قشوع يكتب: الإنجاز وتقدير الذات

كتب د. حازم قشوع
إذا كانت مسألة التكوين تقوم على ثلاثة مفردات وعنوان الأصول يقوم على أربعة، ودائرة الحماية تقوم على خمسة فإن تمام الإنجاز يقوم على ستة عوامل وهي متصلة، تنقسم لاثنين من العوامل الذاتية وأربعة دوائر موضوعية فإما العوامل الذاتية فهي تقوم على مسألة تقدير الذات واكتساب الثقة والموضوعية منها فإنها تقوم على تحديد البوصلة وبيان التحديات واختيار المسلكيات وتحقيق دوائر الأثر ، وقبل الإبحار في المفردات الموضوعية الأربعة علينا بيان مسألة تقدير الذات واكتساب الثقة للعوامل الذاتية.

وتعتبر مسألة تقدير الذات من العوامل الأساسية الواجب توفرها لتحقيق النجاح والوصول للغايات المستهدفة لاسيما وأن مسألة تقدير الذات هي أحد أهم الدعائم الأساسية لبناء الشخصية كما أنها تعتبر رافعة اساسية لبناء منجز، وهي تنمو عبر تغذية الرصيد المعرفي وتتعزز بالنشاط السلوكي وتتوسع بواقع حواضن الإستجابة عبر الكيان الوجداني .

ويؤثر التقدير الإيجابي أو السلبي على الذات في رسم خطوات بناء الحاضر وترسيم حالة المستقبل بواقع اختلاف منظور الرؤية التي يقف عليها غالبا مسألة ترسيم أبعاد المستقبل كما تشكل انعكاساتها ظلال حقيقية لتشكيل واقع الأثر وبناء مساحات التأثير الخاصة به، كونها تؤثر على طبيعة الخيارات بطريقة مباشرة ونوعية القرارات المتخذة والتي تقود لتحقيق عناوين النجاح أو الفشل.

ولأن الثقة تأتي من باب تقدير الذات ولا تأتي من دونه والعلاقة بينهما هي علاقة متصلة على التوالي فكلما ازدات مستويات تقدير الذات ازدات معها مستويات الثقة وهذا كما ينطبق على الأفراد ينطبق أيضا على المؤسسات، من هنا تأتي أهمية تقدير الذات لتكوين هالة انطباعية يمكن استثمارها والاستفادة بما يجعلها تكون علامة فارقة أو سمة دالة تميز الشخصية، وكما تمتاز بها المؤسسة فى بناء علامة الثقة التي يمكن الاستثمار فيها ومعها عبر تحويل الحقيقة المعرفية إلى علامة ثقة جاذبة ذات دلالة مميزة بما يجعلها قادرة على تشيكل سمة تجارية أو شخصية ريادية.

وهذا يأتي عبر الانتقال بالطور من (أرضية ألاصالة إلى باب الهالة) التي يمكن الاستثمار بها ومعها لغايات ما يعرف بالتسييل البنيوي وهو ما يمكن الوصول إليه عبر هذه المعادلة التي تنطبق على الأشخاص كما تنطبق على المؤسسات والدول والتي تقف على العوامل الخمسة التي تؤدي لرفع مستويات تقدير الذات حيث تبدأ (بمعرفة الميزات وبناء بوصلة توجه وتحدد حواضن الاستجابة وبيان الإهداف وتنظيم ميزان الأداء )، العوامل الخمسة التي توسع مدى القدرة على بناء هالة الثقة والوصول للسمة الدالة وعلامة التميز المستهدفة التي تحقق القبول وتعظم حواضن الطلب كما تعمق عناوين الأثر والتأثير بما يعزز درجة التميز، وتظهر عناوين الريادة وتبين منزلة القيادة وهذا ما يمكن ملاحظته بدرجة التمايز أو التفاوت بين الدول.

هناك دول اسمها بات يشكل علامة ثقة وهناك شخصيات حضورها في المشهد يحقق رافعة للمجتمع، وكما في ميزان العمل وذلك لامتلاكها كاريزما التأثير التي تؤثر على ميزان الثقة فتسمح بولادة مساحات التأثير الواسعة نتيجة الانتشار الأفقي للرسالة التي تحملها كاريزما التأثير وتشكيل درجة النفوذ المستهدفة والوصول لحالة الاستحواذ المبتغاه، وكما أنها تحقق لأصحاب التخصص والإختصاص الدلالة المميزة في الروابط الرأسية لتحقيق المنفعة.

ولأن الوسائل أو السياسات المستخدمة في الانتشار الأفقي تختلف عن تلك المستخدمة بالروابط الرأسي فأن طريقة العمل بين هذه وتلك تكون مغايرة باختلاف آليات الاستهداف فما يمكن الحديث عنه في المسارات النخبوية يختلف بالشكل والمضمون وآليات الاستقطاب عن ما يمكن نشره في المستويات الأفقية وكما أن دوائر الاستهداف تكون مغايرة بالشكل والمضمون بهذه الحالة وهذا ينطبق على بناء قوام الشخصية بحيث تكون قادرة على التفكير الإيجابي وتعمل على غرس محتواها الصحي في بناء ثقافة المجتمع بما يجعله قادرا على التفاعل وبناء أرضية موضوعية تسهم في دعم رسالة البناء الوطني وتحقيق علامة الثقة والوصول إلى شرعية الإنجار.

مسألة التقدير بعواملها الذاتية وحواضنها الموضوعية هي إحدى المسائل العامة في بناء ميزان معرفي جديد لا يسقط على الأفراد بل يسقط على المؤسسات والمجتمعات والدول وهو ما يعرف بالنهج العام المؤسسي بمشروع تقديم حالة الدولة السنوي والذي يتم بموجبه إعادة تكيف العامل الذاتي مع متغيرات الحواضن الموضوعية، فهل يمكن أن نبدأ بتحديد يوم في السنة يتم بموجبه بيان حالة الدولة ويعرف بيوم الإنجاز وتقدير الذات؟.