الاردن اليوم – كتب الدكتور رعد التل
أحد المقترحات المهمة التي تقدميها في الورشة الاقتصادية الوطنية التي عقدت في الديوان الملكي الهاشمي خلال الاسابيع الماضية حول قطاع التعدين، كانت الورقة المقدمة من م.شحادة أبو هديب ود.معن النسور بعنوان “قطاع التعدين في الأردن: الواقع والتحديات والحلول”، ومن هذا العنوان تكمن الميزة الاساسية لهذه الورقة فهي تشير بصورة علمية وبقراءة متأنية لواقع هذا القطاع المهم والاساسي للاقتصاد الأردني وأبرز التحديات التي يواجها كما وتطرح حلولاً واقعية (وهو أحد الاهداف الاساسية للورشة الاقتصادية) قابلة للتطبيق على المدى القصير والمتوسط والطويل لتعزيز معدلات النمو الاقتصادي وانعكاسات ذلك على خلق فرص العمل في سوق العمل الأردني!
قطاع التعدين في الأردن يعتبر من أكبر القطاعات الصناعية، حيث يبلغ متوسط مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الاجمالي للأردن خلال الفترة (2015-2020) ما يقارب 2 % وبنسبة صادرات تقدر بحوالي 19 % من مجمل الصادرات الوطنية، وهذه النسبة مرشحة للزيادة لما يتمتع به الأردن من قدرات وعوامل وخبرات قادرة على زيادة هذه الحصة في الناتج من خلال الموردين الاهم في السوق وهما شركتا الفوسفات والبوتاس! وحسب الدراسة المشار إليها، بلغ عدد المنشآت العاملة في هذا القطاع والمسجلة لدى الغرف الصناعية في الأردن 70 منشأة، برأس مال يقارب 500 مليون يعمل بها ما يقارب 9 آلاف عامل وعاملة!
تشير الورقة بصورة علمية لأبرز التحديات التي تواجه هذا القطاع، كالنظام الضريبي المعمول به حالياً! حيث تلتزم شركات قطاع التعدين بدفع ما يقارب 24 % من أرباحها سنوياً كضريبة دخل مما يقلل حجم السيولة داخل تلك الشركات ويخفض من قدراتها على التوسع بمشاريعها وتمويلها! طبعاً مع الاقرار بأهمية وضرورة تلك المساهمات برفد الخزينة العامة بالأموال يطرح بديل في الورقة يستحق الدراسة وبعناية، فبعد دراسة تقليل النسب المستوفاة سنوياً كضريب دخل من هذه الشركات فالاقتراح المطروح هو إلزام تلك الشركات بنسبة 5 % من أرباحها تذهب مباشرة الى التنمية الاقتصادية والاجتماعية للجيوب الاكثر فقراً في المملكة، كما تشير الورقة وبالتفصيل مع حلول مقترحه الى تحديات أخرى لا تقل أهمية، مثل جاهزية البنية التحتية ووارتفاع تكلفة استيراد السلع الرأسمالية والوسيطة وندرة توافر مخارج للتصدير وبالإضافة الى كلف الطاقة وشح المياه، ولأن الحلول هي الاساس وهي ما نريد سماعه، تطرح الورقة جملة من الحلول الواقعية التي يمكن تبنيها بعد دراستها بعناية، من خلال مصفوفه تحدد سلم الاولويات لتحويل الأردن الى وجهة مركزية عالمية لصناعة التعدين وكسب ثقة المستثمرين، وتحدد إطارات العمل والتشغيل على صعيد المستوى التشغيلي والمستوى البيئي والمستوى التشريعي ومستوى الربحية المالية والتجارة! وتقترح العمل فوراً على ثلاثة مشاريع قادرة بالنهوض بقطاع التعدين في الأردن وزيادة نسبة مساهمته في الناتج.
تلك المشاريع هي تتمثل بزيادة الاستثمار في تقنيات الطاقة النظيفة خاصة طاقة الليثيوم والبرومين وصناعات بطاريات التخزين، ومشروع معني بزيادة واستقطاب الاستثمار في مجال صناعة الاسمدة المتخصصة، ومشروع آخر يرتبط باستخراج وتكرير وتسويق احتياطيات الأردن العالية من الصخر الزيتي بهدف المساهمة في حل أزمة الطاقة الصناعية وتطوير صناعة الاسمدة النيتروجينة الوطنية!
ما هدفت له الورشة الاقتصادية الوطنية، هو تشخيص واقع الحال وتقديم حلول عملية قابلة للتطبيق في كل قطاع من القطاعات الحيوية في الاقتصاد الأردني، وهو تماماً ما ذهبت اليه هذه الورقة المهمه بكل تفاصيلها، وهذا ما يزلمنا اليوم لتحويل كل تلك الافكار الى واقع يلمسه الناس ويحسن من مستويات معيشتهم! فتحية للأردن ولرجالاته الأكفاء المخلصين!
الغد