شهيدة القدس التي اغتالوها عدة مرات

الأردن اليوم – مروان العمد – كان الاغتيال الاول لشهيدة القدس شيرين ابو عاقله عندما اطلاق احد الجنود الصهاينة الرصاص عليها ، واصابها في رقبتها ما بين الخوذة على رأسها و السترة الواقية على صدرها ، وهو اللباس الذي يشير الى مهنتها كصحفية ،و ليحميها من الرصاص . وكانت اصابتها اثناء وقوفها على مدخل مخيم جنين ، الذي كان الصهاينة يقومون بعملية اقتحام له . والذي قاموا به للتعويض عن فشلهم في فرض الامر الواقع على المسجد الاقصى ، فأرادوا ان يحققوا نصراً في مكان آخر لطالما فشلت حكومات اليمين الصهيوني السابقة في تحقيقه ، ولكي تثبت هذه الحكومة انها اكثر يمينية وعنصرية وفتكاً من حكومات نتنياهو . ولاطالة عمرها .
وقد ارادوا ان يكون عملهم هذ مدوياً ، وبعيداً عن اعين الشهود . وكانت شهيدة القدس وصحبها يقفون في مكان تتواجد به سيارة عسكرية صهيونية بداخلها قناصة يحملون بنادق ذات مواصفات خاصة ، مذخرة برصاص شديد الانفجار ، ذي سرعة عالية من نوع دوم دوم المحرم دوليا ، و الذي لا يترك لمن يصاب به اي فرصة للنجاة بحياته وكانو ينتظرون ضحيتهم ،
ولما بان له الهدف ، وهي الصحفية شيرين ابو عاقله، والتي لطالما فضحت ممارساتهم واجرامهم بحق الشعب الفلسطيني ، حتى اطلقوا عليها رصاصة واحدة اصابتها خلف اذنها ، وفرّغت من شدة انفجارها كل ما في رأسها ، ولم يتبقي منه الا الجلدة الخارجية فقط . وهذا امر لا يقوم به قناص على خط الجبهة من تلقاء نفسة . وانما تنفيذاً لقرار اتخذ على اعلى المستويات السياسية والعسكرية ، مستهدفين شيرين المسيحية ابنة القدس والمرابطة في جنبات الاقصى ، والتي تقوم بنقل جرائم الصهيونية بالصوت والصورة للعالم ، والحاملة على الجنسية الامريكية ، بالاضافة للهوية المقدسية في رسالة بانهم ينفذون ما يريدون ولا يبالون باحد . ولكي يستخدم اغتيالها وسيلة لاشعال الفتنة المذهبية والطائفية بين المسلمين والمسيحيين كما سيلي ذكره . ولم يكتفي الصهاينة بذلك ، فقد تعمدوا تأخير وصول المواطنين والمسعفين اليها من خلال اطلاق الرصاص حول مكان سقوطها ، الى ان تمكن احد الشباب الفلسطينيين المسلمين من التسلل الى مكان وجودها بعد ان اعتلى احد الاسوار . وبعد ان ايقن انها لم تعد على قيد الحياة ، قام بإنقاذ زميلتها التي كانت تحتمي في ظل شجرة قريبة منها ، ثم قام بسحب شهيدة القدس لمكان آمن مغامراً بذلك بحياته . وكانت هذه هي عملية الاغتيال الاولى للشهيدة ، والتي سوف استمر بوصفها بذلك شاء من شاء وابى من ابى .
اما عملية الاغتيال الثانية فقدكانت عندما قامت قوة كبيرة من جيش الصهاينة باقتحام منزل الشهيدة في نفس يوم استشهادها ، وطرد جميع المتواجدين فيه ، ومصادرة جميع الاعلام الفلسطنية منه ، والتي تخيفهم حتى لو كانت من وراء ابواب مغلقة . ثم وفي اليوم التالي تم نقل الجثمان الى مدينة رام الله حيث اقيمت عليه صلاة الجنازة الاسلامية ثم المسيحية في شوارعها ، واعيد بعدها الى المستشفى الفرنسي في القدس الشرقية .
