فيضانات مرعبة ومميتة.. هل باتت التغيرات المناخية تهدد البشرية؟

الأردن اليوم – تزايد في السنوات الأخيرة تواتر الفيضانات الكارثية في أنحاء مختلفة من العالم، ويرى باحثون وخبراء في مكاتب الأرصاد الجوية أن سبب ذلك يعود إلى التغيرات المناخية التي باتت تشكل تهديداً حقيقياً للبشرية.

إن ما يشهده العالم اليوم، من فيضانات غير مسبوقة في عدة مناطق كالهند والصين والدول الأوروبية، مؤشر قوي على بداية تغيرات مناخية خطيرة مستقبلياً، ويمكن أن تستمر لعقود.

 

ويحذر في هذا الإطار خبراء الأرصاد، من تداعيات تغير المناخ التي يبدو أن البشرية غير مستعدة حالياً لمواجهتها. وتشير في هذا السياق أبحاث وتقارير عن إمكانية ارتفاع مستقبلي لدرجات الحرارة، واضطراب في توزيع مياه الأمطار، وارتفاع مستوى المحيط، الذي يهدد باختفاء ما بين 10 آلاف و20 ألف جزيرة نهاية هذا القرن، كما سيؤدي في الوقت ذاته إلى تعرض العديد من المدن الساحلية للفيضانات بشكل دوري.

 

ومن الصين إلى ألمانيا، وأجزاء من الولايات المتحدة والهند، تعرضت العديد من دول العالم صيف هذه السنة إلى فيضانات مميتة وغير مسبوقة، تسببت في حجم كبير من الدمار وأسفرت على سقوط عشرات القتلى. أطلق على إثرها علماء المناخ صيحات فزع، مطالبين القادة السياسيين باتخاذ الإجراءات اللازمة بأسرع وقت ممكن، لحماية الكوكب والأجيال القادمة.

 

الفيضانات تغمر أوروبا

 

اجتاحت في الأيام القليلة الماضية الأمطار الغزيرة بلدان القارة الأوروبية، فتسببت في فيضانات كارثية أغرقت العديد من المدن وتسببت في مقتل عشرات الأشخاص وألحقت أضراراً جسيمة على مستوى البنية التحتية.

 

في كلمة ألقتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، عقب الفيضانات التي غمرت عدة مناطق في ألمانيا، قالت: “علينا الاستعجال وتسريع جهودنا في محاربة التغير المناخي”. ووصفت ميركل الحادثة بالمأساوية، حيث إن السلطات الإقليمية في راينلاند بالاتينات الألمانية أكدت مقتل ما يفوق 157 شخصاً، فيما لا يزال العشرات منهم في عداد المفقودين، ما يرجح ارتفاع حجم الكارثة البشرية.

 

وسجلت في الوقت ذاته عدة مقاطعات ألمانية انهيار منازل تقع على ضفاف النهر، وأحصت السلطات العشرات من المفقودين. وفي هذا السياق قال أولي فالدسدورف نائب رئيس هيئة الإطفاء في مقاطعة ماين أنه “عام 2016، واجهنا فيضانات شديدة، لكن الفيضانات الحالية أكثر حدة بكثير”.

 

وقد يبدو الأمر أقل سوءاً بالنسبة لبلجيكا، التي سجلت وفاة حوالي 10 أشخاص في إحصائيات أولية وتضرر العديد من المدن. ونشر الجيش في عدة مقاطعات من بينها لييج ونامور ولوكسمبورغ وليمبورغ للمشاركة في جهود الإغاثة خصوصاً في عمليات الإجلاء.

 

ومن جانبها أقرت الحكومة الهولندية حالة الكارثة الطبيعية، وأجْلت الآلاف من مواطنيها بخاصة في المدن المتاخمة لألمانيا التي أعلنت بدورها حالة الطوارئ. وبسبب توقعات لارتفاع مستوى مياه نهر الميز، أصدرت السلطات قراراً بضرورة إخلاء المواطنين منازلهم في مدينة ليمبورغ جنوبي هولندا.

 

الهند.. فيضانات وانهيارات أرضية

 

على غرار بقية البلدان الأوروبية، شهدت الهند أعاصير مدارية ألحقت أضراراً بالعديد من المنازل ودمرت الكثير من الأراضي الزراعية وأتلفت المحاصيل الزراعية.

 

وأدى ارتفاع مستوى مياه الأمطار الموسمية إلى حدوث انهيارات أرضية، تسببت في مقتل نحو 20 شخصاً، فيما يواصل رجال الإنقاذ البحث عن بقية المفقودين.

 

حيث تؤثر الأمطار الغزيرة أساساً، على الأكواخ والمباني المشيدة بشكل سيئ، وذلك وفق ما صرحت به القوة الوطنية لمواجهة الكوارث.

 

وأكدت السلطات الرسمية غرق عدة أجزاء من مدينة مومباي العاصمة المالية للهند ما تسبب في خسائر فادحة وتعطل وسائل النقل وعدة خدمات أخرى فيها.

 

أمطار قياسية في الصين

 

تساقطت في مدينة تشنغتشو الصينية ، أمطار غزيرة بلغت مستويات مرتفعة. وأصدرت السلطات المحلية قراراً بإجلاء حوالي 200 ألف شخص من منازلهم ، وجرى إنقاذ حوالي 500 شخص من أنفاق مترو غارقة.

 

وفي سياق متصل قال الرئيس الصيني شي جين بينغ بأن الفيضانات تسببت في خسائر كبيرة في الأرواح وألحقت أضراراً بالممتلكات.

 

وتعليقاً على الفيضانات التي غمرت الصين، قال شوبين شانغ Xuebin Zhang كبير الباحثين في البيئة وتغير المناخ في كندا، بأن الفيضانات واسعة النطاق في الصين مرتبطة جزئياً بتغير المناخ.

 

سيول وانهيارات أرضية في تركيا

 

بدورها، نتيجة للأمطار الغزيرة، تعرضت مؤخراً ولاية ريزا شمالي تركيا لسيول وانهيارات أرضية أدت إلى سقوط ضحايا وإصابات، وتسببت في أضرار جسيمة، كتضرر الأراضي الزراعية وإغلاق بعض الطرقات.

 

وتواصلت عمليات الإنقاذ، وانتشال جثث الضحايا، وقد أصدر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تعليمات باستنفار وتسخير كل إمكانيات الدولية للإنقاذ، وتخفيف حجم الكارثة.

 

يبدو أن مواقف العلماء والخبراء باتت تتسق مع فكرة تشكيل التغيرات المناخية لخطر فادح وجسيم يجب أن تتداركه البشرية بسرعة، وفي هذا الإطار يعتبر مؤتمر تغير المناخ الذي سينعقد هذا العام في نوفمبر/تشرين الثاني في أسكتلندا فرصة للقادة للاجتماع لمعالجة القضايا المتعلقة بهذا الملف.