أصبح من الضروري وضع استراتيجية واضحة للسنوات القادمة تعمل على صيانة وتطوير مرفق القضاء وسائر الأجهزة المساندة له، وتساهم في تعزيز البيئة القضائية الفاعلة والنزيهة، وتهيئة بنية مؤسسية عصرية تليق بالقضاء، وتوفير كوادر خبيرة ومتخصصة، وتطوير سياسات وتشريعات لتسريع عملية التقاضي وتيسيرها والارتقاء بها. ( الاوراق الملكية )
القضاء والأمن العام
يشكل رجل الامن رمزية اساسية لهيبة الدولة , فهو عنوان المحافظة على مكونات الدولة والسهر على راحة وامن المواطنين والزائرين.
اضافة الى ذلك فالامن العام هو الاداة التنفيذية للسلطة القضائية التي تعد عنوان العدالة , وبدون هذا التوازن تختل المعادلة ويحل الاضطراب.
يقع على كاهل رجل الامن العام مسؤوليات اقرها الدستور والقوانين الناظمة لامن واستقرار المواطن وممتلكاته , اضافة الى كونه مكلف بتطبيق القانون, خاصة الاحكام الصادرة عن المؤسسة القضائية .
وامام ما نشاهده ونسمعه من سلوكيات غير سوية يقوم بها بعض من تجردوا من القيم الانسانية, يُطرح السؤال ما دور رجل الامن في التصدي للظواهر والسلوكيات غير السوية التي تصل الى حد الجريمة المنظمة كما شاهدنا الفعل الجرمي الذي وقع على فتى الزرقاء مؤخراً.
من يتصدى لاصحاب الاسبقيات ولماذا بعضهم حر طليق رغم القيود المسجلة عليه وهل الامن العام وحده المسؤول عن هذه الظاهرة يقول القاضي السابق محمد الصوراني ” نحتاج الى اعادة النظر بالعديد من التشريعات التي حدت من صلاحيات القضاة في التوقيف لبعض القضايا , هناك قضايا لم يعد للمدعي العام الحق في توقيف بعض الاشخاص, وفي بعض الاحوال يكون التوقيف لمدة شهر , او لستة شهور في بعض القضايا الجنائية ”
يضيف القاضي الصوراني ” المشكلة ليست بالامن العام ولا بالجهاز القضائي , المشكلة بالتشريعات التي تغل من يد القضاء , وتشكل تحديا لرجل الامن الذي يكد ويتعب من اجل تنفيذ الاجراءات القانونية خاصة الاحكام الصادرة من المؤسسة القضائية”.
المقدم المتقاعد والمدعي العام السابق اسامه الحصان قال ” يواجه رجل الامن العام تحديات كبيره خلال قيامه بواجبه اليومي في التعامل مع المعطيات الامنية بكافة اشكالها , اضافة الى تنفيذ الواجبات المتصلة بالاحكام القضائية ”
احباط ليس له حدود يضيف ” المقدم اسامه الحصان , تصور عندما تقوم بتنفيذ امر مدعي عام بإلقاء القبض على شخص يوجد عليه عدد من القضايا والقيود الجرمية وبعد متابعة وسهر وتكاليف يتكبدها جهاز الامن لالقاء القبض على المطلوب او المطلوبين تكون المفاجأة بان هذا الشخص يخرج حرا طليقا بسبب وجود ثغرات في القانون”.
يؤكد اسامه الحصان بان جهاز الامن العام لا يتحمل مسؤولية ترك المشتكى عليه حرا طليقا , اضافة الى ان القوانين التي تتصل بأداء واجب رجل الامن تحتاج الى اعادة نظر تمٌكن رجل الامن من ممارسة واجباته دون الشعور بالاحباط او تحمل المسؤولية الاجتماعية بان يصبح مسؤولا عن اي سلوك يعد خطأ في حق المطلوب “.
يعود القاضي الصوراني ليشير الى ” جهاز الامن العام لدية سطلة الحاكم الاداري وهي سلطة مباشرة يجب منحها المزيد من الصلاحيلات حتى تتصدى للافعال والسلوكيات الجرمية حال وقوعها وبشكل مباشر , الامن العام لديهم صلاحية توقيف لغايات التحقيق بعدها يتم تحويل الى الموقوف الى الجهات القضائية او الحاكم الاداري والامن العام هنا ايضا هو الاداة التنفيذية, وليس صاحب صلاحية باطلاق الاحكام لكن اعود واوكد على اهمية منح الحكام الاداريين مزيدا من الصلاحيات التي نحتاجها لحماية المجتمع “.
المحامي وقاضي الجنايات ناجح الديات قال ” نحن نحكم على رجل الامن انطلاقا من عواطفنا , ولذلك فهو متهم بالتقصير”
يشير المحامي الديات ” عندما ياتي شخص للمركز الامني مقدما شكواه بحق اخر ثم يقوم المشتكي باسقاط حقه لاي سبب كان , ويحدث بعد ذلك تصادم بين الطرفين ما علاقة رجل الامن هنا !!!
اضافة في حال قيام احد الاطراف بالتنازل عن قضيته في المحكمة يصبح وكأنه لم تكن هناك قضية فماعلاقة القضاء بذلك ؟
يضيف المحامي الديات ” التشريعات عادة تحتاج الى اعادة نظر وتطوير حتى تتوافق مع التطور الذي يشهده المجتمع بكافة القطاعات , وهنا اشير الى ان الجريمة وادواتها في تطور ايضا مما يتطلب اعادة النظر بالعديد من تشريعات الحماية المجتمعية “.
واضاف المحامي الديات “رجل الامن له صلاحيات محددة بموجب القانون , ولا يسأل ولا يعاقب في حال قام بتنفيذ وتطبيق القانون وعلى العكس من ذلك هناك العديد من الامثلة على قيام بعض الاشخاص بتقديم شكاوي كيديه اساءت للكثير من رجال الامن العام سواء بالنقل او الترميج ,
لذلك لابد من اعادة النظر بالتشريعات التي تطال العمل الشرطي وتعزيز دور وفاعلية رجل الامن العام دون الالتفات الى الاصوات التي تتستر خلف مصالحها باسم حقوق الانسان ايضاً , لان حقوق الانسان مصونة بموجب تشريعات وبموجب العرف العام الذي يقدر الانسان السوي من غير السوي “.
الخلاصة ان التشريعات النافذة لا تساعد رجل الامن على القيام بدوره الحقيقي في متابعة بعض اصحاب السوابق بعد خروجهم من السجن او بالكفالة , ويبقى اجراء الحاكم الاداري بوضع ذوي الاسبقيات الجرمية تحت الاقامة الجبرية اجراء مؤقتا ينتهي بهد ستة شهور بالحد الاعلى ليعود اصحاب السوابق الى كارهم دون حسيب او رقيب , وهناك قيادات اجتماعية اعطت اصحاب السوابق صفة البطولة من خلال متابعة قضاياهم وتكفيلهم , وما حادثة فتى الزرقاء ببعيدة .