كتب المعندس سليم البطاينة
ليس عيباً في ان نقول الحقيقة ونعترف بها ، أما ان نقلب الحقائق فهذا جنوح للفكر .. فالاردن يعيش منذ زمن طويل ازمات متراكمة ومُزمنة لا ينفكُ أن تُحل واحدةٌ حتى يدخل في أخرى
وكلُ تلك الازمات أخضعتنا لحالة غير مسبوقة في الفوضى في أحوالنا وافكارنا وادت الى أضطراب مجتمعي وارتباك وكراهية أصبحت تتسيد المشهد الداخلي … ولا ننسى الانفلات الاعلامي الذي أسهم في رفع حالة النزق والاستفزاز في الشارع
فالغموض والشك يطغيان على حقيقة ما جرى وما يجري حالياً والذي تتطلب معالجته بالحكمة
فالازمات في الاردن صارت من أهم ادوات الفعل السياسي .. فهيكل العلاقة بين الدولة ومؤسساتها من جهة والمواطنين من جهة أخرى بات من أكبر التحديات الداخلية
فعنوان المقال ليس سؤالاً بل لكنه جواب في صيغة سؤال .. فالاردن والنظام السياسي في حاجة ماسة ومُلحة لأعادة ترتيب وقراءة أوراق البلاد من جديد … فما حصل سابقاً بحق الناس والوطن لا يُغتفر وهذا ما ستكشفه قراءة الاوراق وترتيبها من جديد
فالمصلحة تستوجب أن تُطرح تلك الاوراق على بساط البحث حتى نخرج من دوامة النكسات التي مُنينا بها سابقاً ولا زلنا نحصدُ نتائجها حالياً …. فرغم معرفتي ان الخوض فيها سيُثيرُ حساسية لأنه ما زال هناك تجنباً واضحاً عن الخوض فيها وما زال هناك ايضًا من يقرأ ويشاهد ما يحدث من زاويته الخاصة لا من خلال الواقع والحقائق والمنطق … وهناك أخرين يحاولون جاهدين تفريغ ذاكرة الاردنيين وتسفيهها
فلا أتصور أنه قد سبق أن مر في تاريخ الاردن حالة من الغضب والاعتراض والرفض على واقع التدهور الحالي بالبلاد كما هو عليه الان
فأحياناً السياسين والكُتاب ومراكز الابحاث والفنانين يوصولون رسائلهم عبر حروف متشابكة … فعندما تحدث ازمة في أي دولة من دول العالم تتصدى لها عقول سياسية رصينة تُدرك طبيعة الازمة حتى لو كانت صادمة
فألى متى وإلى إين نحن ذاهبون بالاردن ؟ فالأمل مفقود والنهوض والاصلاح والتنمية موفقون حتى أشعار أخر .. والاحباط واليأس والفقر والجوع والبطالة أنتشرت بين الاردنيين كالنار في الهشيم ، بحيث باتت الناس تنظر إلى قادم الايام بعيون خائفة
فالنظام السياسي العقلاني هو الذي يوفر الأقنية والأُطر المؤسسية للاصلاح والتغير .. فالفراغ السياسي يحدث هزات اجتماعية غير متوقعة … وضمور العقل السياسي وفرد العضلات الامنية سيقود إلى الدمار لاحقاً … فالمناخ العام في الاردن بات أقل تسامحاً في التعبير عن الرأي .. فلا يمكن لأي أصلاح أن يتحقق دون كسر حاجز الخوف
فالاردن حالياً يشهد حالة من الاستقطاب السياسي والاجتماعي لم يعرفها منذ عقود طويلة من الزمن عبرت عن نفسها باشكال عديدة
فمنذ سنوات ونحن نحلم ونوعد بالنهضة والاصلاح والرفاه وفي كل مرة تخيب الآمال وتتحطم الاحلام ولنفس الاسباب .. فالانفعال السياسي لن يقود إلى نتيجة في ظل انكار لحقيقة الازمات في الاردن … فالبلاد ما زالت تُدار بالترقيع والمُسكنات وبالحسابات الخاطئة والارتجال
فمع أستمرار المياه الراكدة تكثرُ الأخطاء وتتراكم الاوساخ بحيث توصلُنا إلى مرحلة يصعبُ فيها الاصلاح وتكون حينها كلفته عالية وصعبة
فمع انتهاء المئوية الاولى من عمر الدولة الاردنية لا بد لنا من تقيم موضوعي للمسارات التي قطعناها لتحديد عوامل النُضج ومكامن الخلل .. فحجم وحقيقة الخلل البنيوي كبير في الحُوكمة وفِي إدارة البلاد .. فالأشارة إلى ان السطح هادئاً فهذا لا يمكن أن يراهن عليه مستقبلاً
فبناء أردن اردن جديد ليس حُلماً بل يحتاج إلى نُخب حقيقية تثقُ الناس فيها .. ومُراجعة نقدية من منظور عقلاني وموضوعي بعيداً عن أي تحيزات أو أدلجة تستند إلى رؤى فاعلة يقودها حُكماء ذو مهارات عالية في الحكم والادارة
فهناك الكثير من التساؤلات عما يحدث في الاردن ؟ لأنه ما زال هناك من يقرأ ما يحدث من زاويته الخاصة لا من خلال المنطق .. وهناك من يحاول ايضاً تفريغ ذاكرة الاردنيين وتسفيهها
فلا بد من إعادة قراءة الاوراق وترتيبها من جديد .. فلقد أضعنا وخلطنا أوراق كثيرة بحيث تم اهمالها وتمزيقها وربما حرقها
فما يحدث يومياً من احداث لا بد ان يمنحنا فرصة قراءة السياقات والبدء في وضع حد لازماتنا ومراجعة شاملة لاحوالنا
ويبقى مُهماً جداً الان قياس درجة الامل لدى الشباب الاردني وثقتهم في مستقبل البلاد وغيرها من المؤشرات على رأسها الغياب شبه الكامل الكلي للثقة في مؤسسات النظام السياسي والنُخب والرجال
وهنا أود أن أُذكر أن النظام السياسي الاردني لم يتشكل وفق عقيدة ايدولوجية عسكراتيه ولا بناء على توجه فكري شمولي … فنحن نختلف في المضمون والجوهر والشكل عن غيرنا من دول الاقليم