجمع تبرعات بالملايين تبرعات بالملايين دخلت خزينة الدولة دون توضيح أوجه إنفاقها، حسب ما أشار له خبراء اقتصاد.
ليس ذلك وحسب لا بل ذهبت الدولة إلى تغليب مصلحة أصحاب رؤوس الأموال على محدودي الدخل، كما حدث مؤخرا في ما يتعلق بعودة أكثر من نصف مليون طالب إلى مدارسهم الخاصة وإجبار أسرهم على دفع رسوم مرتفعة، لتقوم الحكومة بعد ذلك بإغلاقها مجددا.
ورغم تحذيرات المختصين واعتراف الحكومة، إلى أن حكومة الرزاز عادت ومع تفشي الفيروس مجددا في المملكة بشكل كبير، للإغلاقات مجددا، فها هي تغلق مجددا صالات المقاهي والمطاعم بمختلف أنواعها السياحيّة والشعبيّة لمدّة أسبوعين، وكذلك إغلاق الأسواق الشعبيّة في جميع محافظات المملكة كافة، وتعلق دوام غالبية الطلبة في المدارس وتحويل نظام التعليم إلى عن بُعد، وأغلقت المساجد والكنائس لمدة أسبوعين.