الأردن اليوم – قال نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فريد بلحاج، إن المنطقة معرضة لتداعيات التطورات السريعة للحرب في أوكرانيا.
وأضاف في تصريحات نشرها البنك الدولي، أن آثار الأزمة ستكون ملموسة -وإن كانت بدرجات متفاوتة- على اقتصادات المنطقة، و”مما يبعث على الأسى أنه قد تكون لها تبعات سلبية مُضاعفة على مستويات الأمن الغذائي والرفاه عبر أرجاء المنطقة، فضلاً عن جائحة كورونا، وتعطُّل سلاسل الإمداد، ومشكلات داخلية تخص كل بلد من بلدانها”.
ولخّص بلحاج القنوات الرئيسية لتأثير الأزمة في خمس فئات هي؛ صدمات أسعار الغذاء (لاسيما القمح)، زيادات أسعار النفط والغاز، عزوف المستثمرين عن المخاطر/جنوحهم إلى الاستثمارات الآمنة؛ مما قد يؤثِّر على تدفقات رؤوس الأموال الخاصة على الأسواق الصاعدة ككل، تحويلات المغتربين، والسياحة.
وقال، إنه “لا يمكن أن يكون هناك رابح من حرب مدمرة كالحرب في أوكرانيا، لكن البلدان المصدرة للمواد الهيدروكربونية مثل قطر والسعودية والكويت وليبيا والجزائر، قد تشهد تحسناً في أرصدة المالية العامة وميزان المدفوعات الخارجية وتعزيز معدلات النمو”.
“من المحتمل أيضاً أن تشهد البلدان المصدرة للغاز، على وجه الخصوص، زيادة هيكلية في الطلب من أوروبا” وفق بلحاج، حيث أعلنت سلطات الاتحاد الأوروبي عن اهتمامها بتنويع مصادر إمداداتها من منتجات الطاقة.
وأوضح أن البلدان غير المنتجة للنفط سوف تتعرض لتداعيات سلبية قد تقود إلى توترات اجتماعية إضافية.
وفيما يتعلق بالتحويلات، لاسيما تلك التي يرسلها المغتربون في دول مجلس التعاون الخليجي، قال، إنها “لن تُعوِّض إلا عن جزء يسير من صدمة الهيدروكربونات (مثل الأردن ومصر)”.
أمَّا البلدان الأكثر تأثراً بحركة السياحة مثل مصر؛ التي يُشكِّل الروس والأوكرانيون على الأقل ثلث السياح الوافدين إليها، توقع بلحاج أن تشهد ركوداً في هذا القطاع، وما لذلك من تداعيات سلبية على معدلات التشغيل وميزان المدفوعات.
وأوضح أن “الصراع في أوكرانيا سيُؤثِّر سلبيا وبشكل ملموس على عدة اقتصادات في المنطقة؛ مثل لبنان وسوريا وتونس واليمن”، مبينا أن “هذه البلدان تعتمد بشكل أساسي على أوكرانيا و/أو روسيا في الحصول على وارداتها الغذائية، ولاسيما القمح والحبوب”.
ومن المتوقع أن تؤدي الأزمة إلى تعطُّل سلاسل توريد الحبوب والبذور الزيتية، وزيادة أسعار الأغذية، وارتفاع كبير في تكاليف الإنتاج المحلية في قطاع الزراعة.
وبين أنه سيكون لانخفاض غلات المحاصيل والدخول لاسيما المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة آثار سلبية على سبل كسب العيش، وقد يؤثِّر ذلك على المنتمين إلى الفئات الفقيرة والأكثر احتياجاً الذين يعتمدون على الزراعة في كسب أرزاقهم أكثر من غيرهم.
وأوضح بلحاج، أنه “تأتي على رأس اهتمامات البنك الدولي البلدان الهشة بالفعل في المنطقة مثل سوريا ولبنان واليمن التي تُنذر الأزمة الأوكرانية بتعريض أمنها الغذائي لخطر بالغ”.
وأشار إلى أن سوريا تستورد نحو ثلثي احتياجاتها من المواد الغذائية والنفط، ويأتي معظم وارداتها من القمح من روسيا.
وبين أن لبنان يستورد من أوكرانيا وروسيا أكثر من 90% من احتياجاته من الحبوب، واحتياطاته من الحبوب لا تكفي إلا لمدة شهر تقريبا، وفق بلحاج، مضيفا: “يستورد اليمن نحو 40% من احتياجاته من القمح من هذين البلدين المتحاربين”.
وأضاف أن عدد من يعانون من الأزمة أو -الأسوأ- من نقص حاد في الأمن الغذائي في اليمن قفز من 15 مليونا إلى أكثر من 16 مليونا في ثلاثة أشهر فقط في أواخر عام 2021، وستؤدي الحرب في أوكرانيا حتماً إلى تفاقم هذه الدينامية القاتمة بالفعل في اليمن.
“قد تكون للصدمات المُضاعَفة للحرب في أوكرانيا تداعيات مفجعة على بعض بلدان المنطقة إذا لم يتم تعزيز المساعدات الإنسانية والإنمائية إليها في 2022”.
وللإحساس بضخامة الأزمة وهول الخطب، على الصعيد الإقليمي، قال: “لننظر إلى أن المنطقة، وإن كانت تُمثِّل 6% فقط من إجمالي سكان العالم، فإن فيها أكثر من 20% من الذين يعانون من نقص حاد في الأمن الغذائي في العالم”.
وأكد بلحاج أن البنك الدولي على أهبة الاستعداد للاستجابة بكل الأدوات المتاحة الملائمة لطبيعة مواطن الضعف والقصور على المستوى القطري.
وفي بلدان مثل المغرب وتونس ومصر، يمكن أن يكون لعمليات البنك الدولي الخاصة بدعم موازناتها دورها الفعَّال، حيث من المتوقع أن تكون آثار الأزمة أكثر شدة على مستوى قيود المالية العامة الكلية الوطنية بهذه البلدان.
“إننا على استعداد أيضا لزيادة مساندتنا للإنتاج المحلي والتسويق التجاري للأغذية الزراعية، وإدارة المخاطر الزراعية والاحتياطيات الغذائية في البلدان التي تتعرض لصدمات على ذلك المستوى سواء من خلال زيادة تكاليف الطاقة أو الأسمدة، أو عوامل أخرى مثل الأزمات المرتبطة بالجفاف/تغير المناخ (مثل العراق واليمن وتونس ولبنان ومصر)” وفق بلحاج.
وأشار إلى أن البنك على استعداد في الأجل القريب، لتوسيع برامجه للحماية الاجتماعية الموجَّهة للتغذية في بلدان مختارة عن طريق البناء على الأعمال التي أُنجزت منذ 2020 في سياق الاستجابة والتصدي لجائحة كورونا.
وأكد بلحاج التزام البنك بالاستمرار بتقديم مساعدات فنية وتحليلية وثيقة ومُوجَّهة “لاسيما للبلدان التي ستكون أشد تضررا في مجالات تتراوح من استدامة المالية العامة، وإصلاح أنظمة الدعم، والأمن الغذائي، ورصد المعاملات التجارية، وإدارة المخاطر الزراعية”.
“كما كان الحال حينما ألمَّت أزماتٌ أخرى في المنطقة، نحن في البنك الدولي على استعداد مرة أخرى أن نمضي قدماً للاضطلاع بهذه المسؤولية وتأكيد مساندتنا التي لا تتزعزع لشعوب منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا” وفق نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون المنطقة.