كتب العراقي طلال بركات ..
عملت إيران على تعميق الخلافات بين جميع أطراف العملية السياسية في العراق سواء بين الشيعة والسنة او بين الشيعة والشيعة بغرض إضعاف جميع الفصائل لأنها باتت تخشى من تمرد العراقيين عليها وبالاخص الشيعة لانها على علم بمدى كره الشعب العراقي للنظام الايراني.
لهذا لم تعد تعتمد حتى على اقرب ذيولها، لذلك باتت تتدخل بشكل مباشر لأجل احكام هيمنتها على العراق من خلال إتباع استراتيجية جديدة بادخال حرسها الثوري عند اية مناسبة دينية، وما اكثر تلك المناسبات على مدار السنة.
وهذا ما حصل اليوم حيث نشاهد حافلات ايرانية تجوب وتتجول في جميع محافظات العراق، خصوصاً كربلاء والنجف والديوانية والناصرية وكذلك في سامراء ومناطق صلاح الدين والفلوجة وهي تنقل اكثر من مائة الف شاب ايراني وباكستاني وافغاني بزي مدني ويحملون حقائب متشابهة، تحوي بدلات عسكرية وامور قتالية اخرى، حسب ما وصف ذلك أحد العسكرين العراقيين.
والاكثر من ذلك أنهم يتعاملون مع العراقيين معاملة جافة توحي كأنهم اهل البلاد والعراقيين نازحين او مقيمين.
ونفس الشيئ حصل من قبل في سوريا بحجة حماية المزارات الدينية. وايضاً التدخل في لبنان واليمن بحجة حماية الشيعة.
واليوم تحاول ايران احتواء الاردن بنفس هذه الطريقة.
بمعنى ان استراتيجية ايران الجديدة ليس فقط اضعاف الموالين لها او الاستغناء عنهم، رغم خضوعهم الكامل إليها، وجميعهم يتزاحمون على كسب ود قادتها. حتى وصل الحال عدم قدرة أي مسؤول عراقي الاعتراض على السلوك الايراني او المطالبة بابسط الحقوق الوطنية، مثل السؤال عن سبب قطع المياه عن العراق، او الرد على التصريحات المتغطرسة التي يطلقها المسؤولون الايرانيون، بين الحين والاخر، والتي تعبر عن احتلالهم للعراق او اعتباره محافظة ايرانية.
وايضاً يستحيل ان يتجرأ احد من المسؤولين على المطالبة بتنظيم دخول الزوار الايرانين الى العراق، حيث تولت ايران بنفسها هذة المهمة، وتولت حمايتهم من خلال دخول اعداد هائلة من الحرس الثوري، غير معلوم مدة مكوثهم، لان دخولهم لم يكن بأرادة عراقية، مما يعني ان ايران استعمرت العراق واستحمرت المسؤولين بعدما احكمت قبضتها عليه بشكل مباشر، من خلال الحرس الثوري.
وبذلك أمست ايران ليست بحاجة الى من يواليها، او يساعدها من الذيول، لانها لم تعد تأمن جانب العراقيين. وايضاً تخشى تمرد الموالين لها، مثلما تمرد الصدر بعد ان كان الابن المدلل لايران، التي صرفت عليه الملايين، وزودت اتباعه بالمعدات والسلاح، وبالاخير لم يعد الطفل المطيع لانها باتت على يقين ان شغل الذيول والموالين السرقات وجمع اموال السحت الحرام.
لهذا اصبح الهدف الاستراتيجي الجديد لايران استلام مقاليد الحكم في العراق بشكل مباشر دون وسيط او حليف او عميل. يعني استعمار مباشر عن طريق الحرس الثوري.
لذلك من مصلحتها قتال شيعي شيعي ليكون مبرراً لتواجد عسكري دائم على ارض العراق، مثلما دخل الحرس الثوري برداء ميليشيات الحشد الشعبي وسيطر على المحافظات السنية بحجة مقاتلة داعش. ومعروف من ادخل داعش.
واليوم دخل الحرس الثوري للسيطرة على المحافظات الشيعية وخصوصاً التي فيها مراقد مقدسة عند الشيعة بحجة تأمين الزوار الايرانيين. وبذلك تم استعمار العراق بالكامل، بعدما روضت الاكراد ايضاً بالقصف الصاروخي بحجة وجود مواقع اسرائيلية في شمال العراق.
وللاسف هناك من يردد عن قصد او دون قصد ما تروجه ايران واتباعها بأن حدثا عظيما بعد زيارة الاربعين سوف يزلزل الارض من تحت اقدام السياسيين الذين دمروا البلاد والعباد وسيتم كنسهم ويعود العراق الى وجهه الناصع، مما يعني ان الزلزال هو تثبيت اقدام ايران بالقضاء على خصومها واستعمار العراق بالكامل من خلال نشر مجاميع من الحرس الثوري، الذين دخلوا العراق بهذا الثقل، وسط صمت عربي ودولي ورضا امريكي، لازاحة جميع مناوئي ايران، بموجب اتفاقها مع امريكا مقابل التوقيع على الاتفاق النووي.
انتهى