الأردن اليوم : ةمع سلسلة الاستقالات المتلاحقة من الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، وصولا إلى مكتب نفتالي بينيت، فإنه بات من الواضح أن حكومة الاحتلال في الطريق إلى إعادة تموضعها، وكأنها أصبحت “شركة تحت التصفية”، وتعتمد حياتها من الآن فصاعدًا بشكل أساسي على شخصين، هما وزيرا الخارجية والمالية يائير لابيد وأفيغدور ليبرمان.
وفي الوقت ذاته، فإن بينيت لم يعد لديه الكثير ليقدمه من أجل استقرار حكومته المهتزة، التي يبدو أنها على قيد الحياة، لكنها ميتة فعلا، حتى إن بعض أعضاء الائتلاف لم يترددوا في الطلب من بينيت “تعويضات” مقابل استمرار دعمه للحكومة، في حين يطالب منصور عباس بوعود طويلة الأمد مقابل مواصلة حماية الحكومة من السقوط، في حين يبذل لابيد جهودا مستميتة للتأثير على من يملكون بحوزتهم مفاتيح استمرار الحكومة أو انهيارها.
ناحوم برنيع كبير المحللين السياسيين الإسرائيليين ذكر في مقال بصحيفة يديعوت أحرونوت،أن “هذا التحالف الممتد من اليمين إلى اليسار، مع ثمانية أحزاب، من الواضح أنه لا يستطيع تحقيق أحلام أعضائه، رغم أنه أبدى انفتاحًا واستعدادا للتغيير، وأظهر مرونة ذهنية تجاه المعارضة التي لا تعرف حدودًا في جهودها لإسقاط الحكومة، والعودة للسلطة، لكننا أمام زعيم سياسي فاشل، والمقصود هنا رئيس الحكومة نفتالي بينيت”.
وأضاف أن “قمة جبل الجليد في إخفاقات الحكومة تمثلت في استقالة المستشارة السياسية شمريت مائير، عشية التحضيرات لزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، هذا إن تمت الزيارة أصلاً، لكن مائير التي رافقت بينيت منذ بداية تشكيل التحالف الحكومي، وخاضت معه المفاوضات الحزبية التي أدت لتشكيل الحكومة، كما رافقته في جميع الاتصالات السياسية، فضلا عن أزماته الداخلية، سواء تجاه خصومه السياسيين أو وسائل الإعلام، ودفعته للتركيز على العوامل السياسية وليس الأيديولوجية”.
من الواضح أن بينيت يشهد تدريجيا حالة من الخسارة المتلاحقة لناخبي معسكر اليمين، وهم لن يعودوا إليه، لأن كل ما تبقى لديه هو البحث عن ناخبين في يمين الوسط، في نفس منطقة الصيد التي يعمل فيها كل من غدعون ساعر وأفيغدور ليبرمان، وربما أيضا بيني غانتس، حتى بنيامين نتنياهو، وهذا تحد أمام بينيت لا يعرف بعد كيف سيتعامل معه، لأن التنافس بين كل هؤلاء سيكون للحصول على أصوات هذا المعسكر.
في الوقت ذاته، فإن الاستقطاب الداخلي حول شخص رئيس الحكومة بينيت وصل إلى درجة الغليان بعد استقالة عيديت سيلمان، حيث بدأت التسريبات تخرج من مكتبه حول الخلافات الداخلية، وبدا بينيت وكأنه محاصر بالفعل، حتى جاءت استقالة شمريت مائير لتشكل ضربة قوية لائتلافه الحكومي الهش، والأسوأ من ذلك أنه لم يتبق أي شخص في مكتبه يمكنه الوثوق بولائه حتى النهاية، لأنهم جميعهم بدأوا يتحضرون لليوم التالي لنهاية وشيكة للحكومة، ويظهر بينيت أنه ليس جزءًا من مستقبلهم.
الخلاصة الإسرائيلية أن بينيت بإمكانه البقاء في ما تبقى من عمر حكومته رئيسا لها، ولكن ليس رئيسا لحزب “يمينا”، صحيح أنه يمكنه التفوق كرئيس للوزراء، لكنه يخسر الحزب على طول الطريق، وهذا أبعد ما كان يطمح إليه بينيت.