الأردن اليوم – لفت انتباهي مصادفة موضوع عن السعادة في العالم وعندما بدأت اقرأ بتمعُّن ما ذكره كارمن أنج كاتب المقال المنشور في 18 مارس الماضي عن مستويات السعادة لدى شعوب العالم في عام 2022، وتمنّيت لو أن للعرب حصة في مقاييس ومعايير السعادة المعتمدة في العالم، رغم أن لدينا ما يجعلنا الأسعد بين الشعوب شريطة أن توظَّف بالشكل السليم!!، ويبدو أن هناك احتفالا في 20 مارس، بمناسبة اليوم العالمي للسعادة، وفي هذا التوقيت من كل عام تصدر الأمم المتحدة تقرير السعادة العالمي، والتقرير يعتمد على نموذج سلم كانتريل المكون من عشر درجات، والذي يتراوح ما بين أفضل وأسوأ حياة ممكنة.
لا يمكن حصر السعادة في مفهوم واحد ولا يمكن اعتبارها كوصفة سحرية علماً أنها كانت ولا تزال بمثابة اللغز والفكرة التي سيطرت على الفلاسفة على مر العصور القديمة والحديثة، يختلف مفهوم السعادة في حد ذاته من شخص لآخر والتي ترتبط بعوامل وأسباب عديدة، كما أن للسعادة أنواعا وأشكال عديدة.
تعني السعادة في اللغة العربية هي الفرح والابتهاج وكل ما يجعل النفس في بهجة وسعادة. السعادة هي طمئنة للقلوب وتعمل على إراحة البال وتشرح الصدر.
والسعادة هي أهم ما يبحث عنه الفرد في الحياة فكل ما يقوم به الإنسان هو البحث عن الأشياء والأمور التي تغمره بذلك الإحساس المنعش الجميل وهو السعادة التي تجعل روحه صافية وتضفي الحيوية على يومه وحياته.
إلا أن للسعادة مُحدّدات يقيسها التقرير وتشمل في مجملها، (نصيب المواطن من الناتج المحلي الإجمالي، وهذه المعلومة يوفرها البنك الدولي)، و(متوسط العمر الصحي المتوقع، وتقوم منظمة الصحة العالمية بتأمينه)، بالإضافة للدعم والتكافل الاجتماعي، والحريات الفردية، وكذلك مؤشر الكرم بالتبرع للأعمال الخيرية، ومدركات الفساد ومعدل انتشاره في القطاعين العام والخاص، ويسهم في إعداد التقرير سبع شخصيات أكاديمية وبحثية من أميركا وكندا وبريطانيا وبلجيكا وكوريا الجنوبية، معظمهم متخصصون في الاقتصاد والتنمية، باستثناء شخصية واحدة تبحث في علم النفس السلوكي، رغم ارتباطه الوثيق بمفهوم السعادة الحسي، وهو الأهم بطبيعة الحال.
تصدّرت فنلندا مؤشر السعادة العالمي لخمسة أعوام متتابعة، والمفارقة أنها تعتبر من بين الدول الأعلى في حالات الانتحار، وفي استخدام الأدوية المضادة للاكتئاب، والسابق يشكل تحديّاً لتأطيرات السعادة الأممية، وهناك استطلاع عالمي للمشاعر يتناول الحالة النفسية للشعوب، وتتراجع فيه فنلندا المنطوية على ذاتها أمام الروح الاجتماعية لشعوب دول أميركا اللاتينية المتصدرة، والدول الإفريقية جاءت في مؤخرة تقرير السعادة، ولكنها تفوّقت في مقياس الإحساس بمعنى الحياة في استطلاع المشاعر.
إن السعادة هي الهدف الرئيسي لكل إنسان يعيش على هذا الكوكب، وقد أدركت الأمم المتحدة ذلك لذلك فإنها قامت بوضع معايير عالمية لقياس مدى سعادة و رفاهة شعوب العالم وفقًا لتلك المعايير، ومع ذلك فقد لا تكون تلك النتائج دقيقة جدًا وذلك، لأن المعيار الرئيسي الذي تستخدمه الأمم المتحدة للتصنيف يعتمد على قيام عينة عشوائية من مواطنين كل دولة بالإجابة عن مجموعة محددة وثابتة من الأسئلة، والمقارنة بين النتائج، وهذا الاستطلاع تقوم به شركة جالوب العالمية المتخصصة في استطلاعات الرأي وبالطبع هناك نسبة انحراف في نتائج مثل تلك الاستطلاعات مهما كانت دقّتها، وهذه النسبة يجب أخذها بعين الاعتبار. ومؤشّر السعادة العالمي يختلف عن مؤشر الكوكب السعيد (HPI) وهو مؤشر يقيس رفاهية الإنسان نتيجة الأثر البيئي الذي قدمته مؤسسة الاقتصاد الجديد في عام 2006، وقيمة مؤشر الكوكب السعيد لكل بلد هي أنه يدل على متوسط الرضا الذاتي عن الحياة، ومتوسط العمر المتوقع عند الولادة، وتأثيره على البيئة، ونصيب الفرد من البصمة التي يتركها في البيئة، وأهمية هذا الاختبار أنه يضع مفهوم التنمية المستدامة والتأثير على البيئة في عين الاعتبار عند قياس معدلات الناتج المحلي الإجمالي في كل بلدة ونصيب الفرد منها.
(الدستور)