علي جبار يكتب: الهجرة النبوية درامياً

كتب علي جبار عطية

يبدو ضرباً من العناء أن يتابع المشاهد فلماً محسوباً على الأفلام الدينية بإمكانات متواضعة يتناول حدثاً مفصلياً كبيراً هو الهجرة النبوية أنتج مطلع ستينيات القرن الماضي؛ للقفزات الكبيرة التي شهدتها السينما في السنوات الأخيرة، ونحنُ نعيش في عصر الألفية الثالثة من التطور الهائل في المؤثرات البصرية، والثورة السينمائية والإنتاجية الكبرى.

لكنَّ الداعي إلى مشاهدة مثل هذه الأعمال هو للتوقف عند مسألة هي: هل وُفقت السينما المصرية درامياً في تناول الهجرة النبوية، سرداً ومضموناً، ونقلةً نوعيةً في التاريخ الإسلامي؟

تقول بعض الإحصائيات: إنَّ ما أنتجته السينما المصرية من الأفلام التي تتناول مثل هذه الموضوعات لا تتجاوز نسبة اثنين في المئة من الإنتاج الكلي لها مع تناولها الكثير من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها.

دفعني هذا الموضوع إلى متابعة أحد هذه الأفلام الذي عرضته قناة فضائية مهتمة بكلاسيكيات السينما المصرية في رأس السنة الهجرية ألا وهو فلم (هجرة الرسول) المنتج سنة ١٩٦٤م، وقد كتب قصته عبد المنعم شميس، والسيناريو كتبه حسين حلمي المهندس، وأخرجه إبراهيم عمارة.

جسد أدواره : ماجدة، وإيهاب نافع، وعدلي كاسب، وحسن البارودي، وسميحة أيوب.

طول الفلم ١١٧ دقيقة.

يتناول الفلم شيئاً عن قصة الإسلام من خلال معاناة مَنْ كانوا عبيداً في نظام الرق لذا تمثل حكاية (حبيبة وفارس) الحبكة الرئيسة للفلم.

تعتنق الجارية حبيبة الإسلام فتعذب بقسوة حتى تفقد بصرها، ولا يتخلى عنها محبوبها فارس الذي يشاطرها العبودية والحب!

لكنَّ الفلم الذي يتناول الصراع بين السادة والعبيد يختم القصة بوصول النبي الأكرم إلى المدينة، وعودة البصر إلى حبيبة بنور الرسول صلى الله عليه وآله.

أي أنَّ هذا الفلم لم يختلف عن غيره من الأفلام الدينية ـ على ندرتها ـ في تناوله الهجرة كحدث ثانوي ضمن سلسلة أحداث متتالية، مع غلبة الطابع التجاري عليه، بل إنَّ بعض الأفلام كفيلم مصطفى العقاد (الرسالة) /١٩٧٦م أعطى للهجرة النبوية مساحة أوسع من هذا الفلم مكاناً ودلالةً وإقناعاً، فلم يبقَ للفلم من حسنة سوى اسمه!

ويبقى الإشكال الأكبر بشأن أداء الممثلين الذي يميل إلى المسرح، وكذلك الأزياء الغريبة التي يرتديها الممثلون إلى درجة يتساءل المرئ: كيف تحملوا ارتداءها طوال أيام تصوير الفلم؟