الأردن اليوم – معركة جديدة بين الأردن واسرائيل دون اشهار علني، وهذه المعركة تدور حول أهل القدس، تحديدا، بما يمثلونه من سوار حماية للقدس، والمسجد الاقصى تحديدا في هذه الظروف.
بدأ الأردن مؤخرا بمنع دخول كل مقدسي حصل على الجنسية الاسرائيلية، وتخلى عن جواز السفر الأردني المؤقت في سياقات كبح التجنيس الاسرائيلي للمقدسيين، ومن اجل حماية هوية المدينة، خصوصا، مع المعلومات الرسمية الأردنية التي تشير الى تخلي اكثر من خمسة آلاف مقدسي، عن جواز السفر الأردني المؤقت، وحصولهم بالمقابل على جواز السفر الاسرائيلي.
كل مقدسي حصل على الجنسية الاسرائيلية كانت اسرائيل تفرض عليه عدة شروط اولها التخلي عن الجواز الأردني المؤقت او الدائم، اذا كان يحمله اساسا، وثانيها الولاء لإسرائيل، وثالثها اجادته للغة العبرية، ورابعها خلو ملفه الامني من اي ملاحظات او قضايا، وقد عمدت اسرائيل وببطء الى محاولة تجنيس الآلاف في القدس، خلال السنوات القليلة الماضية.
في الارقام، فإنه من اصل 400 ألف مقدسي لم يحصل إلا 20 ألف شخص على الجنسية الاسرائيلية، ومن بين العشرين ألف متجنس، خمسة آلاف كانوا يحملون اصلا الجواز الأردني المؤقت او العادي وتخلوا عنه لاحقا، وبقية المتجنسين لم يكونوا يحملون اي وثيقة أردنية، واغلب تبريرات هؤلاء منع الطرد من القدس، والحفاظ على الممتلكات، برغم التحريم الذي اشهره الشيخ عكرمة صبري، الذي اعتبر الحصول على الجنسية الاسرائيلية جريمة.
لا يعرف كثيرون ان ثلث اهل القدس فقط يحملون جواز السفر الأردني المؤقت او العادي، والذين لا يحملون اي وثيقة أردنية يحملون بطاقة اقامة اسرائيلية محددة السقف زمنياً، او بطاقة ” ليسيه باسيه” وهي بطاقة تصدرها اسرائيل وتمنحها لمن تعتبره مقيما وتساعده في السفر، ومعترف بها دوليا، وهي ليست جنسية في كل الاحوال، كما ان اسرائيل تمنع اي مقدسي من الحصول على جواز السفر الفلسطيني، وتمنع السلطة الوطنية من منح ارقام وطنية للمقدسيين، او جوازات سفر فلسطينية، وفي حال علمت اسرائيل عن اي مقدسي، حصل على جنسية فلسطينية، يتم طرده من المدينة ومصادرة جميع ممتلكاته، ومعاقبته بكل الوسائل.
هذا يعني ان اهل القدس فعليا بلا جنسية، فهم يحملون بطاقات اقامة اسرائيلية بتاريخ محدد النهاية، ويستعملون بطاقة ” ليسيه باسيه” للسفر، وثلثهم تقريبا يحمل الجواز الأردني المؤقت، وهناك اعداد قليلة تحمل الجنسية الأردنية بأرقام وطنية، ويتم منع الكل من الحصول على الجنسية الفلسطينية، ووسط كل هذه الظروف المعقدة، ومحاولة اسرائيل خنقهم او طردهم او مصادرة ممتلكاتهم يضطر بعضهم للحصول على الجنسية الاسرائيلية، على الرغم من ان اسرائيل ترفض اغلب طلبات التجنيس، ولا توافق الا على عدد قليل جدا سنويا، وتشترط كما اشرت على من يحمل منهم الجواز الأردني المؤقت او الدائم ان يتخلى عنه، في سياقات معروفة.
كل مقدسي تخلى عن الجواز الأردني المؤقت او الدائم في القدس، من اجل الحصول على الجنسية الاسرائيلية ليس مسموحا له دخول الأردن، لا عبر الجسور، ولا عبر المطار، الا في حالات انسانية محددة، والواضح ان الأردن يريد منع موجة التجنيس على قلة عدد الذين تجنسوا بالجنسية الاسرائيلية في القدس، وهذه معركة يتم خوضها بهدوء، دون ضجيج، مما يجعل كثرة تنصح المقدسيين، مع ادراك طبيعة ظروفهم المعقدة، ألا يتخلوا عن جواز السفر الأردني، وألا يتقدموا لجواز السفر الاسرائيلي، لاعتبارات سياسية ودينية ووطنية، تجعل الكل شركاء في الحفاظ على هوية المدينة، وعلاقاتها التاريخية الممتدة أردنياً وعربياً.
حساسية الملف لا ترتبط بحرية السفر، بل بحماية هوية القدس، وهو دور يقوم به الأردن، والمقدسيون ايضا، والمسؤولية مشتركة وعلى عاتق الجميع، فيما يكون مطلوبا هنا من المقدسيين بكل صراحة مواصلة ادانة الحصول على الجنسية الاسرائيلية، سواء كان المتجنس حاصلا على جواز أردني مؤقت، او حتى جنسية أردنية، لأن التجنيس هنا، خطير جدا على هوية المدينة، ولمن لا يعلم، كل من يعود ويتخلى عن الجواز الاسرائيلي، يعاد له جواز السفر الأردني، لأن الهدف ليس معاقبة المقدسيين، بل وقف موجة التجنيس التي تهدد القدس يوما بعد يوم.
الخطر على هوية القدس، خطر كبير، والإجراء الأردني يعد مفهوما في هذا التوقيت.