منظمات حقوقية تطالب تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية

الأردن اليوم :

مع تزايد الدعوات التي تبنّتها حكومات دول بتصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، برز حراك مدني مُوازٍ يضغط في هذا الاتجاه، عقب التصعيد العسكري الذي تُبديه الجماعة، المدعومة من إيران، سواء في الداخل اليمني، أو مدن الجوار الخليجي.

وقدمت 95 منظمة مجتمع مدني يمنية وإقليمية ودولية خطاباً إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بأعضائها الـ193، طالبت خلاله بتصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، متهمين إياها بتشكيل خطر يهدد الإنسانية والسلم والأمن الدوليين.

تهديد يمني ودولي

وعن دوافع الطلب، قالت المنظمات في بيان مشترك مع الائتلاف اليمني للنساء المستقلات،  إن “نهج الميليشيات خطر حقيقي على السلام في اليمن وبناء الدولة اليمنية الحديثة، وتهديد  للسلم والأمن الدوليين”، مضيفة، “نتابع بقلق بالغ جرائم الحوثي التي ترتكبها عمداً، وبشكل يومي، عن طريق قصف الأعيان المدنية والمنشآت الحيوية في المدن اليمنية المكتظة بالسكان، وفي السعودية، والإمارات، بالصواريخ الباليستية والطيران المسيّر، وما ينتج عنها من قتل وإصابات للمدنيين، من دون أن تحرك تلك الجرائم، التي ترتقي إلى جرائم حرب ضمير المجتمع الدولي، المطالب اليوم باتخاذ قرارات تضمن عدم تكرارها في المستقبل”.

سياسة الضغط القصوى

وبناءً على هذه المعطيات وجّه التكتل الحقوقي دعوته إلى “المجتمع الدولي بسرعة تصنيف ميليشيات الحوثي جماعة إرهابية، ووضعها على قوائم الإرهاب العالمية، ومحاكمة قياداتها في محكمة الجنايات الدولية، معتبراً أن ذلك الإجراء سيسهم في إنجاح سياسة الضغط القصوى على الميليشيات الإرهابية، ويوقف جرائمها، ويجفف منابع دعمها، ويسهم بتعزيز فرص السلام وإيصال المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها”.

الضحايا أطفال

وأشار إلى أن التعاطي مع الحوثي أسهم في تفاقم الأوضاع الإنسانية، بدءاً من زيادة عدد النزوح لآلاف الأسر التي أصبحت مشردة دون مأوى، نتيجة الحروب المدمرة التي تشنها الجماعة، في مأرب وشبوة والضالع والجوف والحديدة وتعز، وغيرها من المناطق الملتهبة، إضافة إلى ضحايا الألغام التي بلغت خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي 73 مدنياً بين قتيل وجريح في عدد من المدن والأرياف اليمنية.

البيان اتهم ميليشيات الحوثي بتجنيد أكثر من 35 ألف طفل منذ عام 2014، واستخدام المدارس والمساجد والمخيمات الصيفية في غسل أدمغة ما لا يقل عن 60 ألف طفل، وتدريبهم وإرسالهم إلى الجبهات، مبيناً أن الميليشيات لا ترى في اليمن واليمنيين سوى وقود لحروبها بالوكالة عن النظام الإيراني.

تلويح أميركي

وبرزت الدعوات الدولية ضد جماعة الحوثي عقب الهجمات المفخخة التي استهدفت بها العاصمة الإماراتية أبو ظبي نهاية يناير الماضي، على وجه التحديد، لتصل إلى مبنى الكابيتول، وهو ما دفع بايدن للقول إن التصنيف قيد النظر خلال مؤتمر صحافي يوم الأربعاء الماضي. كما عبّر بعض كبار صقور السياسة الخارجية في مجلس الشيوخ عن دعمهم لمشروع كروز بما في ذلك السيناتور توم كوتون والسيناتور جيم إينهوف، ومن المتوقع أن يحظى بمزيد من المؤيدين في الأيام المقبلة، وفقاً لمراقبين.

وعلى وقع تلك المطالبات أعلنت الولايات المتحدة الأميركية أنها لا تتردد في إدراج الحوثي على قوائم التنظيمات الإرهابية أو فرض العقوبات القاسية على تلك الجماعة.

بدورها، قالت وسام باسندوة، رئيس الائتلاف اليمني للنساء المستقلات، إن من بين المنظمات الموقعة على البيان أكثر من ثلاثين منظمة دولية تحمل الصفة الاستشارية، وهم من يمثلون الجانب الحقوقي اليمني في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وأشارت إلى أن المنظمات الحقوقية نجحت أخيراً في “تشكيل فريق ضغط حقوقي لإيصال صوتنا ورسالتنا حول الجرائم التي ترتكبها ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران في اليمن التي تهدد الأمن والسلم الدوليين”، إضافة إلى “توضيح صورة طبيعة الصراع والأزمة في اليمن”.

وأضافت إلى أنه “قبل ثلاث سنوات كنا لا نستطيع أن نحدث مثل هذا الاختراق، كون معظم المنظمات الدولية مسيسة، أو على الأقل فهمت الصراع في اليمن من وجهة نظر منظمات أخرى مهمتها غسل جرائم الحوثي”.

