عوني الداوود
تواجه الأحزاب السياسية في الاردن اليوم «تحديات « و» فرصا» في آن واحد ..فهي تواجه التحدي الأكبر والمتمثل بتدنّي نسبة المؤمنين بالاحزاب في الأردن ،ناهيك عن المشكّكين بإمكانية وجود حياة حزبية حقيقية في الاردن ، وما يدلّل على ما أقول نتائج الدراسة الأخيرة التي أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية والتي اظهرت أن الغالبية العظمى من الأردنيين(87%) لا يعرفون عن قانون الأحزاب الجديد الذي أُقرّ حديثاً، (13%) فقط أفادوا بأنهم سمعوا أو عرفوا عنه ، والأهم أن(2%) فقط من الأردنيين يفكرون في الانضمام إلى الأحزاب السياسية ..وهذا التحدي سيلقي على كاهل الأحزاب الجديدة تحديدا عبئا للاجتهاد باقناع الجيل الجديد تحديدا بجدوى الانضمام الى الاحزاب.
التحدي الثاني: يتمثّل بكثرة عدد الاحزاب على الساحة ،هذه الكثرة التي قال عنها الراحل الباني الملك الحسين طيّب الله ثراه بأن « كثرة الازدحام تعيق الحركة «، وهذه الكثرة شوّهت الصورة لدى أذهان كثيرين بأنه لا فائدة من الاحزاب ما دام هذا شكلها ، ناهيك عن فعلها ؟!.. ولذلك فاننا نطمح لأن يؤدي قانون الاحزاب الجديد لتقليل العدد من خلال اندماج احزاب ، والغاء أخرى، وظهوراحزاب جديدة بصورة أكثر تنظيما وتأثيرا وتحريكا لمياه الحياة الحزبية الراكدة.
التحديات أمام العمل الحزبي عديدة وكبيرة ،وليس غايتي الخوض في تفاصيل التحديات، بقدر التركيز على ما أعتبره اليوم «فرصة ذهبية «، امام الاحزاب كي تعيد تقديم نموذج ناجح لما يجب ان تكون عليه الاحزاب الجديرة بتولي السلطة كما في تجارب العديد من دول العالم الديمقراطية.. وكما هو طموح الوطن وقائد الوطن للاردن في مئويتها الثانية.
اليوم نحن امام فرصة وجود إرادة سياسية توجّه وبقوة لإحداث تغييرات تليق ببلد يدخل مئويته الثانية بخطى ثابتة ومدروسة ، ومن هنا جاءت رؤى التحديث الثلاث ..» السياسية والاقتصادية والإدارية «..فنتج عن تحديث المنظومة السياسية قانونا انتخاب و احزاب ،وتم اجراء تعديلات دستورية تتواءم والقانونين المشار اليهما.
في «رؤية التحديث الاقتصادي» مخرجات سيؤدي تنفيذ مبادراتها لتحقيق اهداف الرؤية المتمثلة برفع معدلات النمو وخلق فرص عمل تصل لنحو مليون وظيفة على مدى عشرة اعوام ..وهي رؤية عابرة للحكومات – وبضمان جلالة الملك شخصيا – وبالفعل هناك دائرة تتابع مخرجات الرؤية الاقتصادية في الديوان الملكي ، وهناك 4 لجان وزارية حكومية تحت مظلتها نحو 22 لجنة فرعية تشمل كافة الوزارات والمؤسسات والجهات المعنية بكل قطاع .
اما رؤية تحديث القطاع العام فقد نتج عنها خارطة طريق للسنوات العشر المقبلة اعلنت الحكومة برنامجها التنفيذي للمرحلة الاولى (2022- 2025).
اذا ..وبوجود هذه الرؤى الثلاث اصبح لدى الاحزاب مادة خصبة لوضع رؤيتها وموقفها من هذه الرؤى خصوصا الاقتصادية وبالتأكيد الادارية.
الفرصة مواتية جدا اليوم امام الاحزاب ،لأن رؤى التحديث اعتمدت في مخرجاتها على انه سيكون لدينا خلال السنوات العشر المقبلة أحزاب وطنية لديها برامج في كافة مناحي الحياة ،خصوصا وان كل حزب هو «مشروع حكومات قادمة» .. ولأن هدف الرؤية السياسية ان نصل لمرحلة يتولى فيها حزب الاكثرية النيابية تشكيل حكومة .. لذلك لا بد ان يكون لكل حزب رؤاه الاقتصادية والادارية والاجتماعية وغيرها من الرؤى بل والخطط التفصيلية في كافة القطاعات.
جميل جدا ما نراه اليوم من ظهور احزاب باتت حريصة على مواكبة المرحلة من خلال وضع رؤيتها لمستقبل البلد ومخاطبة العقول والافكار بعيدا عن نمطية اقناع الناخبين التي سادت في السنوات السابقة والمعتمدة كثيرا على الخدمات استغلالا للحاجات الامر الذي ادى لعزوف (71%) ممن يحق لهم الانتخاب عن صناديق الاقتراع.
قانونا الاحزاب والانتخاب اليوم أجبرا الاحزاب على الالتفات الى الشباب والى المرأة وهما وجها التغيير للمستقبل ،فالشباب ثلثا المجتمع والمرأة نصفه.. والحزب القادر على جذب واقناع الشباب والمرأة بالانخراط في الحياة السياسية واستثمار طاقاتهما هو الحزب الفائز بالتأكيد لان الشباب والمرأة هما عنوان المستقبل ..وجيل اليوم ورغم التحديات الاقتصادية والاجتماعية الا انه جيل واع يستمع لخطاب العقل لمن يحترم عقله ولا يشبعه وعودا جوفاء يدرك فشلها مما لمسه من احباطات جيل الآباء والاجداد..وهذا يتطلب جهدا في ابتكار «اعلام حزبي» جاذب ومقنع وقادر على ترويج الأفكار والبرامج .
باختصار..امام الاحزاب فرصة تاريخية حقيقية من يستثمرها سيحقق نتائج ملموسة وقد لا نحتاج الى عشر سنوات انتظار.
الدستور