ما بعد دسترة مجلس الأمن الوطني وإقرار قانون الأحزاب والإنتخاب واقعٌ جديد ولاعبون جُدد !

الأردن اليوم – المهندس سليم البطاينه
في هذا الظرف يعيش الأردنيون حالات متتالية من الإخفاقات يجب معها مواجهة الحقيقة التي يفرضها الواقع ، والإبتعاد عن لعبة التذاكي والفهلوة التي من المُمكن لها أن ترمي الأردن في التّهلُكة .. فالبيئة مشحونة بالغضب على سوء الأوضاع المعيشية للناس نتيجة فشل الإيفاء بالوعود التي تحولت إلى حُلمٍ مستحيل والإخفاقات الذريعة في إدارة ملفات كثيرة.

عمليًا فجوة الثقة تتسّع والغموض والشك يطغيان على حقيقة ما يجري ، فهناك مظاهر متعددة تعبّر عن عمق حالة القلق وعدم الإستقرار التي تسود البلاد ، والإرتباك سيد الموقف والكراهية تعم البلاد .. وبتنا نخضع لحالة غير مسبوقة في فوضى الأحوال والأفكار والإضطراب أدى إلى اختلال الموازين بشكلٍ جَعل أرباب العقول يتوارون عن الأنظار ، وتصّدر التافهون والصبيان المشهد وبات من الصعب التمييز بين الخطاب السياسي والثرثرة ، ويكفي لك جولة واحدة على المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الإجتماعي لتُدرك أن الواقعة حدثت بالفعل .. فالأردنيون يرصدون محتوى أيّ خطاب سياسي أو أيّة ثرثرة سياسية ويحلّلون الجُمل والعبارات التي تَرِد بينهما لمعرفة تراكيبها وفرز الحقيقي منهما.

تحت كل ذلك يندرج سؤال يجول في العقل الأردني : هل دسترة مجلس الأمن الوطني وإجراء الإنتخابات القادمة في ظل قانون انتخاب لا يُعرف مصدره وقانون أحزاب غامض سيوفّران للأردنيين طموحهم المشروع نحو التغير ، ويشكّلان لهم بارقة أمل يتجاوزون من خلالها حالة المراوغة والعجز المُزمن ؟ أم أن الحال سيبقى على ما هو عليه ؟

وفي حال انتهى عُمر البرلمان الدستوري وتمّت الدعوة إلى انتخابات ، هل ستصر الدولة على انتخابات نزيهة لتحمي سمعتها ، أم أنها ستخسر كل شيء من أجل مكاسب جزئية ؟ فإذا كانت أشكال الإحتيال الإنتخابي قد مرت في الماضي القريب دون أن تُثير الكثير من المشاكل ، فإن إعادة إنتاج هذه الإشكاليات في أية انتخابات قادمة من شأنها أن تُفرز احتقاناً سياسياً لن نَخرجَ من دوامته إلى الأبد .. فمقاطعة جبهة العمل الإسلامي للإنتخابات القادمة ستُهدد بتقويض شرعية البرلمان وتحويل الإنتخابات إلى مسرحية هزلية ، وتُبقي شرائح واسعة من الناخبين في بيوتها يوم الإنتخاب.

فبناء الدولة يتطلّب مسؤولية كبرى في حال كانت البلاد في أزمة ، فالأردن يشهد صعود جيل شباب ( أقل محافظة وأكثر ليبرالية ).

وما نستطيع قوله أن الأيام القادمة حُبلى بالعديد من الأحداث والتغييرات وستحمل بين طياتها مفاجاءات سنرى خيوطها قريباً .. فقد ترسّخت قناعة لدى صاحب القرار بأن الحل الأكثر قبولاً لدى الشارع للخروج من أزمات كثيرة بعضها كان عاصفاً جداً هو تغير المشهد السياسي بأكمله ، وخلق لاعبين جُدد في المشهد السياسي والأمني القادم .. والتحرك بهذا الإتجاه يراه البعض قناعة مؤسسة القصر بضرورة تحسين المزاج العام ولململة ومعالجة جراحات البلاد خاصة بعد انتقادات واسعة للنهج في البلاد .. وأن إجراء الإنتخابات القادمة قد يتولّد عنها ظهور لاعبون جدد سينقلون الحراك الشعبي بكل ألوانه من الإحتجاج في الشارع إلى العمل السياسي تحت قبة البرلمان ، وهي بنفس الوقت نجاح للّجنة الملكية لتحديث منظومة العمل السياسي.

لقد سئمنا تبادل الأدوار والأقنعة فغالبية الأردنيين لديهم رؤية قاتمة لمستقبل بلادهم ويكفي القول بأن ما نشاهده من مسرحيات تشرح نفسها بنفسها ، لذلك يبقى الوضع على ما هو عليه إلى إشعار آخر.

فمن يراقب يرى بوضوحٍ تام عجز الخيال السياسي الأردني على تقديم تصورات وخيارات للنهوض والإصلاح .. فالنافذة المُتاحة لذلك على ما يبدو مُغلقة بالكامل بعد أن تولى التنظير السياسي والإقتصادي كما يقول المثل الشامي ( زعيط ومعيط ونطاط الحيط ).