البطاينة: النبش في المخفي والمسكوت عنه.. من هم القبّيضة ؟ ومن أين مصدر تلك الأموال التي دُفعت لهم ؟ وهل القبض ما زال مستمراً ؟

كتب المهندس سليم البطاينة …

على أثر تغريدة للصديق رمضان الرواشدة التي هدد فيها بأنه سيعلن أسماء من قبضوا أموالاً من رئيس الديوان الملكي الأسبق الدكتور باسم عوض الله لكنه تراجع عن نشرها خشية منه في إدخال البلاد في دوامة نحن في غنى عنها .. فمجرد ذكر بعض الأسماء من شأنه أن يثير صدمة كبيرة في الأوساط العامة على اعتبار أن هؤلاء القبّيضة كانوا يظهرون كملائكة في ذلك الوقت و أنهم حريصون على الوطن و مقدراته .. وهذا تحليلي الشخصي فلم أسأل أبا آوس عن أسباب تراجعه حتى الآن.

فبعد ذلك مباشرة بدأت الأسماء تتردد من خلال وسائل التواصل لكنها بأحرف أولى من أسمائهم رغم أن غالبيتنا نعرفهم بالأسم .. فمنهم وزراء سابقين وصحفيين وكُتاب وناشري مواقع إخبارية إلكترونية ونواباً بالبرلمان .. كُلهم تورطوا في الدعاية له وسبّحو بحمده وعملوا على تبييض صورته.

فللأسف فمعركة الإعلام في تلك الفترة من الزمن كانت تُكسب بالكذب وشراء الذمم للحصول على الحق بالباطل .. فقد تم التفنن وقتها في استئجار العقول .. فالرشوة السياسية كانت منتشرة بشكل كبير للسكوت عن الفساد و لتغيير الخطاب السياسي.

فالموضوع غير مستهجن بالأردن وهو أشبه بالإفلاس السياسي فخلال السنوات الماضية تورط رؤساء حكومات ورؤساء ديوان ملكي ومدراء مخابرات ورؤساء مجالس نواب ورؤساء مجالس إدارات لشركات كبرى بدفع أموال طائلة لأبواق وأذرُع إعلامية سوداء من أجل تسويقهم على أنهم الأمل والمُنى وأنهم الرجال القادرون على حل مشاكل البلاد والعباد.

فعندما تم التحقيق مع مدير المخابرات السابق محمد الذهبي توقف فريق التحقيق أمام مستندات تثبت أن الذهبي كان يدفع لواحد وخمسين من الصحفيين و الإعلاميين بشكل ثابت و مستمر .. و إن هنالك صحفية ليست أردنية تقاضت نحو  150 ألف دينار أردني .. و هنالك أقساط بنكية سددت عن البعض منهم بعشرات الآلاف.

فهذا الملف المُخزي لا بد من التعامل معه بكافة تفاصيله والظروف التي ارتبطت به .. وما هي الأضرار والتشوهات التي لحقت بالوطن والناس والتي من الواجب إنصاف من تضرر منها لإرجاع الحق له.

فقبل عشرة سنوات تقريباً كشف رئيس هيئة مكافحة الفساد سميح بينو أن هناك عدد لا يُستهان فيه من الإعلاميين والصحفيين والكُتاب وناشري المواقع الإخبارية الإلكترونية تقاضوا مبالغ مالية من مسؤولين وأصحاب مصالح خاصة أيضاً .. وأن واحدًا من الصحفيين تقاضى مبلغ 130 ألف دينار ولم يذكر الجهة التي دفعت له.

فالقصص قديمة والفساد في الجسم الصحفي ليس جديداً وأن سياسة الإحتواء الناعم ليست جديدة أيضاً.

ولا بد من فتح تحقيق وأن يتم إزاحة الستار عن حجم الأموال التي دفعت ومعرفة مصدرها .. وأن لا تُترك الأسماء مفتوحة للتكهُنات.

والجميع ينتظر الأفصاح عن هوياتهم من خلال كتاب أسود يصدر لتلك الغاية .. فالكثير منهم تضخمت حساباتهم المالية والبنكية و تحسنت أوضاعهم المعيشية .. الأمر الذي يستدعي كشف الحقائق و المستندات.

فالدكتور باسم عوض الله كان في يوم من الأيام على حد وصف أحد أصدقائه من الوزراء السابقين عبارة عن خزانة من الأسرار وصندوق أسود ولعب أدواراً كبيرة تجاوزت ما يتصوره كثيرون.

ولطالما ساهم الدكتور عوض الله بحكم قوته وقربه من القصر من تفريخ سياسين واقتصاديين ونواب ورؤساء شركات حكومية و آخرون من نوع رديء لا يزيد الناس إلا نفوراً.

فكثيراً من النُخب وجوخة الدار في الأردن كانوا يشترون وده ويقدمون الهدايا ويقيمون الولائم له .. وعملوا على تأليهه على حساب كرامتهم.

فسياسات الفساد في الجسم الإعلامي في الأردن طفت على السطح .. والمال غير من قبلتهم ١٨٠ درجة واستولى على ضمائرهم .. فقد كانوا يلعبون دور الواشي الذي لا يتوانى حتى من الكذب … فالأقلام والمواقع المأجورة كانت ولازالت تقبض ثمن كل كلمة وتُرجّح كفة الظالم على المظلوم.

فالأبواق والأذرُع الإعلامية لن تنتهي فهناك من يعرف أصول اللعبة والمفاتيح ويحاول جاهدًا النفاذ إلى المشهد ليكون مؤثراً في تشكيل الرأي العام.

والعلاقة بين المسؤولين في الدولة والإعلاميين بشكل عام تشهد دوماً محاولات للسيطرة واحتواء كلٍ للآخر.

فما نسمعه ونشاهده حالياً لم يأتي فجأة بل هو نتيجة سنوات طويلة من التيه والتضليل والضياع على أيدي مراهقين تم إسناد دور البطولة لهم أدى إلى إغراق البلاد في مستنقعات عديدة دمرت جيلاً كاملاً وجعلت منه عبئاً كبيراً قد ينفجر بأي لحظة.