التنظير على رؤوس المسؤولين يبدو سهلا من جانب المتفرجين، لكن ليس كل ما يقال، يتوجب رفضه، او التشكيك به، او الانتقاص من دوافعه، او اشاحة الوجه عنه.
الان هناك تحديات كبيرة تختلف عن كل السنين الفائتة، وترتبط بالسؤال الأهم حول الأردن في عام 2021، واذا ما كانت هناك جهات في الدولة تجتمع معا، لوضع السيناريوهات المحتملة حول العام المقبل، على الصعيد السياسي الداخلي والإقليمي والدولي، إضافة الى الوضع الاقتصادي، وأوضاع القطاعات المختلفة، والتحديات التي قد نراها بعد شهور!
استبصار المستقبل، علم بحد ذاته، وكل الدول تضع خططها التي قد تنفذها في حال تغيرت الظروف، والأردن اليوم يواجه ملفات ثقيلة ستنتقل الى العام الجديد، وابزرها الملف الفلسطيني بكل تعقيداته واحتمالاته، والانتخابات الأميركية وتأثيرها في التوجهات في الأردن، المشروع الإسرائيلي وسقوفه، ووضع مجلس النواب المقبل، والتركيبة الداخلية والمشاكل والأزمات التي تعصف بالبنية الاجتماعية، ومشاكل الخزينة والمديونية، والملف الاقتصادي وما يرتبط به من بطالة وفقر وتراجعات واغلاقات، وملف كورونا وتفاصيل الملف الصحي، وملف استعادة الثقة بين المؤسسات والناس، والعلاقات الأردنية العربية، ملف الدور الإقليمي للأردن، وماذا يريد ان يحقق الأردن خلال عام 2021، امام كل هذه التحديات.
لا تسمع الا عن إدارة قصيرة المدى في الأردن، او إدارة تعتمد على تقييم كل يوم بيوم، وحين تسأل عن عدم القدرة على وضع خطط أطول من حيث المدة، يتم الرد عليك بان الواقع صعب، ويتغير بسرعة غريبة، ولهذا تفشل الخطط متوسطة المدى، وتلك الطويلة، ولا تجد عمان سوى الإدارة اليومية في اغلب الحالات للتعامل مع الوضع.
هذا الكلام على صحته في بعض القضايا، الا انه ليس مهربا من التعامل مع ملفات مختلفة، بما يفرض وجود خلية سياسي واقتصادية واجتماعية تستعد منذ الان للعام المقبل، خصوصا، ان كل المؤشرات تتحدث عن ان هذا العام سيأخذنا الى ما هو اصعب، واكثر ثقلا.
لم نسمع عن أي تصور رسمي لما سيكون عليه الأردن في عام 2021، والقصة هنا، ليست قصة السباحة في غامض الغيب، لكن هناك قضايا واضحة وبحاجة الى وضع تصورات وحلول، منذ الان، خصوصا، مع إقرار الرسميين ان كل شيء يتغير بسرعة.
هناك حالة استسلام غريبة لمشاكل البلد وازماته، وكأن المؤسسة الرسمية تعلن عدم قدرتها على التعامل مع هذه الملفات، او تترك بعضها للإدارة اليومية، وتترك بعضها الاخر باعتباره بات مزمنا، ولا أمل في إيجاد حل، وهذه الطريقة أدت الى شعور الناس، بعدم وجود جهة راعية لهم، تدرس الملفات وتضع الخطط، وهذا كلام تسمعه من كل الناس، من العاملين في قطاع التعليم، مرورا بالعاملين في قطاع الزراعة، وصولا الى قطاع السياحة، وبينهم عدد كبير من المواطنين الذين يشعرون بعدم وجود خطة ولا برنامج على المستوى الفردي والجمعي.
لقد آن الأوان ان تدعو عمان خلايا التخطيط والتفكير الرسمية، وغير الرسمية، لجلسات مغلقة تضع فيها كل التصورات والسيناريوهات المحتملة، للعام المقبل، وان تبحث عن الحلول لكل ازمة قائمة، او محتملة، لعلنا ندخل لمرة واحدة العام الجديد بتصور عما نريد ان نكون، وماذا سنفعل امام كل المشاكل التي تتزايد وتتراكم ويتم اهمالها لصالح الإدارة اليومية على حساب التخطيط الاستراتيجي، الذي فقدناه بذريعة فقدان السيطرة على كثير من الأمور.
الغد