فالجريمة الأولى كانت تدور أحداثها حول إمرأة متزوجة، دام زواجها 19 عاما، وكانت تلك المسكينة، تتعرض للتعذيب النفسي والجسدي المستمر، لا لشيء فيها، الا بسبب مرض نفسي قد يكون الزوج يعاني منه، فقد كان مهووس بالتفنن والاستمتاع في تعذيب زوجته البريئة، حسب ما استنتجت من رواية شقيقتها.
فكما جاء على لسانها، كان الزوج يقول لزوجته انك ستدخلين الجنة على أساس انك من الصابرات، واما غرفة التعذيب كانت غرفة نومها، حيث كان يستخدم مختلف الأدوات الحادة مثل الموس والشاكوش والبومة.. وغيرها، لإيقاع الأذى في زوجته، والابنة الكبرى أيضا كانت تتعرض للتعذيب من قبل والدها وامام اعين والدتها، والذي كان يقوم بعمليات التعذيب لوالدتها على مرأى عين ومسمع ابنته الكبرى.
فهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ان الزوج، يعاني من مرض نفسي خطير، لم يتم اكتشافه ومعالجته.
وقبيل مقتل الزوجة قام بتكسير يديها وارجلها، وتهميش رأسها، وضربها على الجبين، وهذا حصل على مدى 6 ساعات متواصلة من التعذيب المستمر، التي وقعت ما بين الثالثة عصرا والتاسعة مساء يوم الجمعة، واثناء ذلك كان الجيران يسمعون صراخها من وجع الألم، ولكن لم يقوم اي منهم بالاتصال بالشرطة لمساعدتها.
وبعد الانتهاء من عملية التعذيب قام بلفها ودفنها في مكان موحش، وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة كما ذكرت شقيقتها.
الابنة الكبرى شهدت ضد والدها في القضية، ووضع اولاد المغدورة تحت حضانة اهل الجاني، اي الزوج، بحجة الخوف عليهم من انتقام الاخوال والخالات وهم أهل الضحية.
ولماذا لم يوضع الاطفال في قرى SOS لتوفير الرعاية، لابعادهم عن اجواء الجريمة، وتوفير البيئة المناسبة، والدعم المعنوي والنفسي لهم وخصوصا للبنت الكبرى، التي شاهدت تعذيب والدتها على فترات متباعدة، حتى اخر يوم من حياتها، وهي الاخرى، كانت وما زالت تعاني من التعنيف، والتعذيب النفسي والجسدي الذي تعرضت له من قبل والدها.
فهل أهل الزوج هي البيئة المناسبة لحضانة ورعاية ابناء القاتل؟ وهل تم استشارة علماء نفس بهذا الخصوص؟
اما الجريمة الاخرى، كانت لفتاة متزوجة، كان يعنفها زوجها باستمرار، حتى وصل الامر بكسر فكها، وعندما اخذتها والدتها الى المستشفى، تم ادخالها لحاجتها لعملية جراحية، ولضعف جسدها بسبب سوء التغذية، وعلى الفور قامت ادارة المستشفى بإبلاغ حماية الاسرة، التي قامت بدورها في تحويل الزوج للقضاء، ولكن الزوج تسلل الى المستشفى، وقام بقتل زوجته بتوجيه 18 طعنة، انتقاما من تحويل القضية للقضاء واستمرارا لعدائيته ووحشيته اتجاه زوجته.
والسؤال هنا اين كان طاقم التمريض وقت حدوث الجريمة، والحرس الخاص بالمستشفى، وكيف سمح للزوج بدخول غرفة المغدورة، ولماذا لم تقوم حماية الاسرة باجراءت وقائية وطلب مساعدة الشرطة لحماية الزوجة اثناء مكوثها في المستشفى؟ كل هذه الاسئلة تشير الى ان هناك خلل في حماية هؤلاء النسوة، اللواتي يتعرضن للتعنيف والتعذيب من قبل ازواجهن من ذوي النزعة الاجرامية والنفسية الخطيرة.
في كلتا الحالتين قام اهل الضحايا بإبلاغ حماية الاسرة، واخذت حماية الاسرة كعادتها تعهد على الزوج، وهذا بالطبع لم يكن كافيا ورادعا للزوج، والدليل استمرار عمليات التعذيب التي أدت الى القتل، ولهذا يجب ان يعاد النظر في إجراءات حماية الاسرة، حتى تكون فاعلة.
يمكنني تلخيص الأسباب التي ادت الى تعذيب الزوجات وقتلهن في كلتا الحالتين:
1- فقر الاهل وعدم قدرتهم المادية لإخذ بناتهم، واعالتهم والقيام بإجراءات الطلاق
2- عدم وجود الحماية القانونية المناسبة، والأمنية اللازمة للحفاظ على حياة المغدورات وابنائهم ، وخصوصا في أوقات الشدة
3- استحواذ الجاني على الضحية نفسيا ، وعدم قدرة الضحية الخروج من محنتها لاسباب عديدة منها قد تكون النفسية والمالية ، والخوف من المجهول ..الخ
4- عدم وجود السند، والداعم للمغدورات في ظل وجود التهديد المستمر من قبل الجاني
5- الاجراءات التي تتخذ من قبل حماية الاسرة غير كافية لحماية النساء واسرهن من القاتل ، فالاوراق والمعاملات القضائية الكتابية غير مجدية ، خصوصا في الحالات التي يعاني الزوج من مرض نفسي خطير او من لديه نزعة مستمرة لارتكاب الجريمة
6- عدم تشخيص حالة الازواج النفسية وتصنيفهم حسب الحالة ، واجراء ما يلزم لحماية الزوجات المعنفات واولادهن من قبل الجهات المختصة ومنها حماية الاسرة والامنية
والمقترح للحد من حالات تعذيب وقتل الزوجات
1- عند ابلاغ حماية الاسرة باي حالة تعنيف او تعذيب للزوجات ، يجب تشخيص حالة الزوج وتصنيفها من الناحية النفسية ووضعه تحت العلاج المناسب في مصحة نفسية لحين تماثله للشفاء ، واذا كانت حالته النفسية تصنف بالخطيرة ، فيجب وضعه تحت الاقامة الجبرية ومعالجته حتى يتماثل للشفاء ، وفي كلتا الحالتين يجب فصل الزوجة والاولاد عن الزوج بصورة فورية ، حتى تتوفر عوامل الامان للزوجة وابنائها
2- توفير الحماية الامنية ، والدعم المادي والمعنوي للزوجة واولادها، وتوفير اماكن اقامة خاصة، تقوم الدولة على توفيرها والاشراف عليها، حتى لا تضطر الزوجة العيش والخنوع مع شخص لديه مرض نفسي خطير ، ونزعة لارتكاب الجريمة، بسبب خوفها على مستقبل اولادها، او بسبب شح الامكانيات المادية، او الخوف من تشتت اسرتها
3- في بعض الحالات التي تستدعي، يجب وضع الازواج تحت المراقبة 24/7 عن طريق حمل الأساورة الإلكترونية وتحديد أماكن تواجدهم.
4- ربط اسوارة خاصة للزوجات لطلب الاستغاثة في حال كانت في خطر
5- مراقبة المكالمات الهاتفية للازواج على مدار الساعة وذلك باذن قضائي.