إن نظرنا للقصة من منظور ماليّ، فبحسب ما يقولون، فانّه من غير المنطقي أن تكون تذاكر تلك الاحتفالات يصل اسعار بعضها لـ 300 دينار وأكثر! والسؤال القوّي هنا “أنتوا مالكوا؟” فأشياء كثيرها في الواقع يتم تسعيرها بطريقة جنونية، من سيارات، لعقارات، لتذاكر سفر, لعلاجات, لتكاليف حجّ حتى, فلماذا لا تذهبون وتتصارخون هناك؟ أم تأخذون أسعار التذاكر ذريعة للهجوم؟
قد يظنّ القارئ بأنّي من منظمي تلك التجمّعات, أو لدي مصلحة أُخفيها, لكنّي في الحقيقة لم أرتاد أيّا منها, لكنّي لحبّي لوطني أتحدث واُعبّر, فهل يستطيع المنتقدون أن يذهبوا ويحجزوا كافّة الفنادق ويشغّلوا أولئك البسطاء في المدن عوضا عن الثرثرة؟
فعلى أرض الواقع من يُفيد أكثر, تلك الفئة التي تكفّر صعودا و نزولاً, أم من ينظّمون تلك الاحتفالات؟
المصيبة والطامّة الكبرى في أن نمتهن تجارة الدين, ونصوّر أنفسنا بأنّنا الحماة المدافعون, في حين قد نقترف افعالا افظع من الرقص و الغناء , هؤلاء انفسهم من يسافرون للدول الغربية و ينصهرون بمجتمعاتهم يأتون عند اوطانهم و يدّعون الفضيلة و المعروف , فهل تستطيعون ملئ الجانب الاقتصادي ؟
و إن كانت ذريعتكم بأنّها حفلات فجور , فبماذا تختلف تلك الاحتفالات عن تلك الاعراس و التي يُطلق بها النار و يسقط ضحايا على اثرها ؟ أم أن تلك الاحتفالات بمصائبها حلال ؟ فلم نسمع مطلقاً عن قتيل في مهرجان جرش , بل على العكس يذهب الناس ليروّحوا عن انفسهم بكل بساطة و احترام .
في رأيي على الحكومة التصدّي لهذه الفكرة بالمنطق, لأنّ جرعة التديّن المزيفة باتت مرض في مجتمعاتنا, فالصورة الحضارية للدول تُبنى بالفنون الحضارية و لم يبني التخلف صورة جميلة لوطنٍ في يوم , فانظروا لتلك الدول التي كانت تحمل راية التزمت في الماضي , كيف أدركت بأن المستقبل لمن يفصِلْ , لمن يدعْ الحرية خيارا عوضا عن التزمّت اجبارا , فغالبا ما يُجبر الانسان عليه في العلن , يفعل عكسه بشكل هستيري في الخِفية فبأي منطق تتحدّثون, و لأنّ الله يحاسبنا فُرادى لا تخافوا….
و لمن يربط هذه الاحتفالات بشكل أحمق بسوء الحالة الاقتصادية أو حتى انحباس المطر , أخبرونا كيف تمطر في الدول الاجنبية على تلك الحفلات الماجنة , كيف تجني الدول التي تنظّم حفلا في كل يوم اموالا طائلة تساهم في ازدهار الاقتصاد , بينما تعيش الدول العربية و التي تدعّي الفضيلة في شُحٍ مطري و تردّي للوضع الاقتصادي , هذا التفكير العقيم عبارة عن ضربٍ من البلاهة , فهم يريدون ربط أيّة حدث كنتيجة لحدث مكروه لديهم , في حين يقفون عاجزين امام تفسير سقوط رافعة الحرم مثلا على ذات المنوال أو وقوع اضرار في كنيسة أو أو أو , فالقياس ليس منطقيا مطلق , و ببساطة شديدة من لا يريد الارتياد فليُرح نفسه و فكره !
في النهاية يجب أن ندرك بأنّ ما يرضي البعض ليس بالضرورة أن يرضي الجميع و العكس صحيح , و الاقتصاد يجب و ضرورة أن يكون الاولوية , فما بين الرجعية و التقدم قد يضيع وطن على هوى فلان أو رغبة علان