سلامه الدرعاوي
بورصة عمان الّتي استحوذت على المركز الأوّل عربيّاً من حيث الارتفاع في المؤشّر العامّ منذ بداية العام وخلال أشهر أيّار وحزيران وتمّوز، وسجّلت ارتفاعاً بمقدار 23.05 % بنهاية تمّوز من العام الحاليّ، والقيمة السوقيّة سجّلت كذلك 19.108 مليار دينار، في حين أنّ القيمة السوقيّة خلال شهر تمّوز سجّلت أعلى مستوياتها منذ 2014، هي بأمسّ الحاجة إلى أدوات تحفيزيّة لمواصلة نموّها بشكل مستدام ودعم حضورها في المشهد الاقتصاديّ.
البورصة بحاجة للّاعبين جدد على المستوى الاقتصاديّ، سواء محلّيّون أو أجنبيون، وهذا لا يكون إلّا من خلال إدراج شركات جديدة في البورصة، فهذا نشاط ما زال يعتريه الجمود منذ عام 2008 باستثناء شركة واحدة أدرجت خلال هذه الفترة.
الكرة في ملعب الحكومة الّتي بإمكانها أن تبادر إلى مثل هذه الخطوات الجبّارة في إدراج عدد من الشركات الحكوميّة في البورصة كما حصل في أسواق الخليج ممّا زاد في عمق واتّساع هذه الأسواق.
الحكومة تمتلك شركة إدارة الاستثمارات الحكوميّة الّتي تدير أصولاً تزيد على الـ5 مليارات دينار موزّعة ما بين أسهم وأصول مختلفة، قد تكون هي بوّابة هذا الإدراج الّذي من المؤكّد سيكون له انعكاسات إيجابيّة كبيرة تساهم في جذب الاستثمار ووضع الأردنّ على خريطة الاستثمار الإقليميّ والدوليّ.
الأمر لا يقتصر على خلق أدوات تحفيزيّة في البورصة من خلال إدراج الشركات الرسميّة، بل أيضاً تنفيذ عدد من المشاريع الحكوميّة والخاصّة الكبرى منها وإنشاء شركات مساهمة مدرّجة وطرح أسهم، وطرح صكوك تمويل إسلاميّة قابلة للتداول.
هذه الأدوات ستساهم سريعاً في النهوض الإيجابيّ لسوق رأس المال المحلّيّ وتعميقه وتدعيم الحضور الاستثماريّ خاصّة الأجنبيّ منه.
أدوات التحفيز الماليّ لسوق رأس المال ضرورة اقتصاديّة حتّى تتمكّن بورصة عمّان من مواصلة السير على أساس واضح ومنهج اقتصاديّ معتدل لتعزيز الثقة في السوق عبر إيجاد الأدوات الاستثماريّة المحفّزة للسوق الماليّ لجذب السيولة، وإدراج شركات جديدة ذات وزن نسبيّ، ينعكس على أداء المؤشّر العامّ ويدعم أحجام التداول.
لكن حتّى يكتمل المسار الإيجابيّ الّذي تتبعه بورصة عمّان، يجب أن تمتلك أدوات استثماريّة اقتصاديّة إضافيّة محفّزة، كتخفيض كلفة التداول من خلال إلغاء الضريبة على التداول وتخفيض كلف رسوم وعمولات التداول، في موازاة زيادة رأسمال الشركات الكبرى بهدف تعزيز السيولة في السوق وزيادة الأسهم المتاحة للتداول ممّا يعزّز فرص رفع تصنيف البورصة في المؤشّرات العالميّة وأهمّها مؤشّر (MSCI).
وفضلاً عن ذلك لا بدّ من تحفيز صندوق رأس المال والاستثمار الأردنيّ المنشأ من قبل البنوك للاستثمار في البورصة، فهو لاعب رئيسيّ في المشهد الاقتصاديّ للدولة في حال توفّر الظروف المناسبة لذلك.
والأهمّ من ذلك كلّه، هو تعزيز الثقة في السوق من خلال زيادة حماية المستثمرين والرقابة والحوكمة.
هذه كلّها أدوات ممكنة وفاعلة ولها نتائج قويّة على أرض الواقع، خاصّة إذا تمكّنت من تقديم حوافز للشركات حديثة التأسيس المدرّجة في البورصة.
اليوم بورصة عمّان يجب أن تتّبع الأسلوب الاقتصاديّ الأمثل بتعزيز استقلاليّة مؤسّسات السوق (هيئة الأوراق الماليّة، بورصة عمّان، مركز إيداع الأوراق الماليّة) وتمكينها من تنفيذ مشاريعها واستقطاب الكفاءات والاحتفاظ بها، بالإضافة لتعزيز استثمارات صندوق أموال الضمان الاجتماعيّ في البورصة، وتعزيز سوق السندات من خلال تداول السندات الحكوميّة في البورصة.
وبالمحصّلة، بورصة عمان تسعى بكلّ جهدها وبكلّ الأدوات اللازمة لتوفير بيئة آمنة لتداول الأوراق الماليّة وتعزيز ثقة المستثمرين فيها، وجذب مزيد من الاستثمارات بما يساهم في تطوير وتعزيز الاقتصاد الوطنيّ، وبالتالي يجب دعمها وتمكينها من الوصول إلى أفضل النتائج في المستقبل القريب.