أكد تقرير حالة البلاد 2020 الذي أصدره المجلس الاقتصادي والاجتماعي أخيراً، ضرورة إيجاد البنية التحتية اللازمة لتحول الأردن إلى مركز إقليمي لتبادل الطاقة وإيجاد مشاريع محددة بخصوصها، وعقد اتفاقيات تزويد طويلة الأمد للاستيراد أو التصدير.
وأشار التقرير إلى ضرورة تجديد امتياز المصفاة لمدة طويلة، وإنشاء مصفاة جديدة وخطوط أنابيب للنفط ومراكز لتكنولوجيات الطاقة المختلفة.
وبخصوص تعزيز التعاون الدولي وتطويره، بين التقرير، أن أهم فصول التعاون تتمثل في التكنولوجيا والاتفاقيات طويلة الأمد وأن تتناول الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الجوانب التكنولوجية المطلوب للأردن التمكن منها؛ سواءً ما يتناول الصخر الزيتي أو الغاز أو التصاميم اللاتفاعلية أو إدارة الشبكات الكهربائية المرتبطة بأكبر عدد من محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أو تخزين الطاقة.
وقال التقرير، إن الاتفاقيات طويلة الأمد للنفط الخام والغاز الطبيعي حاسمة في مسألتي أمن التزود بالنفط ومشتقاته، مشيرا إلى تواضع التوسع في استثمار الثروة المعدنية، مبينا أن جائحة كورونا جاءت لتوقف معظم النشاطات الجديدة، وكانت زيادة مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي بسيطة، إذ تحرك الرقم من 6.7 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2018 إلى 8 % في عام 2019 ما يعادل 287 مليون دينار.
ودعا التقرير إلى إطلاق مشاريع وطنية لاستثمار الثروات الوطنية وتطوير صناعات وتكنولوجيات وتوجيه العطاءات والأعمال للشركات الوطنية بالدرجة الأولى لتحقيق الأمن الاقتصادي والوطني الذي تسعى استراتيجية الطاقة لتحقيقه خلال السنوات المقبلة.
وقال التقرير في توصياته لقطاع الطاقة، إن المستثمر لا يغامر باستثماراته على أساس اتفاقيات سنوية قد تجدد وقد لا تَّجدد وهو ما يؤكد أهمية الاتفاقيات طويلة الأمد مع الدول المصدرة أو المستوردة للطاقة.
وأضاف، أن تخفيض كلفة الطاقة على القطاعات الصناعية والتجارية تتطلب الكثير من الجهد والبرامج والتعديلات وليس إجراءات جزئية مثل تخصيص 100 ميغاواط في الاستطاعة هنا وهناك، مشددا على ضرورة عدم تأجيل أو تأخير إقامة الشراكات مع الخبراء والقطاع الخاص والأكاديميات خاصة وأن هذه الشراكات لا تتطلب تخصيصات مالية تذكر.
وأشار إلى أن شركة الكهرباء الوطنية تدفع لشركات توليد الطاقة رسوماً مرتبطة بالاستطاعة المركبة وليس بحسب التوليد الفعلي.
ودعا التقرير إلى وضع برنامج تشارك فيه شركات التوليد والنقل والتوزيع الكهربائي بهدف تخفيض الفاقد في قطاعات التوليد والنقل والتوزيع، خاصة أن الرقم الكلي للفاقد ارتفع من 12 % في عام 2018 إلى 12.4% في عام 2019.
وقال التقرير، إن التوسع في الطاقة الشمسية يتطلب وضع برنامج وطني على أوسع نطاق من خلال تعاقدات أو ترتيبات على تزويد مناطق بكاملها كمستهلكين فرديين مقابل ترتيبات معينة في التمويل، وعدم التركيز على المحطات الكبيرة بكل الإشكاليات المالية والهندسية وإدارة الأعمال والتكاليف التي ترافقها.
وأضاف التقرير: يمكن أن يأخذ صندوق الطاقة دورا فاعلا في هذا الاتجاه، خاصة أن برامجه ساعدت في تحقيق الإنصاف في الطاقة للأسر محدودة الدخل والمباني ذات النفع العام.
وأشار التقرير إلى أهمية عقد اتفاقيات ملزمة وطويلة الأمد مع الدول المجاورة لتخفيض كلفة الطاقة لتقترب أكثر فأكثر من تحملية المستهلك العادي والمنتجين في القطاعات الاقتصادية وُتحدث أثرا حقيقيا.
