كتب الخبير في الإقتصاد السياسي زيان زوانة …
يدرك الجميع آثار وقف التعليم بمراحله المختلفة ، ولتعطيل الجامعات والمدارس والحضانات سلسلة آثار متتالية : بتعطيل الجامعات تتوقف الحياة فيها ومن حولها وتتراجع حركة النقل العام والخاص منها وإليها ، ويقل استهلاك المحروقات ويتعطل السائقين ومعاونيهم وتتوقف أعمال محلات الخدمات المرتبطة بالجامعة من مطاعم ومقاهي ومكتبات واماكن نسخ وقرطاسية ومحلات بقالة وسكنات جامعية وتتوقف جميعها عن شراء مستهلاكاتها المختلفة من المزودين ، ومثله عند تعطيل المدارس ، لتطفو اسئلة الأهالي الحائرة : كيف سيدرس أبنائهم ؟ومن سيدرّسهم وهم غير مؤهلين لذلك ؟ وبعضهم لا يملك جهاز كمبيوتر ؟ ولا إنترنت ؟ ومعظمهم يريدون إرسال أبنائهم للمدارس ليتفرغوا لأعمالهم ووظائفهم خارج المنزل أو للبحث عن عمل ؟ ما يصعّب عليهم مغادرة منازلهم وترك أولادهم فيها ، فرغم كل تعليمات التوجيه الأبوية ، يبقى ابناؤهم أطفالا ليس أكثر ؟ وماذا عن الرسوم التي سبق ودفعوها للمدرسة ؟ وهل سستعيد المدرسة جزءا منها للأهالي ؟ وكيف ستدفع المدرسة رواتب العاملين لديها مدرسين وإداريين وموظفي خدمات ؟ ومثله عند تعطيل الحضانات بسلسلة أعمالها من مباني وإيجارات وموظفات وسائقين وباصات وتتوقف عن شراء مستهلكاتها المختلفة ، وتبقى الأم العاملة في منزلها تتفاوض مع رب عملها ، وهل كل الأعمال ممكنة عن بعد؟ وهل تملك مقومات هذا من كمبيوتر وإنترنت ومساحة منزلية وبيئة مساعدة ؟ وما هي ردة فعل رب عملها ؟ هل سيوافق او يجدها فرصة ويستغني عنها لتنضم للمتعطلين؟
وهكذا ، لكل قطاع اقتصادي سلسلة تزويد متصلة ، تتأثر بجميع العاملين فيها ، موظفين وأصحاب عمل ومزودين ، بينما التزاماتهم الحياتية لا تتوقف ، مأكلا ومشربا وإيجارات ورسوم وضرائب و.. ، والنتيجة يخفض هؤلاء جميعا نفقاتهم ، فينخفض معه الطلب الكلي في السوق ، ما يخفض إنتاج المملكة ومستورداتها ، يلحقه انخفاض إيرادات الحكومة من ضريبة المبيعات والرسوم والجمارك ، فيرتفع عجز الخزينة ، فتلجأ الحكومة لمزيد من الإقتراض لسد العجز ، فمزيد من العجز ، يصاحبه عجز المتعطلين والمتوقفة أعمالهم عن دفع التزاماتهم للبنوك ، فتزيد نسبة القروض غير العاملة في البنوك ، ما يجبرها على اقتطاع جزء من ارباحها المتناقصة كمخصصات لها ، ما يلحقه انخفاض ما تدفعه من ضريبة دخل للخزينة ، وانخفاض ما توزعه على مساهميها من أرباح ، إن سمح لها البنك المركزي الأردني بالتوزيع ، فتلجأ وأصحاب العمل للإستغناء عن موظفيهم لتتراجع اشتراكات الضمان الإجتماعي. وهكذا ، يدخل اقتصادنا في دائرة لعينة تدور به وتسحبه إلى الأسفل ، ليتراجع لانكماش بمعدّل مقدر بالسالب 5% ، وترتفع البطالة والفقر وتنخفض المناعة الصحية ،
ويتعمق الإحتقان داخل أتون يغلي ، بانتظار حالة تنفيس مجهولة .
بينما ظهر وزير الصحة في حواره مع عامر الرجوب ليلة أمس أقل تماسكا مفتقدا مسؤوليته كوزير في الحكومة التي تدير شؤون البلاد والعباد ، يظهر أن الحكومة قد اختارت بين دوران الإقتصاد وتوقيفه.