التعلم الالكتروني وبعد الطالب عن الكتاب المدرسي

بقلم : تمارا ابو سالم

إنّ بناءِ العقول أصعبُ من بناء البيوتْ وقد كُنتِ يا معلمتي خير بناءً لها، فقد بنيتِ عقولاً كثيرة وشيدّتِها بمعالم الصِدقِ والأمانة، وصقلتِ شخصيتنا بالعلم الصحيح وأعطيتنا مفاتيح الثقة

حارَ فِكري وحارت العبارات فأنتِ مُعلِمتَي حقل المعرفة الذي ظَلَ يسعى لإنباتِ أشتالِ علمٍ و معرفة ، طالما كُنتِ تحرصينَ على نَقلِ المعرفةِ وغَرسِ بذورِ علمٍ في عُقولِنا لترويها علماً وثقافة بعد عَطَشها ، و تَنتَظرينَ أنْ تُنبِتَ عُقولاً نَيرة.

قد غرستِ في قلبي كل معاني العطاءِ والحب ومسحتِ عني كدر الجهلِ والضلال، فتعلمتُ منكِ النجاح والتفوق والجد و الاجتهاد بالعمل.

أتفكَرُ بحالِ الطالبْ وبُعده عن الكِتاب المدرسي واستبداله بالاجهزة الحديثة ، والتعلم من خلفِ شاشاتٍ بحصص مصورة . في بادئة الامر لم أُدرِك مدى تأثير طريقة التعلم هذه على شغفي وأحلامي كُنت اعتقد بأنها مرحلة انتقالٍ تؤدي الى تسريع التعلم و المعرفة.

واعتماد التعلم الذاتي القائم على جهد الطالب, لطالما كانت الطريقة التي ناديتُ بها..
وها أنا الان أسقُط من العالم المليئ بالأحلام الذي طالما سعت مُعلمتي لايصالي إليه كطيرٍ كان حُر طَلِق في عالم المعرفة الى قفصٍ مُشيد بالاكترونيات وافتراضِ معلمٍ الكترونيْ.

نَستقي عِلماً افتراضي لا يسمح لي برؤية وجه معلمتي وفخرها بكل خطوةٍ نخطوها نحو المعرفة ، أتوق لسماع صوتِ تصفيق زملائي عند حصولي على علامةٍ مرتفعة وثناء معلمتي وفخرها بي .

وها انا الان انظر بحزنّ الى علامتي الالكترونية التي تظهر مباشرةً بعد انتهائي من الامتحان ، لم اتسابق مع عقارب الساعة لصباح غد لأسال معلمتي عن علامتي ! فقدت فرحتي بحصولي على علامة مرتفعة.

لم اعد اسعى لاكون اعلى علامة في الفصل !انظر الى حقيبتي المليئة بالاقلام الملونة وكراستي الجميلة التي اخترتها بنفسي لكنها فارغة ! اين العبارات التحفيزية التي سقلت بها معلمتي شخصيتي؟

تلقيتُ اتصالاً هاتفي من معلمتي ألقت على مسامعي بعض الكلمات ..
اني انصت لانين قلبي فأسمع صوت طفلٍ أبكم يهمس بهدوء كانوا هنا يوما.. انتم قناديل علمٍ سَعيتُ جاهدةً لأنيرها ، كم يستهويني أن نبحر بعلم ثقافتكم وتتعانق أفكارنا بالوصول الى أعماق المعرفة الى عالمنا الذي افترضناه بمخيلاتنا لرسم طريق نجاحٍ لكل طالب منكم . ربما حالت الظروف وعجزت عيني ان تراكم لكن روحي تلقاكم وتعانقكم كعناق شجرة معمرة لجذورها الماكنة !

أصبحت عيوني كغيوم انتظرت فصل الشتاء لتتساقط قطرات دمع اثقلت روحي .
لكنها أكملت بقولها : ما كان لغياب المكان ان يكون عائقاً أمام الابداعِ و التميُز والان انتظر بشغفٍ حصادًا مُثمراً لاشتالي .