وقال التقرير، إن قطاع الطاقة بحاجة إلى المزيد من التنسيق بين المؤسسات من خلال إعادة الهيكلة وإحداث تغيير في هيكلية شركة الكهرباء الوطنية وصلاحياتها.
وأكد أهمية وجود مرجعية واحدة تضم العلماء والخبراء والفنيين وتكون مرجعا للمعلومات والدراسات والمشاريع، المتعلقة بالمصادر الطبيعية والتعدين والتي ما زالت موزعة بين عدد من المؤسسات، داعيا إلى ضرورة استعادة “سلطة المصادر الطبيعية”.
وأشار إلى أن قطاع النقل، هو المستهلك الأكبر للطاقة، إذ يستهلك 35 % من الطاقة الأولية، ولم تتغير بنية النقل من فردي إلى جماعي إلا في حدود ضيقة.
وتابع التقرير: إن إنشاء شبكة حديد وطنية غير مشار إليه باستثناء الشبكة المطروحة مع الجانب العراقي، وإيجاد برنامج وطني للقيادة الاقتصادية والعمل على نشر استخدام الدراجات الكهربائية والهوائية.
وشدد على أهمية وضع البدائل الأكثر اقتصادية في الطاقة لكل مفردة من مفردات الاستهلاك المنزلي على حدة، فتسخين المياه مثلا يستهلك ما يقرب من 30 % من مجمل الاستهلاك المنزلي أو ما يعادل 270 مليون دينار سنوياً، وهذه يمكن تخفيضها بنسبة كبيرة عند تعميم السخانات الشمسية والتي لا يزال مؤشر تركيبها في الأردن متواضعاً ويصل إلى 14 % مقارنة بقبرص التي تصل إلى 92 % على سبيل المثال، وكذلك الحال بالنسبة للتهوية والتبريد، إذ يمكن تخفيض الطاقة من خلال التصاميم المعمارية المناسبة والمبردات الصحراوية العاملة بالطاقة الشمسية.
وأكد التقرير، أهمية الشروع في دراسات جادة لتكنولوجيا تخزين الطاقة المتجددة وخاصة الطاقة الشمسية كي لا يقف الأردن متخلفا في التكنولوجيات الحديثة للطاقة.
وقال لا توجد إشارة إلى تحسن دليل أمن الطاقة من المرتبة 121 إلى مرتبة أدنى؛ وصولا إلى وضع تونس على سبيل المثال 107، أو قبرص 109.
واضاف إن إعادة تنظيم القطاع وإعطاء البعد الاقتصادي للطاقة اهتماما كافيا من شأنه أن يقلل من المخاطر المتعلقة بالتزود والإنصاف والوصولية والتحملية.
وأشار التقرير إلى ضرورة صدور قرار رسمي يجعل تركيب السخانات الشمسية ووحدات الطاقة الكهربائية الشمسية للمباني الفردية إجبارية أو ضمن كودات البناء مقابل إعفاءات ضريبية وتسهيلات بنكية في التمويل.
وأكد الحاجة لوضع ونشر أدلة العمل بالطاقة تساعد الموظفين في الدوائر المختلفة على تفهم جوانب الطاقة ذات العلاقة بأعمالهم وتشمل هذه الادلة: دائرة الجمارك، مؤسسة المواصفات والمقاييس، غرفة الصناعة، الجامعات، ووزارات النقل والاشغال العامة والزراعة والتعليم العالي والبحث العلمي والتربية والتعليم والمياه والري والبيئة.
وتطرق التقرير إلى أهمية وجود برنامج وطني ناجز باتجاه استخدام فائق الاستطاعة المتاح في محطات التوليد المتعاقد معها في تحلية المياه وتحويل محطات ضخ المياه ومعاجلة المياه العادمة إلى الطاقة الشمسية.
ودعا التقرير إلى مراجعة نهج تحديد أسعار المشتقات النفطية واعتماد مبدأ الدعم المتناوب بتحديد أسعار مرجعية للنفط الخام والمشتقات، وإنشاء صندوق الدعم المتناوب للطاقة في وزارة المالية أو البنك المركزي (صندوق أو حساب أو نافذة)، وعند انخفاض أسعار الخام والمشتقات، يتم الاحتفاظ بفروق الأسعار في الصندوق، وعند ارتفاع الأسعار يتم تعويض الفرق من موجودات الصندوق وتتم مراجعة الأسعار المباعة للمستهلك مرة كل عام.
