د. ذوقان عبيدات
تسود مغالَطتان في فضاءاتنا: الأولى، مغالَطة التخصصات الراكدة، والأخرى ربط الدراسة بسوق العمل.
قلت في المغالَطة الأولى: هناك عقول راكدة وليس تخصّصات راكدة، والمطلوب تحريك التخصّصات نفسها بدلًا من قتلها. فالرياضة بعُرفهم تخصّص راكد من ثلاثين عامًا، حيث لا فُرَص للعمل، مع أن المهن الرياضية المطلوبة بالعشرات: إعلامي، مدرّب – والتدريب واسع جدّا – عشرات المدربين، والتحكيم الرياضي، وهو واسع جدّا بعشرات الألعاب، والعلاج الرياضي، والتسويق، والتعليق، وتخطيط الملاعب، والعنف الرياضي، وسيكولوجية الجمهور الرياضي. وهذه أعمال كلها مطلوبة، لكن ديوان الخدمة لا ينصح بها ويقول: إنها راكدة! والجامعات لم تغير خطتها، وما زالت تقدم بكالوريوس (رياضة عام).
والمغالطة الأخرى توجيه الطلبة للالتحاق بمهن المستقبل، وهذه المهن غير معروفة أوّلًا، وغير متاحة ثانيًا، ومتغيرة بسرعة ثالثًا، وقلنا؛ الحل هو تقديم تخصّصات غير دقيقة تعتمد على أطر عامة لمهارات المستقبل، أهمها التكنولوجيا الحديثة، والابتكار والإبداع، وتصميم المشاريع، والمرونة في إعادة تغيير المهارة، “والتعلم المستمر، وتغيير المِهنة، هذا فقط ما يضمن الاختيار الآمِن لمهنة “المستقبل”.
أما فيما يتعلق بالتعليم المِهْني، فنحن لا نوجّه الطلبة، ونُمعن في تطفيشهم عنه! وإلّا كيف نفسّر أن نسبة النجاح في التوجيهي الصّناعي 39% فقط، بينما الشرعي80%، وكيف نفسّر أن النجاح في الفندقي 53% وهو تخصص حيوي ومطلوب!
إذن: من الأفضل للطلبة أن يبتعدوا عن الصّناعي والفندقي، ويلتحقوا بالعلمي والشرعي!!
ما نحتاجه هو وقف المغالطات، وتشجيع التخصّص المِهْني، وخاصّة الصّناعي والفندقي والزراعي والتقني، وكان الله في عون الطلبة!
التوجيهي دمّر الطلبة، وأخلّ بالمِهن، وسوق العمل! ماذا لو ألغينا الرسوب؟ هل نخسر شيئًا؟ ليقُلْ لي أحد: ماذا يفعل راسب في الفرع الزراعي، أو الصّناعي، أو الفندقي؟ وما الأفضل: إعطاؤه شهادة، أم وَسْمُه بالرسوب؟ ومن قال: إن ناجحًا في التوجيهي الصّناعي أكثر مهارة من غير الناجح؟
وأكرّر، قد يكون العشرة الأواخر، والعشرة الأواسط أكثر نجاحًا في سوق العمل والحياة! لماذا لا نُكرِّمُهم أيضًا؟!!