الأردن اليوم : تواجه الدنمارك انتقادات بسبب السياسات الجديدة التي أحدثتها من أجل اللاجئين الأوكرانيين، في وقت يشتكي فيه بعض السوريين المتواجدين على أراضيها من عدم تجديد إقامتهم لحثهم للعودة إلى وطنهم.
ويأتي الترحيب الدنماركي الواسع بالأوكرانيين بعد حثها اللاجئين السوريين القادمين من دمشق وريفها على العودة لوطنهم، رغم الحرب الأهلية المستمرة.
ففي منتصف عام 2020، باتت الدنمارك أول بلد في الاتحاد الأوروبي يعيد النظر في ملفات نحو 500 سوري من دمشق، الخاضعة لسلطة نظام الرئيس بشار الأسد، قائلة إن “الوضع الحالي في دمشق لم يعد يبرر منح تأشيرة إقامة أو تمديدها”، بحسب فرانس برس.
وتم لاحقا توسيع نطاق القرار ليشمل محافظة ريف دمشق أيضا. ورغم موجة انتقادات واسعة تعرضت لها سواء من الداخل أو دوليا، رفضت الحكومة الاشتراكية الديمقراطية -التي اتبعت سياسة هجرة تعد بين الأكثر تشددا في أوروبا- التراجع.
وفي المقابل، يبرز مشهد متناقض تماما، ففي أواخر فبراير، وبعد وقت قصير من الغزو، قال وزير الهجرة والاندماج الدنماركي، ماتياس تسفاي: “عندما تكون هناك حرب في أوروبا، ويتعرض أحد الجيران الأوروبيين لما نراه في أوكرانيا، لا يوجد أدنى شك في ذهني: يجب أن نساعد بأفضل ما في وسعنا … من خلال الترحيب بالأوكرانيين على الأراضي الدنماركية”.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة على موقعها الإلكتروني، الجمعة، إن أكثر من 2.5 مليون شخص فروا من أوكرانيا حتى اليوم 11 مارس.
وقال متحدث الشؤون الخارجية للحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم في الدنمارك، راسموس ستوكلوند، لشبكة CNN، إن الحكومة الدنماركية بصدد صياغة قانون من شأنه تعليق قواعد اللجوء الخاصة من أجل الأوكرانيين.
وأضاف: “لن يكونوا جزءا من نظام اللجوء”. بل يسهل القانون المقترح على الأوكرانيين الحصول على تصاريح الإقامة “حتى يتمكنوا من الالتحاق بسرعة بالمدرسة أو التعليم أو العمل”، وفقا لبيان صادر عن وزارة الهجرة والاندماج الدنماركية.
وردا على التناقض في المعاملة بين الأوكرانيين والسوريين، قالت وزارة الهجرة والاندماج الدنماركية، في بيان لشبكة CNN، إن جميع اللاجئين عوملوا بنفس الطريقة. “بصرف النظر عن قانون تصاريح الإقامة المؤقتة للفارين من أوكرانيا، فإن جميع الأشخاص الذين يطلبون اللجوء في الدنمارك لهم نفس الحقوق في نظام اللجوء الدنماركي”.
وأضافت أن حوالي 30 ألف سوري ممن حصلوا على تصريح إقامة في الدنمارك منذ 2014 لا يزالوا يعيشون داخل البلاد.
عام 2021، دافع تسفاي عن سياسة بلاه تجاه السوريين، في تصريح لشبكة CNN، قائلا إن “الدنمارك كانت منفتحة وصادقة منذ اليوم الأول” حينما قالت إن تصاريح الإقامة للاجئين السوريين “مؤقتة، وأن التصريح يمكن إلغاؤه إذا لم تعد الحاجة إلى الحماية قائمة”.
وأضاف تسفاي أن “نهج الحكومة الدنماركية هو توفير الحماية لمن هم بحاجة إليها، ولكن عندما تتحسن الظروف في وطنهم، يجب أن يعود اللاجئون السابقون إلى وطنهم ويعيدوا تأسيس حياتهم هناك”.
وعام 2019، بدأت الحكومة السيطرة على الأحياء التي يعيش فيه المهاجرون من خلال فرض تغيير اجتماعي وعرقي في 15 مجمع سكني لذوي الدخل المنخفض في جميع أنحاء البلاد.
وعام 2016، طرحت الدنمارك مشروع قانون المقتنيات الثمينة عام 2016، مما يسمح للحكومة بتحصيل بعض الأصول من طالبي اللجوء للمساهمة في حالة الرفاهية في البلاد.
وقد قال ستوكلوند إن مشروع قانون المقتنيات الثمينة لن ينطبق على الأوكرانيين لأنهم لن يكونوا جزءا من نظام اللجوء إذا تمت الموافقة عليه.
والأربعاء الماضي، كتبت وزيرة الهجرة السابقة إنغر ستويبرغ، التي وافق حزبها الليبرالي (فنستري) على مشروع قانون المقتنيات الثمينة، على فيسبوك، قائلة: “قد نكون صادقين أيضا بشأن حقيقة أننا نفضل مساعدة اللاجئين الأوكرانيين على الصوماليين والفلسطينيين”.
وأضافت “لا أحد يجرؤ على قول السبب كما هو: هذا لأن الأوكرانيين يشبهوننا أكثر ولأنهم مسيحيون في المقام الأول”.
وتعليقا على ذلك، قالت الخبيرة في شؤون الهجرة واللجوء، لميس عبد العاطي: “جزء من الإجابة يتعلق بالهوية. ُينظر إلى الأوكرانيين على أنهم من ذوي البشرة البيضاء ومسيحيون. ولا يُنظر إلى السوريين والأفغان وغيرهم على هذا النحو. الناس يتعاطفون مع اللاجئين الذين يعتقدون أنهم يشاركونهم عرقهم ودينهم وما إلى ذلك”.
وأضافت عبد العاطي، الأستاذ المساعد في جامعة سيراكيوز في ولاية نيويورك الأميركية، في تغريدات على تويتر، “لكن الهوية ليست القصة كاملة. هناك بُعد يتعلق بالسياسة الخارجية لما يحدث أيضا”.
وأوضحت أن الترحيب بالفارين الأوكرانيين من الغزو الروسي “هو وسيلة أخرى للدول الأوروبية لإدانة بوتين والإشارة بقوة إلى أي جانب من الصراع تتجه نحوه”.
وقد فرض الغرب عقوبات قاسية على روسيا، شملت كل القطاع المالي الروسي تقريبا بعد غزو روسيا لأوكرانيا.
وحذرت الأمم المتحدة من أن ما يصل إلى خمسة ملايين شخص قد يفرون من أوكرانيا فيما سيكون أكبر أزمة إنسانية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
المصدر الحره