ربما كانت الجاهات التي تتوجه إلى أهل العروس لخطبتها في مرحلة معينة من الزمن لها ما يبررها ويعزز وجودها، وذلك لتوفيق ما بين أهل العروسين والاتفاق على المهر وما إلى ذلك، فكانت الجاهة لها دور محدد في الاتفاق والوفاق.
أما في الوقت الحاضر، فقد حصل تطور في الحياة الاجتماعية وأفرز واقعا جديدا يستدعي إعادة النظر في تكليف مجموعة من الوجهاء وأصحاب المناصب والأقارب والاصدقاء لتشكيل جاهة تتوجه إلى منزل اهل العروس او صالة مستأجرة خصيصا لهذه الغاية.
والواقع الجديد يتلخص في أن أهل العروسين في الأغلب الاعم يكونون قد اتفقوا على النسب والمهر وجرى ابرام عقد الزواج، أي انه لم يعد للجاهة اي دور معتبر اللهم الا ان هذه الجاهات تتكلف عناء السفر ونفقاته وجهده لتحضر ويتم إعادة طلب العروس وموافقة اهل العروس آلتي هي حاصلة اصلا.
وفي الغالب يطلب اهل العروس جاهة مؤلفة من عدد معين ويرأسها شخصية مرموقة كرئيس وزاء سابق او وزير او شيخ من شيوخ العشائر لغايات البهرجة والتباهي والتفاخر ليس إلا.
وهذا مظهر من المظاهر التي لا لزوم لها ولا طائل منها، فخطوبة العروسين موضوع يخص طرفين محددين ولا علاقة للجاهة بهما من قريب أو بعيد، واذا حصل خلاف بين الطرفين في وقت لاحق فإن الجاهة التي حضرت لا تتدخل في حل الخلاف.
وعلى هذا فما هي الجدوى من هذه الجاهات الا اضاعة الوقت وزيادة النفقات والظهور بمظاهر البذخ والتفاخر والتباهي بإعداد القادمين.
مثل هذه العادات عفا عليها الزمن وينبغي اختزالها لتكون واقعية وتعكس عادة سليمة خالية من العيوب.