دبكة وأغانٍ وطنية في المدارس الفلسطينية.. مبادرة لربط الأطفال بالتراث

الاردن اليوم :  في ظلّ الهجمة الشرسة التي تشنها دولة الاحتلال على مدينة القدس، والتي زادت وتيرتها في الأشهر الأخيرة، أطلقت مدرسة بنات عطارة في رام الله مبادرة الطابور الصباحي على وقع أنغام أغاني الثورة الفلسطينية التي تُمجد مدينة القدس، بهدف تعزيز روح الانتماء للطالبات، وتعميم الموروث التراثي الذي يسعى الاحتلال لسرقته وطمسه بأدوات مختلفة.

 المبادرة التي تقوم على مبدأ استبدال الطابور الصباحي التقليدي، بأفكار ونمط جديد عبر ترديد الطلبة لأغنية “أنا ابن القدس ومن هون.. مش متزحزح قاعد فيها”، لاقت رواجاً واسعاً في الشارع الفلسطيني، الذي أيّد الفكرة وطالب بتعميمها في بقية المدارس، لما لها من أثر بالغ في غرس مفاهيم وطنية بنمط فني منظم.

مع شروق الصباح تأتي الطالبات للمدرسة باللباس التقليدي الفلسطيني، الذي يغلب عليه اللون الأسود، متَّشحات بالكوفية على أكتافهن كرمز للهوية الوطنية الفلسطينية، وما إن يبدأ الطابور المدرسي بالبروتوكول المعتاد للمدارس الفلسطينية، والذي يبدأ بتلاوة آيات من القرآن الكريم، تتبعها تأدية التمارين الرياضية بفكرة غير تقليدية على أنغام أناشيد الثورة الفلسطينية في جو مشحون بالحماس لدى الطالبات المشاركات.

يشير القائمون على هذه المبادرة الفردية التي انطلقت مع بداية الفصل الدراسي الثاني، في يناير/كانون الثاني 2022، وهم من مجلس إدارة مدرسة بنات عطارة، أن التفاعل الواسع من قبل الطالبات مع هذه الفكرة الجديدة لتأدية الطابور الصباحي على أنغام تعكس وتعبر عن الهوية الفلسطينية، رفع من رصيد إحساس الطالبات بالانتماء للمدرسة، وبثت فيهم روحاً جديدة انعكست على شخصيتهم داخل الصفوف ومحيطهم الاجتماعي من الأقارب والأصدقاء.

فكرة غير تقليدية

تشير القائمة على هذه المبادرة، وهي مُدرِّسة مادة التربية الرياضية في المدرسة، سائدة قدادحة، لـ”عربي بوست”، أن “هذه الفكرة راودتها منذ ما يزيد عن عامين، حيث كان الهدف الأساسي منها إخراج الطالبات من الجو التقليدي للطابور الصباحي المعتاد، الذي يقتصر على تأدية سلسلة من التمارين الرياضية لعدة دقائق دون جو من الترفيه، وهو ما يؤدي مع مرور الوقت إلى شعور الطالب أو الطالبة بالملل والتكرار”.

وأضافت “اختيار هذه الأغنية جاء من عدة اعتبارات، أهمها أن كلماتها وألحانها تتناغم بشكل كبير مع الفلكلور الفلسطيني الأصيل، الذي يردده طيف واسع من أبناء القرى والبلدات الفلسطينية، كما أن الرسالة التي تحملها هذه الأغنية الوطنية هي في صلب صراعنا مع دولة الاحتلال، للتأكيد على مكانة القدس كقضية لا يمكن التفريط بها”.

وتابعت “ما عزّز من ترجمة هذه المبادرة من فكرة إلى تنفيذ عملي على الأرض، هو ما شهدته مدينة القدس، في مايو/أيار 2021، حينما سعت إسرائيل إلى طرد عشرات العائلات من حي الشيخ جراح، وتدنيس باحات المسجد الأقصى، والذي أدخلنا مضطرين لمواجهة عسكرية راح ضحيتها المئات من الشهداء، فكان حريّاً بنا كمربين للأجيال أن نقوم بما هو مطلوب منا وفق موقعنا الوظيفي، بأن نعزز من روح الانتماء لدى طالباتنا، ونغرس فيهم مفاهيم الحفاظ على الثوابت، لأن تأسيس الطلبة في مراحلهم العمرية الأولى على مبدأ وحق معين يبقى راسخاً في أذهانهم طيلة حياتهم”. 

الفكرة كانت قد لاقت رواجاً في المدارس الفلسطينية، خاصة تلك التي رقص فيها الطلاب الدبكة الفلسطينية على أنغام الأغاني الوطنية. 

مواقف متباينة بين الترحيب بالفكرة ورفضها 

لاقت هذه المبادرة رواجاً واسعاً لدى الشارع الفلسطيني، الذي دعا لتعميم مثل هذه المبادرات في كافة المدارس؛ نظراً لدورها في تعزيز انتماء الجيل الجديد من الطلبة للهوية الفلسطينية، في حين أبدت وزارة التربية والتعليم دعمها لهذا النمط الجديد من الطابور الصباحي ودعت لتعميمه.

ورغم حالة الترحيب التي أبداها قطاع واسع من الشارع الفلسطيني لهذه المبادرة الجديدة، فإنها لم تسلم من بعض الانتقادات، إذ تشير مديرة المدرسة خالدة الخصيب لـ”عربي بوست”، أن “تعليقات سلبية وتحفظات واجهتنا حينما أطلقنا هذه المبادرة، البعض رآى أنها مضيعة للوقت، في حين رآى آخرون أن إدارة المدرسة انحرفت عن الرسالة المنوط بها تأديتها عبر إدخال الطلبة والطالبات في مسار من التساؤلات، ليسوا ناضجين بعدُ للتعرف عليه، والمرتبط بالصراع مع دولة الاحتلال”.

عربي بوست