الصحاري تلتحف الثلوج والعواصف تدخل المدن.. ما الذي يحدث في الوطن العربي؟

الأردن اليوم – يتعرض الوطن العربي حاليا لموجة برد قاسية لم تشهد بعض البلاد مثلها من قبل، في سوريا والأردن وليبيا، ووصلت الثلوج لمناطق لم تظهر فيها منذ سنوات طويلة، وفي لبنان تسببت العواصف الباردة في انقطاع الكهرباء عن مناطق عدة.

أما في مصر فقد اجتاحت البلاد موجة شديدة من الطقس السيئ، تضمنت تساقطا غزيرا للأمطار مع انخفاض إلى مستوى قياسي في درجات الحرارة نهارا وليلا، الأمر الذي دفع البلاد لإيقاف بعض الأنشطة السياحية، خاصة في شبه جزيرة سيناء.

موجات البرد هي فترات زمنية تشهد حدوث انخفاض مفاجئ في درجات الحرارة عن معدلاتها المعروفة في منطقة معينة، وتحدث عادة في الشتاء، وتترافق مع تساقط ثلوج.

وبسبب التغيرات الطبيعية في حالة الطقس، فإنه من المتوقع أن تحدث موجات برد بدرجات مختلفة من الشدة في أي مكان تقريبا، لكن ما يلفت انتباه العلماء دائما هو معدلات حدوث هذه النوعية من الموجات.

ولفهم الفكرة بشكل أقرب للواقع، دعنا مثلا نتأمل ما يحدث الآن في مدينة عين الصفراء بولاية النعامة الجزائرية، حيث شهدت المدينة تساقطا كثيفا للثلوج في 3 مرات، وقعت جميعها ضمن آخر 5 سنوات: 2017 و2018 و2021.

وقبل مطلع الألفية، لم يكن الوطن العربي على موعد مع هذا العدد الكبير من الاضطرابات المناخية، ونتحدث هنا عن نطاق واسع من الموجات الحارة والموجات الباردة والعواصف الترابية.

على سبيل المثال، في سبتمبر/أيلول 2015 ضربت عاصفة رملية استثنائية منطقة الشرق الأوسط، وتسببت في حالات وفاة وإيقاف الحياة العامة. وفي تلك الأثناء، عكف فريق بحثي من جامعة برينستون (Princeton University) على دراستها، لتكشف النتائج أن التغير المناخي -مع عوامل أخرى- كان سببا رئيسيا في حدوثها.

وأشارت الدراسة إلى حالات الجفاف التي شملت مناطق عدة في الوطن العربي، خاصة أن صيف 2015 كان حارا بصورة غير مسبوقة، ورفع كمية الغبار المتاحة للعاصفة مما أجج أثرها.

معدلات مرتفعة

في الواقع، إن آخر 7 سنوات كانت الأعلى حرارة في تاريخ قياس متوسطات درجات الحرارة حول العالم، لكن هل يمكن أن يتسبب الاحترار العالمي في موجات باردة؟ يرى فريق من العلماء أن ارتفاع متوسط درجات الحرارة عالميا يساعد في إحداث معدلات أكبر من الاضطرابات المناخية المختلفة، بما في ذلك الموجات الباردة.

على سبيل المثال، لاحظ فريق بحثي دولي في عام 2019 أن درجات الحرارة الدافئة بشكل غير عادي في المنطقة القطبية الشمالية يمكن أن تزعزع استقرار الدوّامة القطبية الباردة التي تدور أعلاه، مما يجعل بعض أثرها يسافر مُخترقا إلى مسافات أعمق من الغرب إلى الشرق، ونشرت هذه الدراسة في دورية “نيتشر كلايمت تشينج” (Nature Climate Change).

من جانب، آخر تنبأت عمليات محاكاة حاسوبية عام 2016 بأنه مع ارتفاع متوسطات درجة حرارة القطب الشمالي، يمكننا توقع زيادة في وتيرة وشدة موجات البرد في المناطق الشمالية المعتدلة لبضع سنوات تالية.