وأشار التقرير إلى أن الطاقة المتجددة تتقدم ببطء شديد، وهذا يشمل توليد الكهرباء، والتحول نحو السيارات الكهربائية، والهندسة اللاتفاعلية، وغير ذلك، وما زال الغموض والتعقيد يحيطان بالإجراءات الخاصة بتركيب مولدات الطاقة الشمسية والمناطق المسموح بها للأنظمة الكبيرة، وكذلك بالوضع القانوني للشركات المتخصصة في الطاقة المتجددة.
وأرجع التقرير ذلك إلى عائدات الخزينة من النفط والمشتقات النفطية والتي تقدر بمليار دينار سنويا، وغير المباشرة بنحو 500 مليون دينار والتحول إلى الطاقة المتجددة سيؤدي إلى تناقص هذه العائدات بدرجة كبيرة، وبالمقابل، فإن استمرار الطاقة بشكلها التقليدي يعني تلوث البيئة، وخاصة بغاز ثاني أكسيد الكربون.
ووفقا للتقرير فإن المتوسط العالمي لكلفة التلوث 424 دينارا لكل فرد وبافتراض الكلفة للأردن 50 % من المتوسط العالمي، تصبح الكلفة 212 دينارا لكل فرد، تدفعها الخزينة على شكل خدمات صحية وتجديد وتنظيف معدات، ويدفع جزءا منها الاقتصاد الوطني والمواطن على شكل قطع غيار وتنظيف وتجديد.
وأكد، أن مقايضة عائدات المحروقات والطاقة التقليدية بكلفة التلوث صفقة غير رابحة، وهذا يقتضي وضع دراسات اكتوارية يتم بموجبها تعجيل التحول للطاقة المتجددة باقتناع الخزينة ودعمها.
وقال التقرير: إن كلفة قطاع الطاقة تقترب من 10 % من الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي فإن العمل على تخفيض كلفة هذا القطاع ورفع كفاءته وتخفيض الانبعاثات الغازية من النقل وتخفيض كلفة الطاقة للقطاعات الاقتصادية، كل ذلك لا يحسن معه الامتداد 10 سنوات، فالحركة البطيئة يترتب عليها خسائر ضخمة ومشكلات جديدة.
وأضاف: أنه من الضروري تشكيل فرق عمل مصغرة من الخبراء لوضع قائمة بالمسائل اللازمة لتطوير القطاع بكامله من منظور الاقتصاد الوطني، ووضع مفردات القائمة بترتيب تصاعدي، أي البدء بالمفردات الأقل كلفة والأسرع إنجازاً والأقل تعقيداً ليبدأ العمل بها متدرجاً بحسب تعقيد المفردة في القائمة.
وتابع: أن التحول إلى الطاقة المتجددة يعني في جوهره تخفيض كميات الوقود المستوردة وبالتالي انخفاض عائدات الرسوم والجمارك، دخول المستهلك النهائي طرفاً في توليد احتياجاته من الطاقة، وبالتالي تخفيض للكهرباء الجاهزة، دخول تغييرات بنيوية على شبكات الكهرباء للتعامل مع الحالة الجديدة.
وبين أن الخزينة تدفع بشكل غير مباشر تكاليف صحية لا تقل عن 6 % من مجمل ما يتم إنفاقه على الصحة نتيجة لتلوث البيئة الناشئ عن حرق المشتقات النفطية لغايات الكهرباء والنقل وكل تحول إلى الطاقة النظيفة يقلص جزءا من هذا التلوث ومن المدفوعات أيضا.
وأشار إلى أهمية التعاقد بين وزارة المياه ووزارة الطاقة على تناول المياه في مجالات التحلية والتنقية والضخ من خلال محطات يتم إنشاؤها لهذه الغاية وحساب أسعار الطاقة الكهربائية بالكلفة الحدية مع إضافة هامش محدود إليها يجعل من التحلية استثمارا مجدياً، ويمكن التوصل مع الصناعات الكبيرة والمؤسسات ذات الاستهلاك العالي للطاقة إلى صفقات بأسعار مخفضة لفترات زمنية محددة أو لعدد من الـ (ك.و.س) بحيث يتاح لهذه الصناعات والمؤسسات تخفيض كلف الإنتاج وفق برنامج زمني محدد.
بترا