الأردن اليوم : قالت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية، السبت 22 يناير/كانون الثاني 2022، إن شقيقين انفصلا في الهند بعد تقسيم البلاد، إلا أنهما اجتمعا بعد 74 عاماً، وكان لقاؤهما الأول مؤثراً وأثار تعاطفاً على مواقع التواصل الاجتماعي في الهند وباكستان.
يُذكر أن “تقسيم الهند” مصطلح يعبر عن تقسيم الهند البريطانية إلى دولتين مهيمنتين مستقلتين في عام 1947، هما الهند وباكستان، بموجب قانون برلمان المملكة المتحدة، وذلك بعد أن انسحبت المملكة المتحدة من بلد كانت تعتبره درة تاجها الإمبراطوري.
إذ ظهرت الدولتان ذواتي الحكم الذاتي بالهند وباكستان بشكل قانوني في منتصف ليلة الخامس عشر من شهر أغسطس/آب عام 1947، وشمل تقسيم مقاطعتين، وهما البنغال والبنجاب، على أساس الأغلبيتين الحاكمتين المسلمة وغير المسلمة.
فبحسب الصحيفة الأمريكية، كان الطفل “سيكا” يبلغ من العمر ستة أشهر وابن عاملين مسلمين علقا في فوضى تقسيم الهند، في حين كان شقيقه “صادق”، البالغ من العمر 10 سنوات، تمكَّن بصعوبة من الفرار إلى باكستان حيّاً. بينما مات والده وهو يحاول الفرار معه، فيما انتحرت والدته وتركت “سيكا” وحده في قرية فولوال الهندية ذات الأغلبية الهندوسية. لكنه نجا، حيث احتضنته عائلة سينغ، وهي عائلة سيخ محلية من مُلاك الأراضي، وأطعمته وتولت تربيته.
خلال السنوات والعقود التي تلت هذا الحادث، أوصى “سيكا” المسلمين المحليين المهاجرين إلى باكستان بالبحث عن أخيه. وساعده آخرون في كتابة رسائل إلى صحف دلهي وعلى الإنترنت، لاحقاً، للبحث عن “صادق”. لكن لم يصل له أي رد حتى ضرب القدر ضربته الجديدة، في 4 مايو/أيار 2019.
لمُّ شمل العائلات
كان جاغسير سينغ، الطبيب الذي ولد في بلدة فولوال التي يعيش بها “سيكا”، في فانكوفر لزيارة ابنته في مايو/أيار عام 2019، حين أرسل إليه نسيبه، الذي كان متابعاً جيداً لقناة Punjabi Lehar، التي أسسها وكيل العقار الباكستاني ناصر ديلون (37 عاماً)، بهدف لم شمل العائلات عام 2013، مع شريك من السيخ، رابطاً لمقطع فيديو على القناة.
فيما ظهر في مقطع الفيديو رجل عجوز يرتدي عمامة بيضاء يقول لمحاوره، ناصر ديلون، إن شقيقه الرضيع ذهب مع والدته إلى قرية فولوال عام 1947، ولم يسمع عنه أي أخبار بعدها. وقال “صادق” إن والده قُتل في مواجهة مع جنود هنود بالقرب من مدينة لوديانا، بعد انضمامه إلى قافلة لاجئين. وقال إنه وهو في طريقه إلى باكستان، “كانت الجثث منتشرة في كل مكان حولي”.
كما ذكر صادق أمام الكاميرا موجهاً حديثه إلى سيكا: “لو أمكنك رؤيتي، فتحدّث معي من فضلك. فإني أخشى أن أموت قبل أن أراك”.
في حين أرسل جاغسير الرابط من فوره إلى عائلته في فولوال، التي نقلت الخبر إلى دافيندر، حفيد الرجل الذي تبنى سيكا. ثم اتصل جاغسير بديلون الذي أوضح أنه تعرف على صادق، وهو مزارع يعيش على أطراف مدينة فيصل آباد الباكستانية، من خلال محمد إشراق، زعيم قرية شاب رأى أن اليوتيوب أقوى أمل لصادق.
عقب ذلك، وبحلول الساعة الواحدة ظهراً تقريباً من اليوم التالي، كان فريق ديلون جالساً بجوار صادق في مدينة فيصل آباد، ليتصل برقم دافيندر الهندي على تطبيق واتساب.
بينما انطلق فيض من الأسئلة ظل حبيساً طيلة 72 عاماً من فم صادق. لم يكن يعرف ما حدث لأمهما، ولا أن سيكا توقف عن استخدام لقب طفولته، حبيب. وسأل صادق، سيكا إن كان قد تزوج أو اشترى أرضاً.
اللقاء الأول
من جهتهم، بدأ أصدقاء الأخوين وعائلتيهما لاحقاً في تجهيز جوازي سفر؛ كي يحصل الاثنان على تأشيرات ويتمكنا من لقاء أحدهما الآخر. لكن السياسة اعترضت طريقهما، ثم ظهرت جائحة فيروس كورونا، وأُغلقت الحدود.
إلا أنه لم يتبق سوى خيار أخير أمام سيكا وصادق: أن يلتقيا في ممر كارتاربور، وهو طريق مرور لا يحتاج تأشيرة أُنشئ عام 2019 ويتيح للهنود زيارة موقع سيخي مقدس، جوردوارا دربار صاحب، على بُعد نحو ثلاثة أميال (4 كم) داخل باكستان.
مع انحسار كوفيد-19، حددوا موعداً للقاء: 10 يناير/كانون الثاني الجاري.
حينها كان الجو رائعاً صافياً عصر ذلك اليوم الذي تمكن فيه الأخوان أخيراً من لقاء بعضهما في جوردوارا كارتاربور، تحت قبابه اللامعة الملونة باللونين الأبيض والذهبي.
فيما ظهر صادق- في مقطع فيديو تداوله كثيرون بالهند وباكستان- وهو يندفع بين ذراعي سيكا والدموع تسيل من عينيه، وسيكا يحاول تهدئته بالقول: “كلانا على قيد الحياة، والتقينا من جديد”.
عربي بوست