وكجانب حقوقي في القضية اليمنية، أكدت أن الفريق سيواصل جهوده للضغط على جميع مستويات الجهات الأممية والدولية الفاعلة “لإثبات أهمية تصنيف هذه الجماعة الإرهابية”.

وقالت وكالة “أسوشييتد برس” الأميركية، إن الإدارة الأميركية تدرس إعادة الحوثيين على قوائم الإرهاب، وأرجعت إزالة الجماعة من القائمة السوداء إلى إيصال المساعدات للمدنيين في منطقة سيطرة الميليشيات.

مباحثات

وكشفت الوكالة عن إجراء إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مباحثات مع الحلفاء في منطقة الشرق الأوسط حول القرار الأميركي بإعادة الجماعة إلى قائمة التنظيمات الإرهابية، حيث تم الكشف عن مشاورات بين الولايات المتحدة الأميركية والدول الخليجية للتنسيق حول الخطوات المقبلة بهذا الشأن.

مشرعون أوروبيون وأميركيون

في سياق متصل، تتزايد المطالبات الدولية بإعادة إدراج الحوثيين على قوائم الإرهاب، إذ شنّ مشرعون أوروبيون حملة على جماعة الحوثي لإدراجها ضمن منظمات الإرهاب العالمي، بسبب استخدامها المواطنين المدنيين دروعاً بشرية في حربهم على الحكومة الشرعية في اليمن.

وفي ندوة لحزب يمين الوسط بالبرلمان الأوروبي أكد البرلمانيون ضرورة إعادة تصنيف الحوثيين على قوائم الإرهاب، بسبب استخدامهم المدنيين دروعاً بشرية، فضلاً عن تخزينهم الأسلحة في الأماكن المدنية كالمدارس والمستشفيات وأجهزة الدولة، فضلاً عن تجنيد الأطفال الإجباري في جبهات القتال.

عودة للقرار المُلغى

ووفقاً لهذه المستجدات فإن التحركات الأخيرة المتنامية تهدف إلى الضغط على الخارجية الأميركية للعدول عن القرار الذي اتخذته في فبراير (شباط) الماضي بإلغاء إدراج الميليشيات الحوثية على القائمة الخاصة بالتنظيمات الإرهابية الأجنبية في الولايات المتحدة الذي اتخذته الإدارة السابقة في الشهر الذي سبقه.

ومطلع الشهر الحالي، لمّح المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ إلى انفتاح واشنطن على معاقبة “من يمولون عدم الاستقرار في اليمن”.

وتخضع شخصيات حوثية منذ عام 2015 لعقوبات مالية وحظر للسفر لتهديدها السلم والأمن والاستقرار في اليمن، من بينها زعيم الميليشيات الحوثي عبد الملك الحوثي، وقيادات أخرى من التنظيم بموجب قرار دولي.

كما أدرج مجلس الأمن الدولي مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 3 من قادة الحوثي على قائمة سوداء، بسبب “تهديدهم السلم والأمن والاستقرار في اليمن”.

الأسوأ وحشية

ومنتصف الشهر الحالي، وصفت الحكومة اليمنية الفترة التي أعقبت رفع الإدارة الأميركية ميليشيات الحوثي من قائمة الإرهاب بأنها الأكثر دموية في البلاد منذ بدء الحرب، داعيةً إلى إعادة إدراج الميليشيات الموالية لإيران على القائمة السوداء.

وفي سلسلة تغريدات على “تويتر”، قال وزير الإعلام والثقافة اليمني، معمر الإرياني، إن “10 أشهر منذ اتخاذ الإدارة الأميركية قرار رفع تصنيف ميليشيات الحوثي (منظمة إرهابية) كانت هي الأسوأ والأكثر مأساوية ودموية في حياة اليمنيين منذ بدء الحرب التي فجرها انقلاب ميليشيات الحوثي”.

ضوء أخضر

وتوقع الإرياني أن الأيام المقبلة تنذر بمزيد من التصعيد وإراقة الدم وتعقيد المشهد اليمني، لافتاً إلى أن ميليشيات الحوثي اعتبرت قرار رفع التصنيف ضوء أخضر لاستمرار تصعيدها العسكري العدواني وقتل اليمنيين، ومواصلة جرائمها وانتهاكاتها لحقوق الإنسان، ونسف جهود التهدئة، وتوسيع رقعة الحرب والمعاناة الإنسانية، ومضاعفة أنشطتها الإرهابية المهددة للأمن والسلم الإقليمي والدولي.

أزمة في التفكير

وفي رد الفعل الحوثي على قرار واشنطن السابق بإدراجهم كمنظمة إرهابية كان القيادي في الجماعة، محمد علي الحوثي، قد قال إن “أميركا هي مصدر الإرهاب”، واعتبر أن “ما تُقدم عليه من سياسات يُعبّر عن أزمة في التفكير”، متوعداً حينها بـ”حق الرد أمام أي تصنيف” يصدر من الإدارة الأميركية.

“اندبندنت عربية”