قانون الأحزاب .. ماذا بعد؟

 

أما وقد أنهت اللجنةُ القانونية لمجلسِ النواب الأردني نقاشَ مُخرجات اللجنة الملكية بالنسبة لقانون الأحزاب، بعد إجراءِ تعديلاتٍ عليه، قُدّمَت خلالَ اجتماعاتها العديدة جُملةٌ من الإقتراحاتِ من قِبل النواب، جاءَ أغلبها ليصُبّ في مصلحةِ تنميةِ الحياةِ السياسية، وتعظيم دور العمل الحزبي، وتوسيع قاعدة المشاركة.

دستورياً أصبحَ هذا القانون في عُهدة المجلس، ومن حقّه بهيئتهِ العامة القيام تحتَ القبة بإجراءِ ما يراهُ مُناسباً، تبعاً للتجاذبات السياسية والإجتماعية التي تحكُمُ مواقفَ أعضائه، فالهاجسُ العام الوصول إلى حياةٍ سياسيةٍ فاعلةٍ عمادُها أحزابٌ برامجية، تتقدّمُ برؤى وسياسات قطاعية تعزّزُ من زخمِ الإنجازِ كماً ونوعاً.

ما أودُّ في الحقيقةِ الإشارةُ إليه، أنّ طموحَ وصول مُجتمعنا ودولتنا إلى ما سبَقَ الإشارة إليه، يتطلّبُ توافرَ وتوافقَ العديد من المُتطلباتِ التي سيعني غيابُها تهديدَ مسيرةِ الإصلاح، وفي المقدمة مِن تلك الشروط العملُ على تعديلِ كافّة التشريعات ذاتِ الصِلة بالحياة والفضاء العام، والتي مِن شأنها تهديدُ مُستوى الحريات في الممارسة والتعبير عن الرأي والمواقف، ويشملُ ذلك على سبيلِ المثال لا الحصر تشريعاتُ النشرِ والإعلام وقانونُ منع الجرائم وغيرها، وكذلك إلغاءُ أيّة صلاحيّةٍ تسمحُ بالقيام بأيّ شكلٍ من أشكالِ الضغط المباشر أو غير المباشر نتيجةَ المُشاركة والمُمارسة الحزبية، حيث نحتاجُ لتغييرِ ما تراكَمَ ثقافياً في الأذهانِ مِن شيطنةٍ للعملِ الحزبي، وتخوّفاتٍ من عواقب المُشاركةِ فيه.

هذا من جانب، ومن جانبٍ آخر علينا أن نتنبّهَ لحقيقةِ كون الواقع الاقتصادي بما فيه عوامل الفقر والبطالة هي مِن المُحدّدات المُعيقةِ للعملِ السياسيّ والحزبي، نحنُ كمجتمعٍ ودولةٍ مُطالبونَ بالعملِ على هيكلةِ منظومة الاقتصاد، وما يُرافقها مِن شبكةِ أمانٍ اجتماعي؛ لتتوافَرَ للناس شروطُ الحياةِ الكريمة التي تتيحُ لهم المُشاركةَ السياسية.

خلاصةُ القول، أنَّ الوصولَ لحياةٍ سياسيّةٍ لا يقفُ على إقرارٍ هنا أو هناك، بقدرِ ما يجبُ النظرُ لها على أنها عمليةٌ مُتعدّدةُ الجوانبِ والمُستويات، تحتاجُ التشجيع على أعلى مُستوياتِ المُشاركةِ والحوارِ المُجتمعي بينَ كافّةِ القطاعات.

علينا أن نُدركَ كشعبٍ ودولة، أنّ لا خَيَارَ أمامَنا للعبورِ إلى المستقبل، والتمكّن مِن مُواجهةِ التحديات دونَ بناءِ حياةٍ وفضاءٍ عام ديموقراطي، تسودُهُ قِيمُ الحريّة والمُساواةِ أمامَ القانون، إلى جانبِ ضمانِ تكافؤ الفرصِ وعدالتها.