الأردن اليوم – كتب أستاذ القانون الدستوري الدكتور ليث نصراوين.
يستمر أعضاء مجلس النواب في ممارسة دورهم الرقابي على الوزراء أثناء العطلة البرلمانية. وهذا ما يعزز من صحة الرأي الدستوري بأن حالة عدم الانعقاد تقتصر فقط على وقف اجتماعات المجلس دون لجانه البرلمانية، ودون الوسائل الرقابية التي لا يتم تعطيلها في الفترة بين الدورات النيابية، حيث يثبت للنائب الحق الدستوري في التمسك بها وممارستها.
وفي هذا الإطار، قام مؤخرا عدد من النواب بتوجيه أسئلة نيابية إلى وزراء في الحكومة، حيث امتاز أحدها بعدم قانونيته ومخالفته للغاية الدستورية من السؤال وشروط توجيهه. فقد وجه أحد السادة النواب سؤالا إلى رئيس الوزراء يطلب فيه “تزويده بالوثائق التي تثبت حصول وزير الصحة على الرتبة الأكاديمية (الأستاذية) التي يستخدمها في مخاطباته الرسمية، واسم الجامعة التي عُين فيها، وكتب الترقيات التي سبقت تلك الترقية، والبحوث التي قام بنشرها حتى تم ترقيته لهذه الرتبة الأكاديمية”.
إن السؤال كما عرفته المادة (118) من النظام الداخلي لمجلس النواب هو استفهام العضو من رئيس الوزراء أو الوزراء عن أمر يجهله في شأن من الشؤون التي تدخل في اختصاصاتهم، أو رغبته في التحقق من حصول واقعة وصل علمها إليه، أو استعلامه عن نية الحكومة في أمر من الأمور. فهذا التعريف للسؤال النيابي يجب أن يرتبط بالمواد الدستورية ذات الصلة، وأهمها المادة (96) من الدستور التي تعطي الحق لكل نائب بأن يوجه إلى الوزراء أسئلة حول أي أمر من الأمور العامة. كما تعتبر المادة (47) من الدستور الوزير مسؤولا عن جميع الشؤون المتعلقة بوزارته، وتجعل المادة (51) من الدستور الوزير مسؤولا أمام مجلس النواب عن أعمال وزارته.
إن الرقابة السياسية التي تثبت لعضو مجلس النواب على رئيس الوزراء والوزراء – والتي يُعتبر السؤال أحد مظاهرها – يجب أن تنصب على ما يقوم به الوزير من أفعال وتصرفات متعلقة بإدارته لشؤون وزارته وعلى الأمور العامة ذات الصلة. وهذا ما يجعل من السؤال النيابي المنصب على الدرجة الأكاديمية لوزير الصحة والبحوث التي قام بنشرها في غير محله ومخالف لأحكام الدستور.
كما يمتاز هذا السؤال النيابي بأنه يخالف الشروط العامة للسؤال كما حددتها المادة (119) من النظام الداخلي لمجلس النواب، والتي تشترط في السؤال أن يكون منصبا على المعلومات التي تتعلق بالشؤون العامة، وأن لا يتعلق موضوعه بشخص النائب أو بمصلحة خاصة به أو موكول أمرها إليه. فحتى وإن أخطأ وزير الصحة في الرتبة الأكاديمية التي يستعملها، فإن الرقابة السياسية لمجلس النواب يجب أن توجه إلى أعمال وزارته والقرارات الصادرة عنه ومتى تأثير استعمال رتبة أكاديمية غير سليمة على إدارته لملف الصحة، وذلك على فرض الثبوت.
ويخالف هذا السؤال النيابي أيضا القرار التفسيري رقم (2) لسنة 2015 الصادر عن الديوان الخاص بتفسير القوانين، والذي قضى بأنه لا يجوز أن يكون محل السؤال طلب وثائق أو مستندات، على اعتبار أن السؤال ذات مفهوم استفهامي واستعلامي، وبأن صلاحية طلب الوثائق والمستندات من الوزراء قد قررها النظام الداخلي لمجلس النواب للجان النيابية وحدها.
إن عملية تحديث في المنظومة السياسية لن تؤتي أُكُلها ما لم يرافقها زيادة الثقافة القانونية والتشريعية لدى الأعضاء المنتخبين. ويتم ذلك من خلال إخضاعهم لدورات تدريبية إجبارية حول الأحكام التفصيلية ذات الصلة بعملهم في كل من الدستور الأردني والنظام الداخلي لمجلس النواب.