خدمةُ العَلمِ التي تمَّ الإعلانُ عن إعادةِ تَفعيلها، تُشكِّلُ بدايةً جديدةً لمرحلةٍ جديدةٍ في تاريخِ الدّولةِ.
أهميةُ عَودةِ خدمةِ العَلمِ لا تَقتَصرُ على المُساهمةِ في حلِّ مشكلةِ البطالةِ لدى صُفوفِ الشبابِ الأردنيّ، الجيلِ الجديدِ، وإنما تتعدّى ذلكَ بتعزيزِ صناعةِ الهويّةِ الوطنيّةِ والإحساسِ بالمسؤوليّةِ والانتماءِ، وتدفعُ نحوَ رفعِ وتيرةِ الوَعيِ الوطنيِّ والابتعادِ بهم قَدرَ الإمكانِ عن الأفكارِ المَسمومةِ كالإرهابِ والمُخدراتِ ..إلخ.
لا شكَّ في إسهامِ خدمةِ العَلمِ بتقليصِ البطالةِ والإحباطِ الذي يَنتشرُ وسطَ فئةِ الشّبابِ وجَعلهِ أكثرَ إنتاجيّةً وإنقاذِهِ من بَراثنِ الضّياعِ والتطرُّفِ والانحرافِ وفقدانِ الأملِ، ومَنحهِ إمكانياتٍ جديدةً تَجعلهُ مواطنًا يُسهِمُ في دفعِ عجلةِ التنميةِ بطُرقٍ أكثرَ جَدوى وفاعليةً، فالجيشُ مدرسةٌ للقِيَمِ الوطنيّةِ الكُبرى، مدرسةٌ متميزةٌ تُعلِّمُ الاعتمادَ على الذَّاتِ والتضامنَ والبحثَ عن الحلولِ الناجحةِ وحُبَّ التضحيةِ والإخلاصِ.
الحاجةُ ماسَّةٌ لخدمةِ العَلمِ في هذا الوقتِ بالذاتِ، ونحنُ على أَعتابِ مئويّةِ الدّولةِ التي نهضتْ بفعلِ إرادةٍ سياسيّةٍ تُؤمنُ بالإنسانِ الأردنيِّ كقيمةٍ كبيرةٍ، وإيمانِ الأردنيينَ بوطنِهم ورفعَتِهِ.
ثمَّةَ ظواهرُ اجتماعيةٌ طَغَتْ على السَّطحِ خلالَ العَقدِ الأخيرِ كانَ الشَّبابُ الأردنيُّ هدفًا سهلًا لفئاتٍ سَعتْ لجعلِ هؤلاءِ خَصمًا للدولةِ ولم تكُنِ الإدارةُ الحكوميّةُ قادرةً على إيجادِ الحَواضنِ الوطنيّةِ والبيئةِ المُناسبةِ التي تَجذبُ هذا الجيلَ نحو أجنداتِ الدّولةِ ومَصالحِهَا العُليا.. فمِنهم مَن هَرولَ نحوَ الإرهابِ وآخرُ ذهبَ نحوَ الحراكاتِ تعبيرًا عن احتجاجِهِ على واقعِ الحَالِ فيما كَانتْ مِنصَّاتُ «السوشال ميديا» تفتحُ أذرعَهَا لفئاتٍ وَجدتْ فيها مكانًا للتنظيرِ والنَّقدِ وتَداولِ الإشاعاتِ والأخبارِ الزّائفةِ باعتبارِها حقائقَ وهي لا تمتُّ للواقعِ والحَقيقةِ بِصِلَةٍ، فانتشرتْ الإشاعاتُ وارتفعَ ضَجيجُ خطابِ الكَراهيَّةِ واغتيالِ الشَّخصياتِ… ولذَا فإنَّ تَعزيزَ احترامِ الفَردِ وتنميةَ الشُّعورِ بالمُواطنَةِ هي الخَيارُ السَّليمُ لمُواجهَةِ سُلوكياتٍ خاطئةٍ لدى فئةٍ من الشّبابِ لا تَستدعِي تشريعَ قوانينَ قد تتنافَى مع القِيمِ الدّيمقراطيّةِ.
خدمةُ العَلمِ اليومَ عنوانٌ لمَرحلةٍ جديدةٍ في بلدنَا، وقرارٌ عقلانيٌّ رَشيدٌ نأملُ أنْ يُحقِّقَ ثمارَهُ الخَيِّرَةَ على صَعيدِ بِناءِ الوَطنِ واستقرارِهِ، فالشّبابُ هم المَورِدُ والمُحرِّكُ الحقيقيُّ للتنميةِ.
التَّجنيدُ الإجباريُّ أو خدمةُ الجَيشِ تَستهدِفُ بالأساسِ فئةَ الشّبابِ، تَفرِضُهُ معظمُ دولِ العَالَمِ، على اعتبارِ أنَّه واجبٌ وطنيٌّ ومدرسةٌ للتربيةِ على القِيمِ الكُبرى، مِن مَبدأ الاعتمادِ على الذّاتِ إلى زَرعِ التضحيةِ ونُكرانِ الذّاتِ وخدمةِ المَصلحةِ الوَطنيَّةِ.