بحرقة وألم تتحدث المعلمة سناء العايد (34 عاما) عن تجربتها المريرة مع كورونا وتسريحها من العمل، “فجائحة كورونا قضت على آمالنا في حياة مستقرة بعدما تم تسريحي وزوجي من العمل في المدرسة الخاصة التي كنا نعمل فيها بداية شهر أبريل/نيسان الماضي، بتنا وبشكل مفاجئ دون أي دخل نعيش منه”.
تقول العايد للجزيرة نت “أصبحنا مثقلين بالأقساط البنكية والجمعيات الشهرية لتسيير حياتنا، فنحن مطالبون بدفع 600 دينار شهريا (850 دولارا) للشقة والسيارة وغيرها، مما اضطرنا لبيع السيارة لتأمين مستلزماتنا المعيشية، وعمل زوجي بائعا في أحد الأسواق التجارية”.
112 ألف قصة مؤلمة
قصة سناء العايد ليست الوحيدة في الأردن، فهناك الكثير من القصص تشبهها في معاناتها المعيشية مع بعض الاختلافات بالتفاصيل، فهذه عائلة اضطرت الزوجة لبيع الذهب الخاص بها، وعرضت شقتها للبيع لعدم مقدرتها على تسديد الأقساط البنكية.
وذاك شاب قرر الانفصال عن خطيبته لأنه بات عاطلا عن العمل بعدما تم تسريحه من الشركة التي عمل بها محاسبا لسنوات، وبينهما عائلة مكونة من 7 أفراد طُردت من بيتها المستأجر لعدم دفع الإيجارات والفواتير بعدما فقد معيلهم عمله.
قصص كثيرة يتشارك فيها نحو 112 ألف عاطل عن العمل بسبب جائحة كورونا، انضموا لطابور الباحثين عن عمل، وشكلت نسب البطالة بين الأردنيين صدمة مجتمعية، بعدما ارتفعت خلال الربع الثاني من العام الحالي إلى 23% مقارنة بنسبة 19.3% خلال الربع الأول من العام ذاته.
إحصاءات
وبلغة الأرقام، فقد أظهر تقرير دائرة الإحصاءات العامة ضمن الربع الثاني للبطالة في الأردن، أن حجم المتعطلين عن العمل والذين يبحثون عن فرصة شغل زاد بحوالي 84 ألف شخص، مرتفعا من 471 ألف شخص في الثلث الأول من العام الحالي إلى 555 ألف شخص تقريبا بنهاية الثلث الثاني من يوليو/تموز الماضي.
المحلل الاقتصادي جواد العباسي قال للجزيرة نت إن تقرير الإحصاءات جاء بنتائج مقلقة من حيث ارتفاع نسبة البطالة، وما لهذا من تبعات سلبية سواء على مستوى دخل الأسر في الأردن، أو على مستوى الإنفاق الخاص في الاقتصاد، وأيضا على نسب الفقر، خاصة مع محدودية شبكات الأمان الاجتماعي الوطنية.
منصة حماية العمال
وزارة العمل لم تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا الوضع، وواجهت حملة تسريح الموظفين من أعمالهم بأمر الدفاع رقم 6 والبلاغات الصادرة بموجبه، وجميعها نصت على تنظيم آلية دفع الأجور للعاملين، وتحقيق الموازنة بين حقوق صاحب العمل وحقوق العمال، وخفضت نسب تسريح العمالة بشكل كبير في القطاع الخاص منذ بداية جائحة كورونا، ووجدت الوزارة تعاونا كبيرا من القطاع الخاص في الحفاظ على العاملين لديه ودفع أجورهم.
وخصصت وزارة العمل، وفق حديث مدير الإعلام بالوزارة محمد الزيود للجزيرة نت، منصة خاصة حملت اسم “حماية” لاستقبال الشكاوى العمالية، خاصة المتضررين من جائحة كورونا.
وبلغ عدد الشكاوى التي تلقتها الوزارة منذ بداية جائحة كورنا أكثر من 51 ألف شكوى متنوعة بين إنهاء خدمات وتأخر في دفع الأجور، حيث بلغ عدد الذين تم إنهاء خدماتهم 6 آلاف و406 عمال، أعادت الوزارة منهم إلى العمل 4 آلاف و194 عاملا، في حين أنهيت خدمات 2080 عاملا بشكل قانوني وغير مخالف لأوامر الدفاع والبلاغات التي صدرت عنها، وما زال هناك 132 شكوى قيد الإجراء.
وتابع الزيود أن أمر الدفاع رقم 6 والبلاغات الصادرة بموجبه، ساهمت بشكل إيجابي في تخفيض نسب تسريح العمالة، وألزمت المؤسسات والشركات المتأخرة بدفع أجور عامليها كاملة.
قطاعات مغلقة
أرباب العمل الذين سرحوا موظفيهم لهم جملة من المبررات، ففي المشهد المحلي تبدوا صالات الأفراح ومكاتب تنظيم الحفلات المغلقة منذ 7 أشهر وحتى الآن، من أكثر القطاعات الاقتصادية المتضررة بجائحة كورونا، حيث بلغ حجم الضرر الذي لحق بهذا القطاع أكثر من 40 مليون دينار (56 مليون دولار).
يضاف إلى ذلك تسريح نحو 40 ألف موظف يعملون في هذا القطاع، وتوقف العمل لنحو 27 قطاعا خدميا يعملون بشكل مباشر مع هذا القطاع، وفق نقابة أصحاب صالات الأفراح.
مشكلة البطالة ليست محلية يعاني منها الأردن فقط، بل معظم دول العالم، ولها آثار اجتماعية واقتصادية وخيمة، خاصة وأنها تمس شريحة واسعة من الأسر الأردنية، لكن مما يزيد من تعقيد المسألة استمرار السياسات الاقتصادية والاستثمارية وإستراتيجيات الموارد البشرية في تجاهل هذه المشكلة.