قدمت اللجنة القانونية النيابية، تعديلات على القانون المعدل لقانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، لعرضها على مجلس النواب، خلال جلسة أمس، إلا أن المجلس لم يناقش القانون وسط تصاعد الانتقادات في الأوساط الحقوقية والصحفية لهذا التعديل.
التعديل، الذي ورد بـ”معدل الفساد”، وافق عليه أعضاء “القانونية النيابية”، والتي ضمت كلا من النواب: فايز بصبوص وزيد العتوم وغازي الذنيبات وعارف السعايدة وسليمان العموش ورائد السميرات وحابس الشبيب ومحمد جرادات.
وأوصت اللجنة بالموافقة على إضافة البنود 10، 11، 12، على المادة 16 الفقرة أ من القانون الاصلي، اذ تضمن البند 10 “اعتبار كل من قدم أو تداول معلومات كاذبة بحق أي شخص طبيعي أو اعتباري أو أي من جهات اﻹدارة العامة عن ارتكابه أي فعل من الأفعال المنصوص عليها في هذه المادة بقصد الإضرار بسمعته أو النيل من مكانته أو مركزه الاجتماعي لتحقيق منفعة شخصية مباشرة له أو لغيره”.
وكان النص الوارد من الحكومة، قبل تعديلات “قانونية النواب”، قد استخدم كلمة “نشر” معلومات كاذبة بحق أي شخص طبيعي أو اعتباري بقصد تحقيق منفعة شخصية أو اغتيال الشخصية أو التأثير على مصداقيته أو الإضرار بسمعته أو بمركزه الاجتماعي.
وفيما يتعلق ببند العقوبات المترتبة على المادة 16، فقد أبدت اللجنة عدم موافقتها على التعديل الوارد من الحكومة على الفقرة أ من المادة 23 في القانون الاصلي، والذي نص على “دون الإخلال بأي عقوبة أشد ورد النص عليها في أي تشريع آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 4 أشهر كل من ارتكب أيا من الافعال والتصرفات المنصوص عليها في المادة 16 من هذا القانون”، وفي حال التكرار يضاف للعقوبة نصفها، فيما تضمن النص الاصلي في القانون أو “بغرامة لا تقل عن 500 دينار ولا تزيد على 5 آلاف دينار أو بكلتا العقوبتين معا”، ما يعني موافقة اللجنة على النص الاصلي دون أي تعديل.
إلى ذلك، جددت أوساط حقوقية رفضها للتعديلات، حيث قال المدير التنفيذي السابق لمركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور، إن المخاوف من التعديلات، “تكمن في اعتبار نشر معلومات كاذبة من أفعال الفساد”.
وأضاف، في منشور له على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أنه يفترض في قوانين النزاهة، “تشجيع الإفصاح عن المعلومات حتى لو شابها عدم مصداقية أحيانا”.
وأشار منصور إلى أنه “بعكس ذلك سيصبح الإعلام مرعوبا وسيتردد الصحفيون والنشطاء في الكتابة عن القضايا التي تدور حولها شبهات فساد، وبذلك يتقلص الفضاء العام الكاشف للفساد، وتزداد حصانات المشتبه بهم بسبب خوف الجمهور من الكتابة والنشر”.
ودعا، مجلس النواب، إلى إلغاء هذا النص، موضحًا أن “هناك نصوصا في تشريعات أخرى تجرم هذه الافعال إن وقعت، ولا يوجد في اتفاقية اﻷمم المتحدة لمكافحة الفساد التي صادق اﻷردن عليها أي نصوص شبيهة بذلك”.
من جهته، قال الصحفي والخبير في قضايا الحريات، الزميل يحيى شقير، إن التعديلات التي تضمنها “معدل الفساد” هي “فضفاضة ولا تحدد المباح والمعاقب عليه بدقة”، مشددا على أن الأصل في الصياغة التشريعية أن يخاطب عامة الناس لا القضاة أو المحامون أو المختصون بالقانون.
وكانت منظمة “محامون بلا حدود” أصدرت في شهر شباط (فبراير) الماضي مطالعة قانونية عبرت عن رفض التعدديلات، خاصة المتعلقة بـ”إسناد نص لصلاحيات هيئة النزاهة يمس حرية التعبير، ويشكل مخالفة صريحة للمادة 15 من الدستور اﻷردني”، معتبرة أن إدراج هذا النص في قانون الهيئة من شأنه أن يقوض الفضاء المدني القائم على حرية التعبير، وأعطاء الأولوية لمراجعة قانون الجرائم الالكترونية وقانون ضمان حق الحصول على المعلومات.
ونشرت منظمة “رشيد للشفافية الدولية- اﻷردن”، أمس، ورقة سياسات حول التعديلات المتعلقة بالمادة 16، قالت فيها إن “هذا التعديل الذي يعتبر فعل نشر المعلومات الكاذبة بحق أي شخص، بقصد تحقيق منافع شخصية أو اغتيال شخصيته أو التأثير على مصداقيته أو الإضرار بسمعته واستغلال النفوذ هو نص فضفاض، وقد يؤثر على تفاعل المواطنين مع قضايا الفساد ويثني عن المساءلة التي تشكل أبرز الأعمدة التي تعمل عليها الهيئة، إضافة إلى خطر تحديد قدرة الصحفيين عن أداء مهامهم دون الخوف من التقاضي”.
وأوصت بإبقاء التنظيم القانوني لمثل هذه الجريمة للقضاء النظامي والجزائي دون إدخال صلاحية قد تؤثر على صورة هيئة النزاهة وجهودها في بناء الثقة مع المواطنين.
ورأى مراقبون أن استبدال مصطلح نشر في تعديلات “قانونية النواب”، بعبارة تداول أو تقديم لا تؤثر على مبدأ إدراج قضايا النشر ضمن قانون “النزاهة المعدل”.
وأشاروا إلى أن المصطلحات الواردة في المشروع، هي مصطلحات سياسية فضفاضة في الوقت الذي يجرم فيه قانون العقوبات اﻷردني وقانون الجرائم الالكترونية جرائم متعلقة بالذم والقدح والتحقير في النشر.
وتمسكت “القانونية النيابية” في تعديلاتها بإدراج إضافات المادة 16 من المشروع المعدل، فيما وافقت على ادخال اختصاصات جديدة، ليست من صلب عمل “النزاهة”، معتبرة في الأسباب الموجبة لمشروع القانون أن فعل نشر المعلومات الكاذبة بحق أي شخص بقصد تحقيق منافع شخصية أو “اغتيال الشخصية” أو التأثير على مصداقيته أو الإضرار بسمعته واستغلال النفوذ، من جرائم الفساد الغد.