وفي اليوم التالي والذي كان يوم جمعة ، تمت عملية الاغتيال الثالثة للشهيدة شيرين . وذلك عندما قام المشيعين بحمل نعشها على الاعناق من داخل المستشفى بهدف نقله الى كنيسة الروم الكاثوليك القريبة للصلاة عليه هناك ، وهم يهتفون للشهيدة ، ويلوحون بالاعلام الفلسطينية ، وبعد ان وضعوا العلم على النعش الى جوار اكاليل الورود ، وبعضها على شكل صليب . و لينضم الى الركب بقية المشيعين الذين كانوا ينتظرون خارج المستشفى ، وهم يلوحون بالاعلام الفلسطينية . وفي تلك اللحظات قامت اعداداً كبيرة من القوات الصهيونية المدججة بالسلاح ، برفقة قوات الخيالة ، بمهاجمة المشيعين بكل عنف ووحشية لم نشهدها من البلاشفة ولا من الفاشيين ولا من النازين ولا من المتوحشين ولا الارهابيين ولا العنصريين ، مركزين في ضرباتهم على رؤوس واجساد وايدي وارجل حملة النعش ، بهدف واضح وهو اسقاطه على الارض ، والذي تمسك به حملته رغم لهجوم الكاسح عليهم وبشكل لم يشهد التاريخ مثيلاً له . كما قام الجنود الصهاينة بمهاجمة بقية المشيعين بالضرب الشديد وانتزاع الاعلام الفلسطينية التي كانوا يحملونها منهم . مستخدمين سلاح الفرسان الذي كان يقتحم حشودهم ويشتت شملهم . وبعد ان حاصر الجنود الصهاينة حملة النعش وزاد استعمالهم للعنف ، تمايل النعش وكاد ان يسقط بعد ان لامس طرفه الارض ، لولا اندفاع احد الشبان ورفعه الى الاعلى ، وسط ضربات متلاحقة عليه بالذات ، وعلى بقية زملائه من حملة النعش ، والذين لم يجدوا امامهم من وسيلة الا العودة به الى داخل المستشفى . واستمرت القوات الصهيونية بالتنكيل بالمشيعين ونزع الاعلام الفلسطينية منهم والطلب منهم بعدم رفعها ، و مهددين بسرقة الجثمان اذا لم يتم تسليمه لهم ليتم نقله بسيارتهم الخاصة . وبعد مباحثات واتصالات مع المشيعين وافقوا ان يتم نقل الجثمان بسيارة اسعاف إسرائيلية . وان لا يتم رفع اعلام فلسطينية في ساحة المستشفى ، وعندما تم وضع الجثمان في السيارة تم منع تواجد مواطنين فلسطينيين فيها بمن فيهم شقيق الشهيدة الوحيد .فيما تواجد فيها ثلاثة اشخاص غير معروفين . وكان بعض المشيعين قد وضعوا العلم الفلسطيني والصليب المسيحي على ظهر السيارة ، ولكن سرعان ما تم نزعها من قبل الشرطة الصهيونية والقاءها على الارض والدوس عليها باقدامهم . وقد ادى ذلك الى اصابة الكثير من المشيعين بالرصاص المطاطي والقنابل الصوتية بالاضافة الى تعرضهم للضرب المبرح .
وقد تم نقل النعش بسيارة الاسعاف الصهيونيه الى كنيسة الروم الكاثوليك حيث اقيمت صلاة الجنازة عليه بحضور اعداداً كبيرة من المواطنين مسيحيين ومسلمين بعد ان رفعوا الاعلام الفلسطينية وغطوا النعش به . وبعد انتهاء مراسم القداس الديني تم حمل النعش الى مقبرة العائلة في مقبرة صهيون بالقدس ، بمشاركة اعداداً كبيرة من المشيعين ، الى درجة لم تشهدها مدينة القدس قبل ذلك التاريخ ، وبحضور العلم الفلسطيني الذي رفع عالياً بالآلاف رغم انف بني صهيون ، والذين من المؤكد انهم جائتهم تعليمات بعدم التدخل لتواجد الكثير من قناصل الدول الاجنبية والذين نقلوا تفاصيل ما حدث امامهم لمسؤولي بلادهم .
وكان هذا المشهد تعبيراً عن رعبهم من الشهيدة المقدسية حتى بعد استشهادها ، ومن العلم الفلسطيني ولذي سوف يظل خفاقاً في الاعالي بأذن الله تعالى في جميع انحاء فلسطين من البحر الى النهر ، والى ان تندحر الدولة المجرمة والبلشفية والفاشية والنازية عن الوجود . اعرف ان هناك من سيقول ان حديثي هذا يعتبر معادياً للسامية ، في حين انه في الحقيقة انتصاراً حقيقياً لها ، فأن السامية ليست عرقاً يمتاز به اليهود لوحدهم ، بل هي ان اليهودية دين سماوي يحترمه المسلمين جميعاً ، مثلما يحترمون جميع الاديان السماوية الاخرى . وقد اعتنق هذا الدين بعض القبائل السامية . بينما اعتنق الديانة اليهودية فيما بعد اجناس واعراق مختلفة ولاتمت للسامية بصلة ، وهم الذين نكل بهم الغرب ودوله ، واقاموا لهم المحارق وغرف الغاز . في حين ان كل العرب هم من الساميين على اختلاف اماكن تواجدهم ودياناتهم والذين رحبوا في اليهود وسمحوا له بالاقامة بينهم . ولذا فنحن احق واقدر على الدفاع عن حقوق الشعوب السامية ، مسلمة كانت ام مسيحية ام يهودية من شعوب الارض .
