عبيدات يكتب: هل ستحل الفلسفة تلقائيا مشكلات التفكير؟

كتب د. ذوقان عبيدات

الجواب وبدون تردد: كلّا! إذن لماذا البهجة بعودتها إلى المدرسة ؟

معظم الدول العربية تعلِّم الفلسفة ، ولم نلحظ تفكيرًا متميزًا في تلك المجتمعات ودول العالم التي يتعلم أبناؤها الفلسفة لا يتميز شبابها بالقدرة على التفكير الناقد، ولا كشف الإشاعات والمغالطات ، حتى في أوروبا والولايات المتحدة يسهل خداع شعوبها وشبابها!

إذًا! ما الذي ستقدمه الفلسفة للمجتمع الأردني وشبابه؟قبل الإجابة علينا أن نميّز بين الروح الجمعية وبين القدرة على التفكير الناقد، فقد يمتلك شخصًا ما قدرة ووعيًا فلسفيًا ونقديًّا عاليًا وبنفس الوقت يسهل استهواؤه وجرُّهُ إلى حيث يريد المتلاعبون بالرأي العام، بل أهل الفلسفة نفسها يمكن أن ينصاعوا لصوتٍ مغالط ويمشون معه! كما لا شكّ أنّ بين أهل الفلسفة من سلوكات وصراعات وتنافسات ومناورات ما يوجد عند أهل الجغرافيا أو الدين أو الهندسة وغيرها! فالكل يمكن أن يتعرض بسهولة إلى الخداع،بل إن أهل الطب والهندسة والكيميا

أقل مقاومة للإشاعات وأقل قدرة على النقد وأكثر انجرارًا وراء مغالطات وحتى وراء فكر متطرف من سواهم من أهل الحقوق والأدب!

عودة لموضوعنا: هل ستعلم الفلسفة الوعي والتفكير؟

الجواب هذه المرة مشروط بِ:

١-مجتمع حر منفتح، يسمح بالتفكير ، ويؤمن بأن أي فكرة لا تولد من رحم الحرية وفي الهواء الطلق هي فكرة ضعيفة! هكذا تكلم زرادشت!

٢-ثقافة مدرسية تسمح بالنقد والتعبير الحر والتساؤل والشك وفحص المسلمات، والمشاركة وحرية الإبداع دون مخاوف العقوبات والاتهامات!

٣-بيئة مدرسية كاملة تعلم التفكير بدءًا من معلم الرياضة وصولًا إلى معلم الرياضيات ، وقلت مرارًا نحن نعلم الطلبة ولا نعلم المواد الدراسية! نريد طالبًا باحثًا في الرياضة وباحثًا في الجغرافيا وباحثًا في الدين، وليس حافظًا لها! نريد عشرة”أوائل” في البحث، والنقد والتفكير وكشف المغالطات ولو بمعدّلات قليلة دون السبعين! نريد باحثين لا مختطفي علامات كاملة أو شبه كاملة!

٤-نريد أمنًا لمؤلفي كتب الفلسفة وحمايتهم من مختطفي المجتمع ليتمكنوا من إثارة الأسئلة الواجب إثارتها، فالفلسفة وكوابح التفكير نقيضان وليس مجرد ضديْن

٥-ونريد كتبًا حوارية ، تثير الأسئلة

وتناقش المفاهيم ولا تسرد كغيرها من الكتب معلوماتِِ وحقائقَ، وهنا يبدأ دور الوعي التربوي بالفلسفة والوعي الفلسفي بالتربية! نريد كتبًا تربوية فلسفية ً لا كتب فلاسفة!

٦-وهنا الأكثر تأثيرًا : إعداد معلمي الفلسفة أو المعلمين الذين سيدرسون الفلسفة! ولم نسمع حتى الآن أنّ أحدًا ما رسميًّا تصدى أو تبرع في هذا الاتجاه!

وهنا أناشد مراكز الدراسات والتدرب والاستشارات والهيئات التربوية والجامعات قد تصدّت لإعداد وتدريب وانتقاء وتهيئة معلمي الفلسفة ومعلماتها!

نحتاج من ٧٠٠-٨٠٠ معلم ومعلمة ليسوا موجودين في مدارسنا ، بل علينا صناعتهم أو تدريبهم، كحدٍ أدنى!

وفق هذه الشروط أقول بصوتٍ عالٍ: نعم الفلسفة طريق لتعليم التفكير وتحرير المجتمع من قيوده! فلنبدأ قبل الأمس، فالوقت مرّ وعلينا اللحاق به!