وعلى اثر ما نشر من فيديوهات عن ممارسة الشرطة الصهيونية من اساليب القمع على مشيعي جثمان شهيدة القدس ، فقد تحرك العالم لاستنكار ما حدث . والمطالبة بتحقيق شفاف في هذا الاحداث ، دون ان يتضمن ذلك تحميل الشرطة الإسرائيلية اي مسؤولية عن جريمة القتل او العنف على المشيعين . وحتى الرئيس الامريكي الذي دان العنف الذي حصل ، وعندما تم سؤاله فيما اذا كان يدين تصرف الشرطة الاسرائيلية ، اجاب بأنه لا يملك معلومات كافية ليحكم على ذلك . في حين طالب الطرف الإسرائيلي ان يكون طرفاً في هذا التحقيق وان يتم تسليمه الرصاصة التي ادت الى القتل ، لكي يقوم بالتلاعب في نتائجه ويغير حقائقه ، علماً بأن اقصى عقوبة بحق جندي إسرائيلي قام بتنفيذ عملية اعدام ميداني بحق فلسطيني كانت هى الحجز في وحدته لمدة شهر واحد ، ذلك الحكم الذي لاقى الرفض والاستنكار من المجتمع الصهيوني لشدته وقسوته وعدم ضرورته ، لان المقتول هو عربيي والقاتل صهيوني . ومنذ البداية فقد ادعت الجهات الإسرائيلية ومن اعلى المصادر ، ان الرصاصة التي اصابت شهيدة القدس مصدرها سلاح فلسطيني . ثم قالت انه من المستحيل معرفة مصدرها ، الى ان تم التراجع عن ذلك والاقرار بأنه يمكن ان يكون مصدرها جندي إسرائيلي ، ولكن ان ذلك تم عن طريق الخطأ . اذ ان السياسة الصهيونية تقوم على عدم السماح بادانة جنودها في مثل هذه الحالات حتى لا يترددوا مستقبلاً باطلاق الرصاص على فلسطيني . وفي حال تشكيل لجنة تحقيق كما تريد إسرائيل ، فأن نتيجة قرار اللجنة معروف مسبقاً ، وسيكون تسجيل القضية ضد مجهول او دفاعا، عن النفس ، او عن طريق الخطأ . ،وستلحق هذه الجريمة بما سبقتها من جرائم ، والتي تعد بالمئات والتي شاهدناها على شاشات التلفاز في بث حي ومباشر ، ومنها جريمة موظف سفارتهم في عمان ، او جريمة استشهاد القاضي رائد زعيتر اثناء مروره من منطقة الجسر الى فلسطين المحتلة . وغيرها كثير والتي نشاهدها في شوارع فلسطين في كل وقت ، وبذلك يكونوا قد قتلوا شهيدة القدس للمرة الرابعة .
اما عملية القتل الخامسة والقاضية التي اطلقت على شيرين فقد كانت بأيدي والسنة اردنية اسلامية ، استندت الى تفسيرات خاطئة لآيات قرآنية ، نُزعت من سياقها واسباب نزولها لتتحول الى افكاراً تكفيرية ترفض الآخر ، وتظهر الدين الاسلامي بمظهر عنصري دموي تكفيري داعشي ، بدلا من ان تظهره على حقيقته بأنه دين العدل والمساواة والتسامح . وللاسف فان بعض من اطلقوا هذه الرصاصات كنا نعتقد انهم من فقهاء الدين الاسلامي الحقيقيين ، واذ بهم اما حملة فكر تكفيري او تلامذة وعملاء للصهيونية واجهزتها الاستخباراتية التي تسعى لتصوير الدين الاسلامي على غير حقيقته ، او بهدف ايقاع الفتنة الطائفية والمذهبية بين المسلمين والمسيحيين ، وهذا سيكون موضوع حديث آخر .
مروان العمد